أثارت زيارة رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية لمخيم جنين وتقديمه العزاء بشهداء المخيم وسط جمع من المقاتلين، وعلى رأسهم أبو رعد حازم، عدة تساؤلات حول ما إذا حملت الزيارة تغيراً في موقف السلطة حيال المقاومة المسلحة الآخذة بالتصاعد في الضفة الغربية.
مشهد وقوف أشتية متوسطاً عدداً من المسلحين أبرز حالة تناقض، ففي حين يؤكد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مراراً رفضه للمقاومة المسلحة، وتعمل أجهزته الأمنية على ملاحقة المقاومين واعتقالهم كما حدث مع المطارد مصعب أشتية في نابلس، يأتي هذا المشهد ليخالف الإجراءات المعلنة من قِبَل السلطة.
ويرى مراقبون أن خطوة أشتية جاءت كدلالة على ضعف السلطة، وإدراكها أن البساط يسحب من تحت أقدامها لصالح قيادة جديدة تحظى بإجماع الرأي العام الفلسطيني.
ويقول المحلل السياسي عصمت منصور لـ"عربي بوست" إن زيارة أشتية تُظهر أن سياسة السلطة تتجه للتقارب واحتواء المسلحين وليس الصدام معهم؛ كونهم باتوا يشكلون ظاهرة تستحوذ على وجدان الشارع الفلسطيني.
ورأى منصور أن من مصلحة السلطة التقرب من المقاومة المسلحة، لكنه في ذات الوقت اعتبر أن خطوة رئيس الوزراء لا تعكس أي تغير جذري في موقف السلطة، وأنها انتقلت لجبهة المقاومة، مفسراً خطوة كهذه بتحرك للسلطة كي لا تصبح منفصلة كلياً عن الشارع الفلسطيني.
ولاقت كلمة أشتية صدى واسعاً بين الفلسطينيين، خاصة ما برز من مشهد نادر تمثل بوقوفه أمام المسلحين.
واعتبر مغردون الزيارة بمحاولة السلطة تجميل صورتها في وقت تتهاوى فيه أمام الإجماع الشعبي على المقاومة المسلحة والسخط على تحركات السلطة لوقف هذا النوع من المقاومة.
وأوضح منصور أن خطوة كهذه تلاقي ارتياحاً عند الرأي العام، لكن إذا لم تتبعها خطوات أخرى لبناء حالة تقارب مع الفصائل ومظلة سياسية موحدة فإنها ستبقى بلا أثر.
ومنذ انطلاق شرارة العمليات المسلحة ضد الاحتلال في الضفة، برزت شخصية أبو رعد حازم، وخطاباته الوحدوية التي التفَّ حولها الشارع الفلسطيني إلى حد وصف فيه الكثير من الفلسطينيين أبو رعد بالقائد الشرعي لهم.
ووفقاً لذلك، يرى المحلل السياسي عصمت منصور أن وقوف أشتية بجانب أبو رعد الذي انتقد السلطة علناً، يخدم الأخيرة، نظراً لكم التقدير الذي يحظى به بين الفلسطينيين، مبيناً في ذات الوقت أنه لو كانت السلطة تريد أن تغير موقفها لكانت جمعت الفصائل وخلقت حالة موحدة وعززت أوراقها، إلا أنها تريد أن تكسب الوقت كي لا تصبح خارج السرب وتضعف بشكل عام وكلي.
بينما اعتبر مسؤولون في حركة فتح أن زيارة أشتية أظهرت وقوف الشارع الفلسطيني مع قيادته، حتى بالنسبة للمسلحين الذين كانوا على خلاف مع حركة فتح في محطات عدة.
ورأى مسؤول فضَّل عدم كشف اسمه، أن الزيارة بعثت برسالةِ وحدةٍ ووقوف في صف واحد بين الفلسطينيين وقيادتهم، وأن حركة فتح لم تُسقط السلاح كما يتهمها البعض.
غضب إسرائيلي
على الصعيد الإسرائيلي، حملت زيارة أشتية التي وصفت بالمفاجأة عدة تفسيرات محللين ومراقبين في الإعلام العبري.
وقال الصحفي الإسرائيلي جاك خوري إن خطوة أشتية مفاجئة، في ظل ضغوط إسرائيل على السلطة الفلسطينية للتحرك ضد المسلحين في جنين ونابلس.
ونقلت صحيفة هآرتس العبرية عن محللين قولهم إن الزيارة جاءت كمحاولة من قِبَل قيادة فتح لتقويض شعبية حماس والجهاد الإسلامي في المنطقة.
في حين وصف الضابط السابق في جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، يوني بن مناحيم، وصف زيارة أشتية بـ"احتضان الإرهاب".
وقال منصور إن الزيارة اعتبرت في الأوساط الإسرائيلية وكأنها نوع من الصفعة للجهود العسكرية لمحاصرة المسلحين وعزلهم عن الشارع والاستفراد بهم.