يغير حزب الله من أدائه الداخلي في إطار المراجعات التي يجريها داخل بنيته التنظيمية وخطابه السياسي، ويعكف على إطلاق وثيقة سياسية جديدة تتناسب مع مقتضيات المرحلة، وتحديداً عقب ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، والذي واكبه الحزب سياسياً وعسكرياً، وأعطى رأيه به بكل التفاصيل.
وبحسب المتابعين، فإن الحزب وبعد إنجاز ملف ترسيم الحدود سيركز جهوده على الملفات المحلية، وهذا يتضح في كلام الأمين العام للحزب حسن نصر الله، الذي قال: "المهمة أُنجزت". وبالتالي فإن دوره محفوظ، وسلاحه أيضاً، ولا حاجة لإثارة ملف السلاح على صعيد خارجي، ما دام أنه لن يكون فاعلاً في هذه المرحلة، خصوصاً أن الاستقرار هو عنوان المرحلة القادمة.
لقاء نصر الله- باسيل
وعلى بعد أيام من انتهاء عهد الرئيس ميشال عون، والدخول في شغور رئاسي قد يمتد لأشهر، وفي ظل عدم التوصل إلى صيغ توافقية بين عون ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، مع التيار الوطني الحر، والذي لا يزال يرفع شروطه بوجه ميقاتي لناحية الأسماء والحقائب الوزارية التي يرفضها ميقاتي.
بادر حزب الله للدخول على الخط، عبر دعوة وجَّهها الأمين العام للحزب حسن نصر الله لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، للقاء جرى مساء الأربعاء، بعيداً عن الإعلام، وجرى خلال اللقاء نقاش مستفيض حول ملفات شائكة وعاجلة.
جاء هذا اللقاء عشية زيارة المبعوث الأمريكي لشؤون أمن الطاقة آموس هوكشتاين، لتوقيع اتفاق الترسيم البحري مع إسرائيل، وبحسب معلومات حصل عليها "عربي بوست" من مصدر مطلع على حيثيات اللقاء، فإن أمين عام الحزب أكد لباسيل على التالي:
أولاً رفض الحزب افتعال أي أزمة داخلية شعبية تؤدي إلى انفلات الشارع والاحتكاك مع القوى السياسية، وأن انتهاء العهد الرئاسي للرئيس عون يجب أن يترافق مع حالة استقرار سياسي تمهد لمرحلة جديدة، من الضروري أن يكون الحزب والتيار جزءاً أساسياً منها، لذا فإن نصر الله شدد لباسيل على عدم تغطية الحزب لأي أزمة ميدانية بشكل نهائي.
يشدد المصدر أن نصر الله أكد لباسيل انزعاج الحزب من تأخير الوصول إلى صيغ تشكيل الحكومة والاستمرار برفع شروط تعجيزية، وشدد على حرص الحزب على أن يتنازل طرفا النزاع في تشكيل الحكومة المعلقة بين باسيل وميقاتي، وأن الحزب رغم انزعاجه من تعنت الطرفين وشروطهما المرفوعة فإنه لا يزال حتى اللحظة متمسكاً بمبادرته التي أطلقها لتذليل العقبات في عملية تشكيل الحكومة.
وبحسب المصدر فإن نصر الله شرح لباسيل أهمية الحكومة لتمرير العديد من الملفات التي تراعي احتياجات الناس، وخطورة الدخول في فراغ دستوري قد تستغله أطراف لتمرير مشاريع سياسية أخرى، ولأن وضع البلد لا يحتمل، ولأن ذلك ستكون له تبعات خطيرة على الوضعين الأمني والاجتماعي.
مدى جدية باسيل لتشكيل الحكومة
يشير المصدر إلى أن نصر الله تساءل في الجلسة عن مدى جدية باسيل لتشكيل حكومة من رفعه لمطالب وشروط، فيما لا يريد منح الثقة للحكومة، فلماذا يطالب بحصّة وزارية من الأساس، ووفقاً للمصدر فإن الجانبين اتفقا على استمرار الجهود بذلك عبر اللجنة المتابعة بين الطرفين، والتي تتواصل مع ميقاتي أيضاً.
بالإضافة إلى أن نصر الله أكد لباسيل على أمر واضح، وهو عدم القدرة في الوقت والظرف الحالي على طرح تعديلات في جوهر النظام السياسي، وعدم الذهاب إلى فراغ أو فوضى دستورية، والتي ستذهب إلى فتح ملفات تتعلق بأطروحات تعديلات للدستور أو تغيير النظام، مشدداً على ضرورة القبول باتفاق الطائف بوابة استقرار وحماية دستورية وسياسية للبنان في الوقت الحالي، ولأن لا مجال للبحث به، إنما الحفاظ عليه يؤدي إلى الحفاظ على الاستقرار وعلى العلاقات بين المكونات. وهذا عنصر من شأنه أن يعمل على تهدئة الداخل وعدم استفزاز الخارج.
وشهدت المناقشات بين باسيل ونصر الله، بحسب المصدر المطلع، حوارات مستفيضة حول ملف رئاسة الجمهورية؛ إذ اتفق الطرفان على عقد اجتماع ينضم إليه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، لإيجاد صيغ مشتركة قد تتيح انتخاب الأخير رئيساً للجمهورية، وبحسب المعلومات فإن باسيل لا يزال مصراً على موقفه من حيث الرفض المطلق للسير بفرنجية، انطلاقاً من ثابتٍ رئيسي أن فرنجية كان مساهماً مع كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، في إفشال عهد الرئيس عون، والمسؤولية عن الأزمات المفتعلة منذ سنوات.
وقد كان أمين عام الحزب واضحاً في ضرورة إعادة توحيد المواقف بين الحلفاء، وعقد اجتماعات مفتوحة لقوى وأحزاب فريق 8 آذار، لإعادة اللُّحمة لهذا الفريق، وبحسب المعطيات فإن الحزب سيظل مصراً على إقناع باسيل بالسير بفرنجية، أو فإن الحل يكمن في إيجاد حلول أخرى كالاتفاق على شخصية أخرى تحظى باتفاق معظم القوى السياسية، ويشير المصدر أن دوراً سيلعبه رئيس النظام السوري بشار الأسد لمساعدة الوصول إلى اتفاق حول فرنجية.