مؤسس “فاغنر” يدافع عن نفسه “سراً” ضد العقوبات الغربية.. وظف عشرات المكاتب القانونية حول العالم

عربي بوست
تم النشر: 2022/10/21 الساعة 17:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/10/21 الساعة 17:22 بتوقيت غرينتش
يفغيني بريغوجين، المعروف بطباخ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين - Getty Images

قال موقع The Intercept الأمريكي، في تقرير نشره الأربعاء 19 أكتوبر/تشرين الأول 2022، إنه رغم تصدي يفغيني بريغوجين، رجل الأعمال الثري والمقرب من فلاديمير بوتين، بشراسة، لتقارير عن صِلاته بمجموعة فاغنر الروسية، فإن وثائق تم الكشف عنها مؤخراً تثبت أنه استعان بمحامين دوليين للطعن ضد العقوبات الغربية التي طالته.

موقع The Intercept الأمريكي كشف عن عدد كبير من رسائل البريد الإلكتروني والوثائق المخترقة، التي توضح لأول مرةٍ تفاصيل العلاقة وراء الكواليس بين فريق بريغوجين القانوني في روسيا والعديد من شركات المحاماة البريطانية والأمريكية التي عملت نيابة عنه للطعن في العقوبات، والدفاع عنه ضد الملاحقة القضائية الأمريكية، وتشويه الصحفيين الذين يحقِّقون في أعماله الخفية، ومقاضاة إليوت هيغينز، مؤسس الموقع الاستقصائي Bellingcat. 

مؤسس "فاغنر" يقاضي مهاجميه

في وقت سابق من عام 2022، اتخذ محامو هيغنز إجراءات ضد الشركة البريطانية التي رفعت ضده دعوى بالتشويه نيابةً عن بريغوجين. وفي شكوى إلى هيئة تنظيم المحامين في المملكة المتحدة، اتهم هيغنز الشركة، Discreet Law LLP، برفع دعوى قضائية استراتيجية ضد المشاركة العامة، وهي التقاضي الذي يهدف إلى ترهيب أو فرض الرقابة على المنتقدين لإسكاتهم من خلال تحميلهم تكاليف الدفاع عن أنفسهم في المحكمة. وأخبر هيغنز موقع The Intercept بأن رسائل البريد الإلكتروني المخترقة تعزز موقفه. 

يفغيني بريغوجين، المعروف بطباخ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين/ منصات التواصل

في حين أن الاعتماد على مكاتب المحاماة الأجنبية ليس بالأمر غير المعتاد أو غير القانوني بالنسبة إلى الأوليغارشية الروسية ذات المصالح التجارية العالمية، فإن رسائل البريد الإلكتروني والوثائق ترسم الصورة الأكثر تفصيلاً حتى الآن لشخصية معروفة ولكن أنشطتها خفية، عمل مع المحامين لتطهير سمعته المتدهورة كأمير حرب روسي. 

لكن بينما كان يحيط نفسه بفرق من المستشارين القانونيين، سعى بريغوجين في بعض الأحيان إلى القيام بالأشياء بطريقته الخاصة. تتضمن الوثائق التي اختُرقَت، على سبيل المثال، مسودة خطاب مطول كتبه بريغوجين إلى الرئيس السابق دونالد ترامب يحثه على تعيين المستشار الخاص السابق روبرت مولر لتولي القضية التي رُفِعَت ضد إحدى شركاته التي اتهمها المسؤولون الأمريكيون بالتدخل في الانتخابات، حتى يتمكن بريغوجين من مواجهة مولر شخصياً في المحكمة وتبرئة اسمه (أسقط المدعون القضية في وقت لاحق). 

سلسلة من الاختراقات ضد شركات روسية 

كُشِفَت الوثائق ورسائل البريد الإلكتروني في سلسلة من الاختراقات ضد أكثر من 50 شركة ووكالة حكومية روسية بعد الغزو هذا العام، فيما يبدو أنه أكبر اختراق تراكمي لدولة قومية حدث على الإطلاق. تضمنت الشركات التي اختُرِقَت رسائلها الإلكترونية ووثائقها شركة محاماة روسية كبرى تمثل بريغوجين، وهي Capital Legal Services، ولها مكاتب في موسكو وسانت بطرسبرغ بروسيا وهلسنكي بفنلندا. ولم يعثر موقع The Intercept على أي دليل رقمي على التلاعب أو التزوير في رسائل البريد الإلكتروني. 

كذلك ومع تصاعد غزو بوتين لأوكرانيا إلى صراع استمر شهوراً مع عشرات الآلاف من الضحايا، لعبت مجموعة فاغنر دوراً رمزياً واستراتيجياً، في بعض الأحيان، في دعم حرب بوتين مع الآلاف من المرتزقة. 

يعتقد المسؤولون الأوروبيون أن ما يزيد على 20 ألف مرتزق نُشِروا لدعم الحرب الروسية في الأشهر الأولى من الغزو، وضمن ذلك المقاتلون الذين جندتهم مجموعة فاغنر في سوريا وليبيا، حيث تعمل منذ فترة طويلة. يُعتقد أن مرتزقة فاغنر كانوا وراء سلسلة من الهجمات في شرق أوكرانيا قبل الغزو، بهدف إعطاء روسيا ذريعة للهجوم. منذ الغزو، اتهم المسؤولون الأوكرانيون مرتزقة فاغنر بارتكاب جرائم حرب، إلى جانب الجنود الروس، وضمن ذلك قتل المدنيين في بوتشا. وتكبد مرتزقة فاغنر خسائر في أوكرانيا، وضمن ذلك بعد أن ضربت صواريخ قدمتها الولايات المتحدة إحدى قواعد المجموعة بمنطقة لوغانسك في أغسطس/آب. 

يفغيني بريغوجين رجل الأعمال الروسي/ الغارديان

التحقيق في أنشطة مؤسس "فاغنر"

كان بريغوجين معروفاً منذ فترة طويلة للمسؤولين الأمريكيين والأوروبيين، الذين حققوا في أنشطته، وضمن ذلك التدخل في الانتخابات الأمريكية عام 2016 من خلال تمويل وكالة أبحاث للإنترنت. في عام 2018، كان من بين الأفراد والشركات الذين وجهت إليهم هيئة محلفين فيدرالية اتهامات بالتآمر فيما يتعلق بالتدخل في الانتخابات. بعد ذلك بعامين، وقبل أسابيع فقط من إحالة القضية إلى المحاكمة، أسقط المدعون التهم الموجهة إلى اثنتين من شركات بريغوجين. لكنه لا يزال يواجه اتهامات. قبل الغزو الشامل لأوكرانيا، كان بريغوجين يخضع لعقوبات في الولايات المتحدة بسبب هذا التدخل، وفي أوروبا بسبب تورط فاغنر في الصراع بليبيا. 

مع ذلك، وحتى وقت قريب، كان بريغوجين ينفي دائماً أي تورط مع فاغنر، وحتى وجود المجموعة. تقدم رسائل البريد الإلكتروني التي راجعها موقع The Intercept تفاصيل جديدة حول المدى الذي استغرقه محاموه في هذا الإنكار، والنظر في الدعاوى القضائية ضد مجموعة من المنشورات، والسعي للطعن في التقارير التي ربطته بـ"فاغنر". 

الحصول على آلاف الرسائل

تتضمن رسائل البريد الإلكتروني التي راجعها موقع The Intercept، اتصالات بين ممثلي بريغوجين في شركة Capital Legal Services، أحد أهداف الاختراق، وشركات المحاماة الأوروبية والأمريكية التي تتعامل معها. كان هناك نحو 360 ألف رسالة بريد إلكتروني من الشركة في البيانات التي اختُرِقَت، وضمن ذلك العديد من رسائل البريد الإلكتروني بين الشركة وشركة Discreet Law البريطانية، والتي وظفها ممثلو بريغوجين لرفع دعوى تشهير ضد هيغنز، مؤسس موقع Bellingcat. كان هذا الموقع من أوائل المنشورات خارج روسيا التي كشفت عن علاقات بريغوجين بالكرملين، مما أكسب بريغوجين اهتماماً غير مرغوب من مسؤولي العقوبات. 

مقاتلوا الفاغنر أعدادهم تضاعفت من العشرات إلى المئات وقريباً قد تصل إلى الآلاف في ليبيا/ مواقع روسية

استخدم بريغوجين شركة من أجل مقاضاة هيغنز شخصياً، بعد أن نشر موقع Bellingcat تحقيقاً متعدد الأجزاء في عام 2020 عنه وعن أعماله، وشارك هيغنز التغطية في سلسلة تغريدات على منصة تويتر. 

أما في مارس/آذار 2022، وبعد شهر من الغزو الروسي لأوكرانيا، فسعت شركة Discreet Law إلى الانسحاب من تمثيل بريغوجين، وفي مايو/أيار 2022، رفضت المحكمة دعوى بريغوجين ضد هيغنز بعد أن فشل في العثور على شركة أخرى لتمثيله. 

كذلك وفي بيان صدر في مايو/أيار، رحب محامي هيغنز، ماثيو غوري، بقرار المحكمة رفض دعوى بريغوجين القضائية، التي رُفِعَت في عام 2021، لكنه حذر من الضرر الذي تسببه الشركات لتمكين العملاء مثله من إسكات التقارير الأساسية. 

كتبت غيزيل دافيرات، المتحدثة باسم Discreet Law، في بيان إلى موقع The Intercept: "من المعروف أن هذه الشركة عملت نيابة عن السيد بريغوجين في إجراءات تشهير ضد السيد هيغنز قبل انسحابنا من الإجراءات". 

استهداف صحفيين 

تُظهِر الوثائق التي استعرضها The Intercept، أنه قبل إسقاط القضية، وضع المحامون في Discreet Law استراتيجية مع موكلهم حول كيفية استهداف هيغنز دون التعارض مع البروتوكولات. 

في رسائل البريد الإلكتروني الأخرى، ناقش محامو Discreet Law قضية هيغنز، وأوصوا في مرحلة ما بالتحقيق في أصوله الشخصية في حالة فوز بريغوجين بقضية التشهير المرفوعة ضده، مما أجبر هيغنز على دفع تعويضات. 

كذلك وفي رسائل البريد الإلكتروني، يصف محامو بريغوجين موكلهم بأنه صعب في بعض الأحيان ونافد الصبر، ويركز على التغطية الإعلامية لنفسه وينشغل بشكل خاص، بـ"إدارة السمعة". بدا بريغوجين مهتماً، بشكل خاص، بالتغطية الإعلامية التي يعتقد أنها شكلت الأساس للعقوبات المفروضة ضده. 

مجموعة من مرتزقة روس يتبعون شركة
مجموعة من مرتزقة روس يتبعون شركة "فاغنر" الأمنية/ مواقع روسية

من ناحية أخرى يبدو أن الرغبة في السيطرة على السردية المحيطة به قد جعلت محامي بريغوجين في روسيا على خلاف مع محاميه بالمملكة المتحدة في أكثر من مناسبة. اشتبك ممثلوه مع Discreet Law، بسبب نفاد صبره للإدلاء بتصريحات علنية حول الدعوى المرفوعة ضد هيغنز، حيث أشار بافل كاربونين، من شركة Capital Legal Services، إلى أنه سيصاب بخيبة أمل كبيرة إذا لم يستطع قول أي شيء.

حيث كتب كاربونين في 13 أغسطس/آب 2021: "نحن نتفهم أنك تفضل أن يظل العميل صامتاً حتى تُرفَع الدعوى، ولكن قد لا يكون ذلك ممكناً". 

أضاف: "سأبلغ العميل أن من الضروري الامتناع عن أي معلومات عامة بخصوص نموذج الدعوى". وافق كاربونين في النهاية، بعد أن قال المحامون إن لديهم نافذةً مدتها أربعة أشهر، بين تقديم الدعوى الأولية والوقت الذي يُخطَر فيه هيغنز بها، ويمكن الإعلان عن الدعوى. وقال كاربونين: "ومع ذلك، أنا متأكد من أنه لن يقبل أن تُعَد تفاصيل الدعوى وتقديمها في غضون 4 أشهر. إنه نافد الصبر في ما يتعلق بالوقت الضائع المحتمل ويطلب النتيجة المرئية علانية في أسرع وقت ممكن. دعونا نفكر في كيفية تسريع العملية وتحضير التفاصيل وتقديمها في فترة أقصر".

تحميل المزيد