تحدثت وثيقة جديدة صادرة عن المفوضية الأوروبية، أن مصر ستشهد "تدفقات كثيفة" من المهاجرين في المستقبل، مع صدور أنباء متجددة عن خطط جديدة لضبط الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط.
عدنا في "عربي بوست" إلى البيانات الدوريّة الصادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لمتابعة ما تُظهره الأرقام من مؤشرات جديدة بهذا الشأن. وتبيّن أن الجنسية المصرية تصدّرت هذا العام قوائم المغادرين إلى إيطاليا، سابقةً الجنسية التونسية للمرة الأولى، مع تسارع كبير في تضاعف الأرقام، بالإضافة إلى ملاحظات أخرى عن أبرز ما تخبره الأرقام، إليك التفاصيل.
المهاجرون المصريون يسجلون رقماً قياسياً جديداً
أظهرت الأرقام ارتفاعاً تاريخياً لأعداد المهاجرين المصريين غير الشرعيين عابري المتوسط، فقد وصل إلى الشواطئ الإيطالية قرابة 11 ألف مهاجر مصري في الأشهر الثلاثة الأخيرة (بدقة: 10961 مهاجراً خلال الأشهر الثلاثة السابقة ليوم 22 سبتمبر/أيلول 2022)، مقابل 3500 فقط خلال الأشهر الثلاثة التي سبقتها (من أبريل/نيسان إلى يونيو/حزيران 2022)، و1621 في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2022.
وبمقارنة أرقام المهاجرين المصريين غير الشرعين للأشهر الثلاثة الأخيرة، ومقابلتها بالعام الماضي، نجد أن أعداد المهاجرين المصريين غير الشرعيين الواصلين لإيطاليا تضاعفت ثلاثة مرات، لتقفز من 3157 في صيف 2021 إلى قرابة الـ11 ألفاً في 2022، وقد سبقت هذا العام أرقام المهاجرين التونسيين التي كانت الأعلى العام الماضي.
ويقول آخر التقارير الصادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الصادر في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2022، إنه منذ بداية العام وحتى الآن كانت مصر هي المُصدّر الأكبر للاجئين والمهاجرين الواصلين إلى الشواطئ الإيطالية، مُحققة نسبة 22% من مجموع الجنسيات الأخرى، وبأعداد قاربت الـ16 ألفاً في الأشهر التسعة الأولى من العام، وبينهم أكثر من ثلاثة آلاف طفل، ممن لا يرافقهم أحد، أيّ أنهم يقومون بالرحلة وحدهم دون حماية أو عناية من شخصٍ بالغ.
ووفقاً للأرقام فإن النسبة الأكبر من المهاجرين المصريين غير الشرعيين تنطلق من شواطئ ليبيا (أكثر من 14 ألف مهاجر لهذا العام)، ليكونوا الجنسية الأعلى خروجاً من ليبيا لهذا العام، ومن ثم قرابة 1500 مهاجر مصري انطلقوا من شواطئ تركيا.
ووفقاً لتقرير المفوضية، فإن العديد من المصريين- بما في ذلك نسبة كبيرة من الأطفال المسافرين وحدهم- أفادوا بأنهم غادروا بلادهم بسبب انعدام الفرص على الصعيد الاقتصادي.
ويتوافق ذلك مع الشهادات التي نقلها موظفو المفوضية عن الواصلين من مصر في عام 2021، الذين أحالوا سبب مغادرتهم بلادهم إلى الصعوبات الاقتصادية التي يواجهونها، وكذلك زيادة صعوبة الوصول إلى الخدمات الصحيّة من خلال النظام الصحي الوطني المصري، وقالت المفوضية إن عام 2021 شهد وصول نسبة كبيرة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، من يحتاجون لرعاية طبية عند الوصول لشواطئ إيطاليا.
وتنوّعت مسارات هجرة المصريين، سواء بالطائرة، من القاهرة والإسكندرية حتى بنغازي ومنها بالبحر إلى إيطاليا، أو عبر الحدود المصرية الليبية من منطقة السلوم.
وجديرٌ بالذكر أن وفد الاتحاد الأوروبي في القاهرة صرّح حديثاً بخبرِ توقيع التكتل اتفاقاً مع مصر بشأن برنامج إدارة الحدود الذي وصلت قيمته لـ80 مليون يورو، وفقاُ للبيان الصادر عن الوفد في 30 أكتوبر/تشرين الأول 2022.
وجرى التوقيع على اتفاقية المرحلة الأولى من المشروع، بتكلفة 23 مليون يورو، خلال زيارة قام بها مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الجوار والتوسع، أوليفر فارهيلي، للقاهرة.
ووفقاً لوثيقة نشرتها مفوضية الاتحاد الأوروبي، في شهر أكتوبر/تشرين الأول، فإن المشروع يهدف لمساعدة حرس الحدود وخفر السواحل في مصر، لضبط الهجرة غير الشرعية، لاسيما أن مصر يتوقع لها أن تشهد "تدفقات كثيفة" من المهاجرين على المدى المتوسط إلى الطويل، بسبب عدم الاستقرار الإقليمي وتغير المناخ والتحولات الديموغرافية، وتراجع الفرص الاقتصادية.
ارتفاع عام في قوارب الهجرة
شهدت نسب الهجرة غير الشرعية عبر المتوسط إلى إيطاليا ارتفاعاً عاماً هذا العام، وقد تضاعفت أرقام المهاجرين المسجلة في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام بنسبة 55%، زيادةً عن مقابلها من العام الماضي.
ومن أول عام 2022 حتى 30 سبتمبر/أيلول، تصدّرت الجنسية المصرية قائمة المهاجرين غير الشرعيين الواصلين إلى إيطاليا، سابقةً تونس بذلك لأول مرة منذ سنوات.
تأتي بعدها الجنسية التونسية في أرقام الهجرة غير الشرعية، بنسبة 20% من مجموع الواصلين إلى الشواطئ الإيطالية، وينطلق معظمهم من شواطئ تونس نفسها.
والمرتبة الثالثة تذهب للمهاجرين البنغلاديشيين بنسبة 15.4%، ثم يأتي المهاجرون السوريون بنسبة 8.1%، أي ما يصل إلى قرابة الـ6 آلاف شخص، وقد انطلق قرابة نصفهم من ليبيا، و28% منهم من شواطئ لبنان، وتظهر البيانات عودة أرقام هجرة السوريين إلى الارتفاع مجدداً، ولا سيما في شهر سبتمبر/أيلول 2022.
ثم تأتي جنسيات المهاجرين على التوالي من الأعلى للأقل: الأفغان، ثم مهاجرو ساحل العاج، ثم إريتريا وغينيا وباكستان والعراق والكاميرون والجزائر والسودان ونيجيريا وغامبيا ومالي والمغرب وإثيوبيا وغانا وليبيا والصومال والسنغال وسيراليون وآخرون.
كما سجّل لبنان هذا العام مكانه بين مرتبة الدول التي تنطلق منها قوارب الموت، فقد وصل منه هذا العام 1543 مهاجراً غير شرعي بطريقٍ يبدأ من الشواطئ اللبنانية وينتهي بالشواطئ الإيطالية، مقابل 80 فقط من الفترة نفسها عام 2021، وبذلك تكون قد سبقت معدلات الهجرة من الجزائر لهذا العام.
كما وصلت القوارب من الشواطئ السورية هذا العام أيضاً، حاملةً 238 مهاجراً غير شرعي في الأشهر التسعة الأولى هذا العام، مقابل عدم تسجيل أحد في 2021.