حزب الله راجع اتفاق ترسيم الحدود مع إسرائيل “سطراً سطراً” قبل الموافقة وعون يدعو للتنقيب سريعاً

عربي بوست
تم النشر: 2022/10/18 الساعة 17:40 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/10/18 الساعة 17:55 بتوقيت غرينتش
أزمة حقل غاز كاريش بين إسرائيل ولبنان تتصاعد مع التهديدات بالذهاب نحو الحرب/ عربي بوست (Getty)

قال أحد المصادر المطلعة على تفكير حزب الله اللبناني لرويترز في تصريحات، الثلاثاء 18 أكتوبر/تشرين الأول 2022، إنه رغم عدم وجود الحزب بالقرب من دوائر المفاوضات مع إسرائيل بخصوص اتفاق ترسيم الحدود، إلا أن "قيادة حزب الله دققت بالتفاهم سطراً سطراً قبل إعطاء الموافقة عليه".

المصادر قالت إن الحزب راجع المسودة النهائية بدقة، وأعطى إشارة القبول. وقال مسؤولون على اضطلاع بتفكير حزب الله ومسؤول لبناني كبير ومصدر غربي مطلع على العملية إن الحزب كان وراء كواليس مفاوضات لبنان مع إسرائيل، وكانت الجماعة التي تمتلك ترسانة ضخمة من السلاح تدقق بالتفاصيل وعبرت عن رأيها حتى مع تهديدها بالعمل العسكري إذا لم يتم تأمين مصالح لبنان.

إنجاز تاريخي

في حين يمثل اتفاق ترسيم الحدود البحرية، الذي وصفته الأطراف الثلاثة بأنه إنجاز تاريخي، ابتعاداً دبلوماسياً عن حرب وعداء على مدى عقود، بالإضافة إلى أنه سيفتح الباب أمام التنقيب البحري عن الطاقة.

حيث يقول مراقبون إن الاتفاق كان أكثر أهمية بالنسبة للواقعية التي أظهرها حزب الله، مشيرين إلى تحول الأولويات لمجموعة شكلها الحرس الثوري الإيراني قبل أربعة عقود لمحاربة إسرائيل.

لبنان
لبنان وإسرائيل في طريقهما لاتفاق تاريخي حول ترسيم الحدود البحرية – Getty Images

بعد قضاء معظم العقد الماضي في نشر المقاتلين والخبرة العسكرية في جميع أنحاء الشرق الأوسط لمساعدة حلفاء إيران، ولا سيما بشار الأسد، ينصب تركيز حزب الله اليوم بشكل مباشر على لبنان – البلد الذي يمر بأزمة عميقة.

الانخراط في شؤون لبنان 

في حين يرى حزب الله، وهو أكثر انخراطاً من أي وقت مضى في شؤون الدولة، أن استغلال النفط والغاز البحري هو السبيل الوحيد للبنان للخروج من الانهيار المالي المدمر الذي أصاب جميع اللبنانيين بشدة، بما في ذلك جمهوره الشيعي الكبير.

رغم إعلان حزب الله مراراً أنه لا يخشى الحرب مع إسرائيل، إلا أنه يقول إنه لا يسعى إلى الدخول في حرب مع عدو لدود قام بغزو لبنان في عامي 1978 و1982.

في حين سيشكل اكتشاف الطاقة، رغم أنه ليس كافياً بمفرده لحل مشاكل لبنان الاقتصادية العميقة، نعمة كبيرة مع توفيره العملة الصعبة التي تشتد الحاجة إليها وربما في يوم من الأيام يخفف من انقطاع التيار الكهربائي.

من ناحية أخرى، قال نائبان من حزب الله لرويترز، إن الجماعة منفتحة على فكرة الصفقة كمسار لتخفيف بعض المشاكل الاقتصادية في لبنان.

كما قال سامي عطا الله، المدير التنفيذي للمركز اللبناني للدراسات السياسية: "كان عليهم التعامل معها بطريقة عملية وليس أيديولوجية"، واصفاً دور حزب الله بأنه حاسم. وأضاف: "كانوا يعلمون أن لديهم القدرة على إحداث الفوضى إذا أرادوا ذلك – لكن ذلك كان سيأتي بتكلفة باهظة".

إبلاغ حزب الله بمقترحات أمريكا

كما قال المسؤول اللبناني والمصدر الغربي المطلع على العملية إن اللواء عباس إبراهيم، المسؤول الأمني ​​اللبناني الكبير الذي التقى أيضاً بالمبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين مرات عدة، أبلغ قيادة حزب الله بالمقترحات الأمريكية.

الرئيس اللبناني ميشال عون مع الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله/رويترز، أرشيفية

في سياق متصل، قال المصدر الغربي إن حزب الله نقل في وقت ما إحباطه من بطء وتيرة المحادثات إلى هوكشتاين عبر إبراهيم.

رداً على سؤال حول دور حزب الله قال رئيس وحدة الإعلام في حزب الله محمد عفيف إن الدولة خاضت المفاوضات "ونحن وقفنا خلفها". وقال: "أما نحن فكنا معنيين بحصول لبنان على حقه في ثرواته".

الاتفاق الشامل 

في حين قال مصدران دبلوماسيان فرنسيان إن مسؤولين فرنسيين التقوا بممثلي حزب الله بشأن الاتفاق الشامل. وقالت وزارة الخارجية الفرنسية إن فرنسا ساهمت بفاعلية في الاتفاق "لا سيما من خلال نقل الرسائل بين الأطراف المختلفة بالتنسيق مع الوسيط الأمريكي"

على الرغم من تضافر جميع الأطراف للتوصل لهذا الاتفاق، إلا أن السلام لا يزال بعيد المنال بين الدولتين المتنازعتين حول العديد من القضايا، ومع نفوذ حزب الله المترسخ بعمق في بيروت.

التنقيب عن الغاز

يأتي ذلك في الوقت الذي قال فيه مكتب الرئاسة اللبنانية على تويتر، الثلاثاء، إن الرئيس اللبناني ميشال عون دعا شركة توتال إنرجيز للتنقيب سريعاً في البلوك رقم 9 في البحر المتوسط "للتعويض عن الوقت الذي انقضى بفعل المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية".

حيث أضاف مكتب الرئاسة أن عون قابل وفداً من الشركة، بعد أن توصل لبنان هذا الشهر إلى اتفاق مع إسرائيل لترسيم الحدود البحرية المتنازع عليها بينهما بعد سنوات من المفاوضات التي عقدت بوساطة أمريكية.

قرب الحدود بين لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة / رويترز

من جانبها، أعلنت شركة "توتال إنرجيز" الفرنسية، الثلاثاء، أنها ستجلب منصة الحفر ابتداء من عام 2023 لبدء الاستكشاف والتنقيب، وفق نصوص الاتفاق مع هيئة قطاع البترول في لبنان.

جاء ذلك، بحسب بيان للرئاسة اللبنانية بعد لقاء جمع وفداً من الشركة مع الرئيس ميشال عون، أكد فيه بدء التنقيب في "البلوك رقم 9" بالمنطقة الاقتصادية الخالصة في الجنوب، بعد إنجاز المعاملات والإجراءات الإدارية اللازمة.

الحفر وفق بنود الاتفاق

أشار الوفد إلى أن منصة الحفر ستستقدم ابتداء من 2023 لبدء الاستكشاف والتنقيب، وفق النصوص الواردة في الاتفاق مع هيئة قطاع البترول في لبنان، والتي تتلقى تباعاً المعطيات التي تتوافر خلال عمليات التنقيب.

جدير بالذكر أن نائب رئيس مجلس النواب (البرلمان) اللبناني، إلياس بو صعب، قد كشف أن "إنجاز اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل قد يحصل في 26 أو27 من أكتوبر/تشرين الأول 2022".

في حين أعلنت الرئاسة اللبنانية في بيان، أن الصيغة النهائية للعرض الأمريكي بشأن الاتفاق "مُرضية للبنان وحافظت على ثروته الطبيعية"، فيما وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد الاتفاق بـ"التاريخي".

تحميل المزيد