كشفت دراسة جديدة نشرتها الجامعة اللبنانية الأمريكية أن أكثر من ثلثي عاملات المنازل المهاجرات في لبنان تعرضن للتحرش الجنسي، إذ جاء البحث بالتعاون بين معهد دراسات الهجرة بالجامعة وبين منظمة Egna Legna Besidet لحقوق المهاجرين، التي تديرها العمالة المحلية المهاجرة في البلاد.
وكشف البحث، وفقاً لما نشره موقع Middle East Eye البريطاني، أن الغالبية العظمى من مرتكبي التحرش الجنسي هم أرباب العمل الذكور داخل المنازل.
وتقول الدراسة إن التحرش أصبح بمثابة حدثٍ معتاد بالنسبة للعاملات المهاجرات المحتجزات داخل منازل أرباب عملهن، وفقاً للدراسة. كما أشارت كذلك إلى حالات الاختطاف، والاغتصاب التي سجلت في لبنان.
وقالت تاريكوا أبيبي، المشرفة على الجهود الإنسانية في منظمة حقوق المهاجرين، لموقع Middle East Eye البريطاني: "توضح الدراسة أن العنف الجنسي ضد عاملات المنازل المهاجرات في لبنان قد جرى تطبيعه وتحول إلى وباء. وازدادت الأوضاع سوءاً مع الأزمة الاقتصادية".
ويُذكر أن وزارة العمل اللبنانية قدّرت وجود 250 ألف عاملة منازل مهاجرة في البلاد، وتشكل الإثيوبيات نحو 80% منهن. لكن هذه الأرقام لا تشمل العاملات غير المسجلات رسمياً.
بينما يجري توثيق الانتهاكات التي تتعرض لها عاملات المنازل المهاجرات في لبنان بصورةٍ جيدة، بما في ذلك الاعتداءات الجسدية والجنسية، بالإضافة إلى الاستغلال والاحتجاز. وتساهم عوامل مثل الأمراض الناتجة عن العمل، ومحاولات الهروب الفاشلة، والانتحار، في وفاة اثنتين من عاملات المنازل المهاجرات داخل لبنان أسبوعياً، حسب التقديرات.
لا يحميهن القانون
في ديسمبر/كانون الأول عام 2020، مرّر المشرعون اللبنانيون قانوناً يُجرّم التحرش الجنسي ويعاقب مرتكبيه بالسجن لفترةٍ تصل إلى عام، لكن ذلك القانون تعرض للانتقادات لأنه يستثني المواطنين غير اللبنانيين من أحكامه، ما ترك العاملات المهاجرات واللاجئات الفلسطينيات والسوريات دون حماية.
كما أوضحت تاريكوا، المواطنة الإثيوبية وعاملة المنازل المهاجرة، أن المنظمة بدأت في إعداد بحثها رداً على استثناء العاملات من القانون. وجمعت المنظمة البيانات من نحو 1,000 مقابلة أجرتها على مدار 10 أشهر. ويعتقدون أنها أول دراسة بقيادة عاملات المنازل المهاجرات حول هذا الموضوع في المنطقة.
وقالت للموقع البريطاني: "شعرت العاملات بارتياحٍ أكبر عند الحديث بلغتهن الأم إلى مهاجرين آخرين يمكنهم تفهم التجربة والمعاناة. وساعدهن ذلك على الانفتاح بصورةٍ أكبر ومشاركة أشياء لم يكونوا سيشاركونها مع باحثين من غير المهاجرين".
"لن يصدقنا أحد"
أشارت الدراسة إلى التداخلات بين العرق وبين التحرش الجنسي بالعاملات المهاجرات، وذلك نتيجة ميل المعتدين إلى "النظر للنساء ذوات البشرة السمراء بشهوانية" كما وصفتها الدراسة، وقالت الدكتورة جاسمن ليليان دياب، المؤلفة المشاركة في الدراسة ومديرة معهد دراسات الهجرة: "تلعب العنصرية دوراً رئيسياً في الاعتداءات. ويرجع السبب بدرجةٍ كبيرة إلى طريقة تصنيف نظام الكفالة للنساء الملوّنات، وكيفية رفع وكالات توظيف العاملات لأسعار العاملات 'الأكثر بياضاً' مثل الفلبينيات".
بينما قالت إحدى مواطنات سيراليون، التي تحدثت شرط عدم الكشف عن هويتها لأن عدم حصولها على أوراق رسمية يعرضها لخطر الاعتقال: "أعيش في بيروت منذ نحو 8 سنوات، وتعرضت للتحرش الجنسي بعد وصولي مباشرةً تقريباً".
فيما لم تبلغ العاملة السيراليونية الشرطة عن الواقعة التي تعرضت لها، كما هو حال غالبية الناجيات اللواتي تحدثن إلى الدراسة، ويرجع سبب التقاعس عن الإبلاغ إلى تصور سهولة إفلات الجناة من العقاب في لبنان، وفقاً للدراسة.
وأردفت العاملة السيراليونية: "حتى لو تعرضت للاغتصاب، فسوف يقف المشرعون ورجال الشرطة وحتى سفارات بلادنا في صف المعتدين. لن يصدقنا أحد، ونحن بمفردنا في لبنان. ولم أشارك تجاربي إلا بعد سنوات طويلة، عندما بدأت مهاجرات أخريات في إخباري بأن أمري يهمهن".