تستعد الجزائر "بشكل غير مسبوق" لاستقبال الوفود المشاركة في قمة الجامعة العربية المرتقبة في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني 2022، حيث تجري التحضيرات وسط تحديات لوجستية وأخرى أمنية، فيما تعد الترتيبات المرتبطة بمشاركة العاهل المغربي الملك محمد السادس المحتملة، أحد أكبر التحديات وسط العلاقات المتوترة بين الجارتين.
بحسب مجلة Jeune Afrique الفرنسية، الأربعاء 19 أكتوبر/تشرين الأول 2022، فإن السلطات الجزائرية حجزت جميع الفنادق الفاخرة في العاصمة؛ استعداداً لقمة جامعة الدول العربية الـ31، التي ستُعقد في الجزائر خلال الأول والثاني من نوفمبر/تشرين الثاني.
حيث جرت تعبئة جميع الفنادق الكبرى لاستقبال الضيوف من رؤساء الدول والملوك مع وفودهم الكبيرة، وضمن ذلك فنادق شيراتون والأوراسي والجزائر وسوفيتيل والماريوت.
استضافت الجزائر آخر قمة عربية صيفية في مارس/آذار عام 2005 داخل قصر الأمم بمنتجع نادي الصنوبر. بينما ستُعقد قمة نوفمبر/تشرين الثاني داخل المركز الدولي للمؤتمرات "عبد اللطيف رحال"، الذي شيدته شركة صينية بتكلفة بلغت 688 مليون دولار.
مشاركة ملك المغرب
بحسب المجلة، فقد تشكّلت فرقة عمل تضم مجموعة كوادر من الرئاسة، ووزارة الداخلية، وأجهزة الأمن والاستخبارات للإقامة داخل هذا الصرح، الذي يحتوي على قاعة اجتماعات تتسع لنحو 700 فرد.
قال أحد أعضاء الفرقة: "قدمت كافة الفرق العاملة على إقامة ونجاح الحدث أداءً ممتازاً. ولم يتردد الأمين العام للجامعة العربية في الثناء على الترتيبات التنظيمية والوسائل المجهزة للقمة الـ31".
فيما أشارت المجلة إلى أن التحديات تزداد أكثر، لأن تلك الفرق تفتقر إلى مهارات وخبرة تنظيم الأحداث الدولية الكبرى. إذ إن الدبلوماسيين، وكبار كوادر الرئاسة والوزارات الأخرى، وأعضاء الأجهزة الأمنية والدبلوماسية الذين اعتادوا تنظيم الأحداث الكبرى في الجزائر على مدار العقدين الماضيين، قد تقاعدوا أو تعرضوا للفصل أو الإقالة بعد سقوط نظام بوتفليقة في أبريل/نيسان عام 2019.
بينما أكد العديد من الملوك ورؤساء الدول مشاركتهم في القمة، قبل أقل من 10 أيام على انطلاقها، فيما أحاط غموض كبير بوصول ملك المغرب محمد السادس، الذي تسلّم خطاب دعوة رسمياً من وزير العدل الجزائري في الرباط، الثلاثاء 27 سبتمبر/أيلول.
في هذه الواقعة تحديداً، أقلعت طائرة وزير العدل الجزائري من مطار بوفاريك العسكري، ثم غادرت الرباط فوراً بعد مقابلةٍ وجيزة مع ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي.
ونقلت المجلة في 12 سبتمبر/أيلول، أن ملك المغرب سيحضر القمة، وفقاً لآخر معلومات وصلت إليها في 18 أكتوبر/تشرين الأول. وأكّدت مصادر خليجية للسلطات الجزائرية أن الملك سيحضر بصحبة نجله مولاي الحسن.
يُذكر أن آخر زيارة لمحمد السادس للجزائر كانت في مارس/آذار 2005، على هامش قمة لجامعة الدول العربية أيضاً. ولا شك في أن حضور الملك يمثل حدثاً مهماً؛ نظراً إلى سياق التوترات الراهنة بين البلدين، بعد انقطاع العلاقات الدبلوماسية بينهما منذ أغسطس/آب عام 2021.
فيما قال وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، 17 أكتوبر/تشرين الأول: "اكتملت التحضيرات، وأراد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أن يبعث برسائل شخصية لكل زعيم، لأنه يريد أن يكون اللقاء توحيدياً. ولا شك في أن حضور الجميع ضروري من أجل اتخاذ القرارات اللازمة لإعادة التعاون بين الدول العربية".
عربات مصفحة
في السياق، أقامت فرق استطلاع من كافة الدول المشاركة بالجزائر، مطلع أكتوبر/تشرين الأول، من أجل تنفيذ مهام التفقد والاستطلاع داخل المركز الدولي للمؤتمرات والفنادق ومحال الإقامة المخصصة للوفود. ومن المتوقع وصول مزيد من الفرق قريباً؛ لدراسة خيارات محال الإقامة وحل المسائل اللوجستية المتنوعة.
ستزود الجزائر رؤساء الدول والملوك بعربات مصفحة لتأمين تحركاتهم، إضافة إلى أجهزة الحماية المباشرة. بينما أوضح دبلوماسي سابق: "يصل الزعماء العرب عادةً بصحبة فرقهم الخاصة من الحرس، والأطباء، وأخصائيي العلاج الطبيعي، والطباخين في بعض الأحيان. وتتحمل الجزائر كافة تكاليف إقامة الزعماء وجزء من وفودهم. بينما تتكفل الدولة المشاركة ببقية تكاليف الفرق المصاحبة للوفود".
وتتوقع السلطات الجزائرية مشاركةً كبيرة على صعيد التغطية الإعلامية. حيث تحدث مصدرٌ جزائري عن توقعات بوصول نحو 500 صحفي أجنبي لتغطية هذه القمة، التي ستمثل أهم حدثٍ سياسي دولي منذ تولي تبون السلطة. وعلى الجانب الآخر، سيكون يوما القمة بمثابة كابوس حقيقي لسائقي السيارات في العاصمة، التي تعاني من التكدس المروري صباحاً ومساءً بالفعل.