أثار ريتشارد بلومنتال، السيناتور الديمقراطي البارز وعضو لجنة شؤون القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكي، مخاوف من احتمال أن تُطلع السعودية شريكتها روسيا على تقنيات عسكرية أمريكية حساسة، في أعقاب ما وُصف بأنه قرار من المملكة بالوقوف إلى جانب موسكو على حساب مصلحة الولايات المتحدة في مسألة تخفيض إنتاج النفط.
كان بلومنتال اقترح تجميد مبيعات الأسلحة للسعودية لمدة عام بعد قرار منظمة "أوبك بلس" تخفيض إنتاج النفط، وقال إنه "عازم على تقصي مخاطر" هذا القرار على الولايات المتحدة في مناقشات مع وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) وذلك وفق تقرير نشرته صحيفة The Guardian البريطانية، الإثنين 17 أكتوبر/تشرين الأول 2022.
خلاف عميق بين السعودية وأمريكا
قال بلومنتال في لقاء مع صحيفة The Guardian البريطانية: "أريد التحقق من كونهم [البنتاغون] مسيطرين على الأمر والوقوف على مخاطره، ثم تحديد ما يمكن فعله للتخفيف من هذه المخاطر على الفور".
تُبيِّن هذه التصريحات عمق الخلافات التي برزت للعلن بين النظام الملكي السعودي والمشرعين الديمقراطيين في واشنطن، لا سيما بعد ردود الفعل الغاضبة على القرار الذي اتخذته منظمة أوبك بتخفيض إنتاج النفط بداية من الشهر المقبل.
في سياق متصل، يُوصف القرار في الإدارة الأمريكية بأنه علامة على انحياز الرياض لروسيا في حربها على أوكرانيا، ويزعم البعض أن الهدف من القرار رفع أسعار الوقود على المستهلك الأمريكي، ومن ثم النيل من تأييد الرئيس الأمريكي جو بايدن والحزب الديمقراطي قبل انتخابات التجديد النصفي الحرجة الشهر المقبل.
من جانبه، أعرب بايدن وحلفاؤه الديمقراطيون في الكونغرس عن انزعاجهم من قرار أوبك، وحثوا على إجراء إعادة تنظيم للعلاقات الأمريكية مع السعودية، وأنذر الرئيس الأمريكي بأن المملكة ستواجه "عواقب" لهذه الخطوة.
تقييم العلاقات مع السعودية
في الوقت نفسه، قال مستشار البيت الأبيض للأمن القومي، جيك سوليفان، الأحد 16 أكتوبر/تشرين الأول 2022، إن الرئيس بايدن "يتصرف بمنهجية" في إعادة تقييم العلاقة مع السعودية، وأشار إلى أن الخيارات الأمريكية تشمل النظر في المساعدة الأمنية للسعودية.
كان نواب الحزب الجمهوري في الكونغرس أقل حدةً في انتقادهم لقرار أوبك، إلا أن بلومنتال قال إنه خلص من مناقشاته مع زملائه في الحزب الجمهوري إلى أن الحزبين الديمقراطي والجمهوري سيُساندان تدابير الحدِّ من مبيعات الأسلحة للسعودية، وهي قضية يُتوقع تناولها رسمياً في الكونغرس الشهر المقبل.
قال بلومنتال أيضاً إن إحدى المسائل التي سيعتني بها هي التيقن من أن روسيا لن تطَّلع على التقنيات الحساسة التي شاركتها الولايات المتحدة مع حلفائها في الرياض، و"التشاور مع البنتاغون، والحديث إليهم بصراحة تامة عن تقديرهم للمخاطر المتعلقة بنقل تقنيات الأسلحة المتقدمة التي أُنتجت بالفعل [لبيعها إلى السعودية]. ونحن لا نستبق أي استنتاجات، إلا أن الأمر جدير بالنظر فيه".
نقل الأسلحة الأمريكية إلى أوكرانيا
في حين قال السيناتور الديمقراطي إنه يؤيد المقترحات التي تقدم بها البعض لنقل أسلحة من تلك الموجودة حالياً في السعودية، والتي في طريقها إلى المملكة، إلى حلفاء الولايات المتحدة في أوكرانيا.
مع ذلك، أشار بعض الخبراء إلى أن نقل الأسلحة الأمريكية إلى أوكرانيا أمر يتعذر فعله، لأن هذه الأنظمة تتطلب خبراء أمريكيين لتشغيلها، ومن ثم فإن انتقالهم إلى أوكرانيا ينطوي على تصعيد للأمور مع روسيا. غير أن بلومنتال أكد أنه لم يقترح قيام أي فرد أمريكي بتدريب قوات أوكرانية في أوكرانيا، لكن ذلك الأمر يمكن القيام به خارج البلاد.
في السياق نفسه، قال غيفري سونينفيلد، الأستاذ في كلية ييل للإدارة والمعني بدراسة مبيعات الأسلحة الأمريكية للسعودية، إن السنوات الخمس الماضية شهدت اتفاقات (تعهيد) وتعاون "لا نظير لها" لنقل مجموعة من أعلى الأسلحة الأمريكية تقنيةً وأكثرها حساسية إلى المملكة.
في حين زعم سونينفيلد أن "الشراكة الأمنية الفريدة من نوعها بين الولايات المتحدة والسعوديين لم يبلغها أوثق حلفاء أمريكا مثل كندا وبريطانيا وإسرائيل وأستراليا، ما يعني أن السعودية لديها الملكية والقدرة على التصنيع المحلي لأسلحة استراتيجية أمريكية شديدة الحساسية"، وأشار إلى أن هذه الترتيبات بدأت خصوصاً في عام 2017 في ظل إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
لدى سؤال بلومنتال عن نية الديمقراطيين بشأن العلاقة مع السعودية، قال إن ما حدث من السعوديين ينطبق عليه المثل القديم "إنها القشة التي قصمت ظهر البعير"، "فالأمور تغيرت. وهذا العمل، أي الاصطفاف إلى جانب الروس على هذا النحو، مزعج للغاية، وأنا أرى أنه يستدعي الرد عليه".