أدَّت موجة من الروس الفارين من التعبئة العامة للقتال في أوكرانيا إلى زيادة التضخم في البلدان المجاورة، علاوة على ارتفاع متوقع في أسعار السلع على المستهلكين داخل هذه البلدان بفعلِ الضغوط على سوق العمل المحلي فيها.
وكالة Bloomberg الأمريكية، قالت، الأربعاء، 26 أكتوبر/تشرين الأول 2022، إن كازاخستان جاءت من بين هذه البلدان، التي سرعان ما صارت وجهة أقبل عليها الروس؛ لأن دخولهم إليها لا يحتاج إلى تأشيرة، وهي تشارك روسيا أطول حدود برية بالعالم، غير أنها شهدت على أثر ذلك ما أطلق عليه البنك المركزي بالبلاد "صدمة ناجمة عن تزايد الهجرة".
وأشارت بيانات البنك المركزي الكازاخستاني في بياناته الصادرة يوم الأربعاء، 26 أكتوبر/تشرين الأول، إلى تأثير عوامل أخرى على صلةٍ بروسيا، منها ارتفاع قيمة الروبل، فقد أفضى ذلك إلى تعزيز التوقعات بارتفاع التضخم، ومن ثم الاضطرار إلى رفع أسعار الفائدة ارتفاعاً أكبر من المتوقع.
كما أضاف البنك المركزي الكازاخستاني أن هذه العوامل، وإن كان من المحتمل أن تكون قصيرة الأجل، "فإنها زادت من مخاطر الوقوع في تداعيات أخرى غير مباشرة، بسبب تأثيرها المباشر على توقعات [ارتفاع] التضخم".
زيادة على طلب السلع في جورجيا
أمَّا في جورجيا، فقد ترك صانعو السياسات المالية أسعار الفائدة دون تغيير يوم الأربعاء، إلا أنهم أشاروا إلى زيادة عامة في الطلب على السلع، لأن الحرب والعقوبات على روسيا أدت إلى "زيادة كبيرة في تدفقات الهجرة".
من جهة أخرى، فإن التأثير التضخمي لقرار التعبئة العامة في روسيا لم يتضح على الفور، فقد أدت التعبئة إلى ضغوط شديدة الوطأة على الموارد المالية للأسر، وألجأت كثيرين إلى التوفير [ومن ثم انخفاض التضخم]، إلا أن زيادة معدل البطالة إلى مستوى غير مسبوق، والنقص القائم بالفعل في القوى العاملة من العمال الشباب، ثم القرار بتجنيد 300 ألف جندي احتياطي، كلها عوامل قد تُفضي إلى رفع الأجور، في ظل اشتداد المنافسة على التشغيل بين أرباب العمل.
من جانبهم، قال اقتصاديون في "بنك روسيا"، إن هروب الشركات الأجنبية من السوق الروسية في أعقاب الحرب على أوكرانيا قد تسبَّب في زيادة الضغوط المُفضية إلى التضخم ونقص الإمدادات من المنتجات الاستهلاكية الرئيسية.
هجرة مؤقتة
قد تكون الصدمة الناجمة عن تزايد الهجرات الروسية إلى دول الجوار مؤقتة؛ لأنها مدفوعة في المقام الأول بحالة عامة من عدم اليقين والمخاوف بشأن شروط الاستدعاء للتعبئة العامة الصادر في سبتمبر/أيلول.
وإحدى العلامات على ذلك أن كازاخستان شهدت وصول أكثر من 200 ألف شخص من روسيا منذ إعلان بوتين عن التعبئة، لكن ما يقدّر بنحو 147 ألفاً منهم غادروا البلاد بالفعل.
في الوقت الحالي، أدى التوافد على كازاخستان إلى ارتفاع أسعار الإيجارات وزيادة تكاليف المعيشة على السكان المحليين. علاوة على أن عضوية كازاخستان في اتحاد جمركي تقوده روسيا سهَّلت من زيادة الروس لودائعهم المصرفية فيها أربعة أضعاف، لتصل إلى نحو 1.4 مليار دولار هذا العام.