نُشطاء يشكون من صعوبات “غير مسبوقة” لحضور قمة المناخ بمصر.. بلومبرغ: الاعتمادات محدودة والإقامة مكلفة

عربي بوست
تم النشر: 2022/11/03 الساعة 20:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/11/03 الساعة 20:27 بتوقيت غرينتش
الشرطة المصرية/ GettyImages

قال نشطاء ومنظمات غير ربحية تسعى لحضور قمة تغير المناخ (كوب 27)، التي ستُعقد في مدينة شرم الشيخ الساحلية النائية بمصر، إنهم واجهوا صعوبات غير مسبوقة في الحصول على الاعتمادات والعثور على محال إقامة، مما يمكن أن يحد من تمثيل المجتمع المدني وربما يُعرقل جهود المؤتمر.

حيث قالت وكالة Bloomberg الأمريكية، الخميس 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، إن تلك القيود دفعت الناشطة السويدية المعروفة غريتا ثونبيرغ، التي أعربت عن تضامنها مع سجناء الرأي المصريين، إلى إعلان عدم حضورها للمؤتمر الذي وصفته بأنه "تبييضٌ للسمعة باستخدام المناخ". 

فيما قال نشطاء المناخ في الدول النامية إنهم واجهوا صعوبات مماثلة في الحصول على تمويلٍ للحضور، ومنهم نشطاء باكستان التي تسبب تغير المناخ في فيضانات تاريخية على أراضيها خلال العام الجاري.

نشطاء غائبون عن قمة تغير المناخ

إذ قال برويز علي (19 عاماً)، الناشط الباكستاني من حركة Fridays for Future، الذي استطاع الحصول على اعتماد وتمويل للمشاركة في القمة: "يجب الاستماع إلى الأصوات الحقيقية ومعاناة الأشخاص الحقيقيين من باكستان خلال هذه المرحلة". 

لكن قلة أعداد النشطاء ستؤثر على النتائج، وعلى العملية الحرة والعادلة لمؤتمر المناخ. وإذا لم تسمح للنشطاء الذين يعانون من تداعيات تغير المناخ برواية قصصهم، وإذا كنت ستمنع مشاركتهم؛ فأنت تخفي تلك الحقائق عن العالم".

بينما يقول المسؤولون المصريون إنهم يبذلون جهودهم من أجل ضمان قدرة منظمات المجتمع المدني على المشاركة بصورةٍ فعالة في قمة تغير المناخ. لكن الصعوبات التي يواجهها نشطاء المناخ تقدم لنا لمحةً عن التحديات التي يواجهها النشطاء المحليون عموماً داخل وطنهم بصفةٍ يومية.

إذ يُعتبر التظاهر محظوراً فعلياً في مصر. كما تعمل المنظمات الأهلية وسط بيئةٍ شديدة التقييد بينما يتعرض قادتها للضغوطات الحكومية، والمحاكمات، والسجن أحياناً. واشتدت الحملة على المجتمع المدني منذ استيلاء الرئيس عبد الفتاح السيسي على السلطة عام 2013. 

حيث ألغى المكاسب الديمقراطية الناتجة عن انتفاضات الربيع العربي، وسحق المحتجين بوحشية، واعتقل المعارضين السياسيين، مما جعل النشاط المناخي-كأي نشاطٍ آخر في مصر- مجالاً محفوفاً بالمخاطر، وفقاً لتقريرٍ حديث من منظمة هيومن رايتس ووتش.

مصر تدافع عن موقفها

بينما قال وائل أبو المجد، المُمثل الخاص للرئاسة المصرية في الدورة الـ27 لمؤتمر المناخ، إن الدولة المنظمة ستحرص على مشاركة منظمات المجتمع المدني في كافة أنشطة قمة تغير المناخ باستثناء المفاوضات، التي ستكون متاحةً لمفاوضي الدول فقط. 

كما أوضح أبو المجد في حديثه إلى المراسلين، بشهر أكتوبر/تشرين الأول: "بذلنا كل الجهود الممكنة لضمان وجودهم".

لكن عدد الاعتمادات المتاحة لحضور المؤتمر يعتبر محدوداً للغاية، فضلاً عن أن تكلفة الحضور ستُثني النشطاء الشباب من الدول النامية، وفقاً لحركة Fridays for Future، التي قدرت تكلفة حضور الدورة الـ27 لمؤتمر المناخ بنحو 7000 دولار.

لا يعاني نشطاء الدول الأفقر فقط من أجل الحضور في قمة تغير المناخ. إذ حجز مدير مركز أبحاث غربي غرفةً في فندق من خمس نجوم بشرم الشيخ، ودفع تكلفة الإقامة مقدماً منذ أشهر، ليُفاجأ بإشعارٍ بأن رسوم الغرفة ستزيد أربعة أضعاف بناءً على توجيهات الحكومة.

إذ تحدّث مدير المركز بشرط عدم الكشف عن هويته؛ لتجنب التداعيات، وقال إن منظمته عثرت على مكان إقامة بديل سيسمح لهم بالحضور في قمة تغير المناخ، حتى وإن كان أقل أريحية. كما أفاد بأن بعض معارفه سيعجزون عن الحضور فعلياً بعد رفع الأسعار.

تكلفة الإقامة والتنقل "مرتفعة"

فيما تُنكر السلطات المصرية من ناحيتها أي تدخلٍ لرفع أسعار غرف الفنادق في أثناء قمة تغير المناخ. حيث قال أبو المجد إن الحكومة ستدعم أسعار "بضعة آلاف غرفة" داخل الفنادق والنزل ذات النجمتين والثلاث نجوم. وأوضح: "ستتمتع الغرف بتكلفةٍ منخفضة للغاية؛ حتى نضمن تذليل العوائق التي تمنع الناس من القدوم".

بينما تتجاوز التحديات نطاق الاعتبارات المالية بالنسبة للنشطاء المصريين. إذ تُعتبر مدينة شرم الشيخ الواقعة في شبه جزيرة سيناء، مدينةً مخصصة بشكلٍ شبه حصري للسياح والمؤتمرات. وتبعد المدينة عن العاصمة مسافة 500 كيلومتر بالسيارة، وتحيطها مساحات شاسعة من الصحاري القاحلة، مما يُسهِّل على الحكومة تأمينها ويُصعِّب على النشطاء الوصول إليها.

كما قال عمرو مجدي، الباحث البارز في منظمة هيومن رايتس ووتش، إن الأسابيع القليلة الماضية شهدت توقيف الأشخاص المتجهين إلى شرم الشيخ داخل المطارات والأكمنة الأمنية لاستجوابهم، ثم إجبارهم على أن يعودوا أدراجهم. وليست الأكمنة الأمنية بغريبةٍ على سيناء، لكن نشطاء المناخ يقولون إنها تستهدفهم حالياً.

أوضح مجدي: "يجب أن يتمكن كل مواطن مصري من المشاركة في قمة تغير المناخ، لكن هناك الكثير من القيود". وأضاف أن من سيتمكن من الحضور سيتعرض لمراقبة لصيقة من الأجهزة الأمنية، مما سيعيق قدرته على الحديث بحرية. وأردف: "نشعر بالقلق إزاء المراقبة أثناء القمة، لأن الأجهزة الأمنية تتحكم في كل شيء، بينما تشهد مصر تضييقات شديدة".

مراقبة صارمة للمنظمات الأهلية بمصر

يُذكر أن عدد المنظمات الأهلية المرخصة حكومياً في مصر ضئيل للغاية، لدرجة أن الحكومة أصدرت اعتماداتها دفعةً واحدة لنحو 25 منظمة؛ حتى تتمكن من حضور المؤتمر، بحسب أبو المجد.

كما تخضع المنظمات الأهلية في مصر لتنظيمٍ صارم، ومن المستبعد أن تُعبر المنظمات التي دعتها الحكومة عن أي انتقادات أو معارضة، بحسب مجدي. ولا خلاف على وجود هامش للتسامح مع العمل المناخي، لكن منظمة هيومن رايتس ووتش والنشطاء أوضحوا أن بعض القضايا المناخية الكبرى لا يمكن التطرق إليها. 

تشمل قائمة القضايا الممنوعة: الأمن المائي، والتلوث الصناعي، وأضرار السياحة على البيئة، وأضرار الشركات الزراعية والمشروعات العقارية العملاقة.

فيما قال مجدي: "من المحتمل تقويض نتائج محادثات قمة تغير المناخ لهذا العام في حال غياب المشاركة الحرة والفعالة من المجتمع المدني، وهذا هو ما سيحدث على الأرجح".

تحميل المزيد