أظهر الكرملين توجهاً جديداً يهدف إلى إعطاء دفعةٍ أخرى للحرب في أوكرانيا، ويقوم على جعلِ عوام الناس في روسيا يشعرون بوطأة الحرب قدر الإمكان، وبأن الحرب تتطلب مشاركة من الجميع.
موقع The Daily Beast الأمريكي قال الأحد 23 أكتوبر/تشرين الأول 2022، إن الكشف عن ذلك جاء في خطاب ألقاه سيرغي كِرينكو، النائب الأول لرئيس الإدارة الرئاسية الروسية، السبت 22 أكتوبر/تشرين الأول 2022، أمام مؤتمر وطني للمعلِّمين.
كرينكو قال إن الحرب التي كان الكرملين يصر حتى وقت قريب على أنها ليست سوى "عملية عسكرية خاصة"، يجب أن تصير "حرباً للشعب" كله.
أضاف أنه "لطالما كان النصر حليف روسيا في أي حرب إذا صارت تلك الحرب [حرباً] للشعب كله، لا شك في أننا سننتصر في هذه الحرب: الحرب العسكرية (المحتدمة)، والحرب الاقتصادية، والحرب النفسية والمعلوماتية التي تُشن علينا".
اعتبر أن "الانتصار يستلزم أن تصير حرباً للشعب في المقام الأول، بحيث يشعر كل شخص بأن له دوراً فيها، ويُتاح لكل واحد منا الفرصة للإسهام في انتصارنا جميعاً".
جاءت تصريحات كرينكو بعد مقتل عشرات من الجنود الروس الذين حُشدوا حديثاً للقتال، كذلك في وقت تستعد القوات الروسية الآن للانسحاب بجنودها والمدنيين من مدينة خيرسون الأوكرانية، وتحثُّ سكان المناطق الحدودية مع أوكرانيا على إعداد الملاجئ بدعوى أنهم معرضون لتهديد الحرب في روسيا نفسها.
استدعت تصريحات كرينكو بعض الدهشة والمعارضة الضمنية على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ أشار كثيرون إلى أن هذه أول مرة تتخلى فيها الإدارة الرئاسية عن تعبيرها الملطَّف الذي تستخدمه عادة: "العملية الخاصة"، وأشار آخرون إلى أن ملايين الروس قد فروا بالفعل من البلاد؛ احتجاجاً على الحرب.
كذلك، وفي الوقت الذي أدلى فيه كرينكو بتصريحاته، كشفت السلطات الروسية في مدينة بيلغورود الواقعة على الحدود مع أوكرانيا، أنها أقامت حواجز خرسانية بدعوى حماية المدينة من الأوكرانيين.
زعمت تقارير إعلامية متعددة في روسيا أن السلطات المحلية بدأت بإعداد الملاجئ في المدارس والمستشفيات.
كما نقل موقع The Daily Beast الأمريكي عن مراقبين، وصفهم للخطوات الروسية بأنها تحركات مصطنعة لبث المخاوف بين الروس، بأن بلادهم معرضة لهجوم على سكانها وعاصمتها.
تأتي تلك الحملة بعد شهر واحد من إعلان الرئيس الروسي عن التعبئة العامة لعشرات الآلاف من المواطنين للقتال في المعارك مع أوكرانيا، وقد كشف إحصاء صادر عن موقع Mediazona الروسي المستقل وشبكة BBC البريطانية، عن مقتل أكثر من 41 جندياً من الجنود الروس الذين حشدتهم السلطات الروسية خلال الأسابيع الماضية.
كان من بين القتلى الروس، بعض الجنود الذين يُصنفهم القانون الروسي نفسه بأنهم غير مؤهلين للتجنيد، مثل المواطن تيمور إزمايلوف، الموظف في بنك Raiffeisenbank، والذي استُدرج إلى زيارة مكتب التجنيد العسكري المحلي، ثم تُوفي بعد 6 أيام من الدفع به إلى جبهة القتال مع أوكرانيا.
على الرغم من ذلك، أصر كرينكو على أن "أهم معركة" لروسيا الآن هي "معركة الفوز بتأييد الشباب".
كانت الاستخبارات الأوكرانية قد نشرت تسجيلاً صوتياً لجندي روسي يتحدث إلى أمه من جبهة القتال مع أوكرانيا، ويقول لها إن المزاعم بأن الحرب على أوكرانيا "حرب الشعب" ليست إلا "ادعاءات سخيفة".
أضاف الجندي الروسي: "إنهم في غاية الغباء. وأنا في حيرة من أمرى. إذا استمرت الأمور على هذه الحال، فإن نصف البلاد سيُسجن ونصفها الآخر إلى الحرب".
يُذكر أنه منذ 24 فبراير/شباط 2022، تشن روسيا هجوماً عسكرياً على جارتها أوكرانيا، ما دفع عواصم- في مقدمتها واشنطن- إلى فرض عقوبات اقتصادية مشددة على موسكو.