تبدأ الهيئة العليا للانتخابات في تونس يوم 17 أكتوبر/تشرين الأول 2022،وعلى مدى أسبوع تسجيل الترشحات للانتخابات التشريعية المقررة في 17 ديسمبر/كانون الأول 2022، بناء على المرسوم المتعلق بالقانون الانتخابي الذي أصدره الرئيس قيس سعيّد في 15 سبتمبر/أيلول 2022، وذلك حسبما نشرت وكالة "فرانس برس" في تقريرها الثلاثاء 11 أكتوبر/تشرين الأول 2022.
ففي 15 سبتمبر/أيلول 2022 أصدر سعيّد، الذي تولى صلاحيات السلطتين التنفيذية والتشريعية منذ 25 يوليو/تموز 2021 المرسوم عدد 55 لتعديل القانون الانتخابي الذي أثار لاحقاً انتقادات في الساحة السياسية.
صلاحيات محدودة للغاية
سيتألف البرلمان الجديد من 161 نائباً، وستكون صلاحياته محدودة للغاية بموجب الدستور الجديد الذي أقر في استفتاء نظمه سعيّد في يوليو/تموز وشهد مقاطعة كبيرة.
تجدر الإشارة إلى أنه على خلاف الدستور السابق لعام 2014 الذي كرس دوراً رئيسياً للبرلمان، مانحاً إياه المسؤولية الرئيسية عن تشكيل الحكومات، وضع الدستور التونسي الجديد الحكومة تحت سلطة الرئيس مباشرة، وحدّ من نفوذ البرلمان الجديد المؤلف من غرفتين.
بموجب القانون الجديد، سيختار الناخبون مرشحيهم على أساس فردي بدلاً من اختيار قائمة حزبية واحدة، وهو تحول من شأنه إضعاف نفوذ الأحزاب، والتي رفضت بمختلف أطيافها القانون، قائلة إنها ستقاطع أي انتخابات تجرى بموجب الدستور الجديد الذي وسع سلطات سعيّد بشكل كبير، وألغى معظم القيود على أفعاله.
تغيرات أحادية أقرها قيس سعيد
هذه التغييرات الأحادية الجانب التي أقرها الرئيس قيس سعيّد، تنصب في رغبته بإعادة تشكيل النظام السياسي التونسي منذ سيطرته على معظم السلطات الصيف الماضي، في حملة وصفها خصومه بأنها "انقلاب" على الديمقراطية يهدف إلى ترسيخ حكم الرجل الواحد.
من ناحية أخرى، انتقدت الأحزاب السياسية المرسوم عدد 55 واعتبرته إقصاء لها. وبعد أيام من الإعلان عنه، قرر ائتلاف يضم خمسة أحزاب معارضة بينها حزبا "العمال" و"الجمهوري" مقاطعة الاستحقاق.
قال الجمهوري الوسطي عصام الشابي في مؤتمر صحفي يوم 19 سبتمبر/أيلول إن "هذه الانتخابات هي المحطة الأخيرة في الأجندة السياسية" التي فرضها سعيّد.
فيما قال الأمين العام لحزب العمّال حمة الهمامي، المعارض الشرس إبان نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، إن "سعيّد ديكتاتور".
من جهته، أكد سعيّد خلال اجتماع لمجلس الوزراء، أن القانون الجديد لا يقصي الأحزاب السياسية، وأن هذه الاتهامات "غير صحيحة ومحض افتراءات"، مضيفاً: "نمر بمرحلة جديدة في تاريخ تونس لسيادة الشعب، بعد أن كانت الانتخابات صورية".
احتجاجات ضد البرلمان
من أمام مقر الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، نظمت الديناميكية النسوية المستقلة وهي تكتل للجمعيات النسوية أبرزها الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، بالإضافة إلى منظمات المجتمع المدني تحركاً احتجاجياً، الجمعة 7 أكتوبر/تشرين الأول، تحت شعار "نحن مواطنات كاملات لن نقبل أن نكون مجرد مزكيات" للتنديد بالقانون الانتخابي الذي اعتبرنه "استمراراً للتمييز والعنف ونسف حق النساء في المشاركة في الحياة السياسية".
من بين شروط الترشح لهذا الاستحقاق يتعين على الأفراد المرشحين جمع 400 تزكية نصفها من النساء وربعها من الشباب دون 35 عاماً.
فيما شكل جمع التزكيات صعوبة كبيرة لدى المرشحين، فإلى جانب صعوبة الحصول على هذا العدد من المزكين يجب أن يتم التعريف بإمضاء المزكي لدى البلدية، شرط اعتبر تعجيزياً.
تضمن بيان للتكتل النسوي الذي تأسس إثر 25 يوليو/تموز 2021 عندما جمد سعيّد البرلمان بناء على الفصل 80 من الدستور، أن المرسوم 55 تعزيز لتمشٍّ قائم على إقصاء "النساء ونسف حقهن في المشاركة في الحياة السياسية وإدارة الشأن العام ولطريقة الاقتراع عن الأفراد التي تفتح المجال أمام أصحاب النفوذ من الفاسدين وتساهم في تفجير النعرات العروشية والجهوية، كما أنها أحسن طريقة لاستبعاد النساء والشباب".
كما أشار البيان إلى أنه في نفس الوقت يفرض القانون مبدأ التناصف فقط في التزكيات؛ ما يرسي "نظرة تحقيرية للنساء واختزال مواطنتهن كديكور للتزكيات وليس كمواطنات كاملات، فاعلات ومتساويات".
نسخة جديدة من القانون الانتخابي
من جانبه، أعرب سعيّد عن رغبته في وضع نسخة جديدة من القانون الانتخابي، حيث أعلن، الجمعة 7 أكتوبر/تشرين الأول، عزمه تعديل القانون.
فوفق بيان صادر عن الرئاسة التونسية، نقل عن سعيّد قوله إن التعديل يأتي بسبب ما وصفه بالتلاعب بمسألة التزكيات لانتخاب أعضاء مجلس النواب وتفشي "المال الفاسد".
أشار سعيد، بحسب البيان، إلى أن ما سماه "الواجب الوطني" يقتضي الحد من هذه الظاهرة إذا كان التشريع الحالي لم يحقق أهدافه. وتعقيباً على إعلان سعيّد عزمه تعديل القانون، قال رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر، الإثنين، إنه من الأفضل عدم المساس بالقانون الانتخابي في هذه الفترة.
أوضح في تصريح إعلامي أنه إن "اقتضت الضرورة أن يتم تعديل وإدخال تنقيح تقني فني لمجابهة ظاهرة ما فلن يكون له تأثير على حسن سير العملية، لكن يجب أن يكون مدروساً وبعد أخذ رأي هيئة الانتخابات".
من جانبه، اعتبر الحزب الجمهوري، أحد أبرز الأحزاب المعارضة في بيان صدر على صفحته على فيس بوك في 9 أكتوبر/تشرين الأول، أن تعديل القانون في هذا التوقيت إقرار من قبل السلطة "بفشل خياراتها وعنوان لتخبطها السياسي".
حزب العمال وفق تقديره، قال إن تعديل القانون الانتخابي يمثل مؤشراً "على حجم العبث والانحراف في ممارسة السلطة". وذكر الحزب في بيانه أن هذا القرار هو "دليل إضافي على عقم ترسانة القوانين التي بدأ الرئيس سعيّد في إصدارها، وعلى رأسها القانون الانتخابي".