اقتلعت أعين الأطفال وقتلت 700 ألف صربي في الحرب العالمية! حركة “أوستاشا” الكرواتية

عربي بوست
تم النشر: 2022/10/10 الساعة 14:36 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/10/10 الساعة 14:36 بتوقيت غرينتش
بافليتش على المنصة متحدثاً إلى قواته في العام 1942/ Getty Images

في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول عام 1934، اغتيل ملك يوغسلافيا ألكسندر الأول، في مدينة مارسيليا الفرنسية. كان القاتل عميلاً لدى المنظمة الثورية الداخلية المقدونية (IMRO). 

لكن مجموعةً أخرى كانت تعمل من خلف الكواليس، نسّقت عملية اغتياله: حركة “أوستاشا”، أو الحركة الثورية الكرواتية التي كانت نظاماً قومياً متطرفاً، قادها أنتي بافليتش الملقّب بـ”الفاشي المختلّ”.

بعد أن غزت قوات المحور كرواتيا عام 1941، نُصّب بافليتش قائداً لها. كان عنيفاً ومعادياً للسامية، مثل صديقه أدولف هتلر. وقد ساعد في تنسيق اغتيال أكثر من 700 ألف شخصٍ، من اليهود وشعوب الروما (الغجر) والصرب، خلال الحرب العالمية الثانية.

انتهى حكمه الدموي مع هزيمة قوات المحور في العام 1945؛ وبعدها هرب بافليتش إلى النمسا ثم إيطاليا؛ حيث عاش بأسماءٍ مُستعارة، حتى وفاته لاحقاً عام 1959.

هتلر مستقبلاً بافليتش في العام 1941/ وكيبيديا
هتلر مستقبلاً بافليتش في العام 1941/ وكيبيديا

أنتي بافليتش في دوائر الفاشية

وُلد أنتي بافليتش في 14 يوليو/تموز 1889، بقرية برادينا في البوسنة والهرسك. كان ابناً لرئيس عمّال السكك الحديدية، قبل أن يُصبح محامياً وينضمّ إلى حزب الحقوق الكرواتي عام 1910، وهو حزب طالب بدولة كرواتيةٍ مستقلة عن الدولة اليوغوسلافية المتوسّعة.

يُمكن القول إن تاريخ يوغوسلافيا طويلٌ ومعقدٌ، ويعود إلى عام 1389 وعصور الدولة العثمانية. لكن “المشروع اليوغوسلافي”، وفقاً للمُسمّى الذي عُرف به، بدأ رسمياً في العام 1918 مع تشكيل الاتحاد اليوغوسلافي.

والاتحاد اليوغوسلافي هي دولة تشكلت من أجزاءٍ من سلوفينيا، وكرواتيا، وصربيا، والجبل الأسود، إضافةً إلى المقاطعات العثمانية السابقة: كوسوفو، وميتوهيا، والبوسنة والهرسك، ومقدونيا.

باختصار، كان مقرراً لها أن تكون واحدة من البلاد، ذات التنوع السكاني الأكبر من أي دولة أوروبية أخرى، خلال الفترة الممتدة بين الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية. ولسوء الحظ، مثلما أوضح التاريخ بعد مدة وجيزة، كان ذلك أيضاً زمناً يرعى الكراهية العنصرية، والقومية المتفشية، وأنظمة الإبادة الجماعية؛ ونتيجة لذلك، لم يكن الاتحاد اليوغوسلافي مستقراً أبداً، وواجه تهديداتٍ مستمرة -داخلياً وخارجياً- من الانفصاليين.

بعد ذلك في العام 1929، وبعد أن سئم من المفاوضات المستمرة الفاشلة لتوحيد يوغوسلافيا، أسّس ألكسندر كاراكوريفيتش -الذي عُرف لاحقاً باسم ألكسندر الأول، ملك يوغسلافيا، أو ألكسندر الموحد- ديكتاتورية ملكية مركزية من أجل استعادة الحكم البرلماني والحكم الذاتي العرقي.

ندّد أنتي بافليتش بحكم ألكسندر، وأعلن نيته خوض القتال ضدّ النظام اليوغوسلافي بـ”كافة الوسائل الممكنة”. لجأ في البداية إلى النمسا ثم إلى إيطاليا، حيث أسّس حركة “أوستاشا“، التي تلقت تدريبها العسكري في معسكراتٍ بالنمسا والمجر، بينما واصل بافليتش عمله من خلف الكواليس مع الحكام الفاشيين.

وبعد خمس سنوات، في أعقاب فشله لتوحيد الدولة، اغتيل ألكسندر الأول في مؤامرةٍ دبّرتها حركة “أوستاشا” التابعة لبافليتش، والتي كانت تأويها كلّ من إيطاليا والمجر وبلغاريا.

أصدرت محكمة فرنسية حُكماً غيابياً بالإعدام ضدّ بافليتش، لكن موسوليني حماه ورفض تسليمه. وبدلاً من ذلك، سجنه لمدة عامين فقط.

عندما غزا الألمان يوغسلافيا في 6 أبريل/نيسان عام 1941، طلبوا في البداية من فلادكو ماتشيك -رئيس حزب الفلاحين الكرواتي- أن يترأس دولة كرواتيا “المستقلة”، لكنه رفض. ثم عرضت قوى المحور المنصب على بافليتش، الذي كان حينها قد عاد منذ وقتٍ قصير إلى البلاد من منفاه في إيطاليا. فقبل العرض من دون أي تردّد. 

ألكسندر الأول/ وكيبيديا
ألكسندر الأول/ وكيبيديا

“أوستاشا” التي ترأسها أنتي بافليتش

كان الشعار الرسمي لنظام “أوستاشا” في كرواتيا هو Za Dom Spremni، أو “متأهب من أجل الوطن”.

ورغم أن الدولة كانت مستقلة من الناحية التقنية، فقد كان جلياً للجميع أنها خاضعة لمطالب ألمانيا وإيطاليا. كان بافليتش، مثل صديقه هتلر، معادياً شرساً للسامية ومتبنياً للفاشية بشكلٍ علني.

عندما تولى الحكم في كرواتيا، بدأ أنتي بافليتش على الفور يضطهد الأقليات، وهم في الأساس من الصرب واليهود. وفي واقع الأمر، بينما كان يتحدث مع مجموعةٍ طلابية منتمية إلى “أوستاشا” داخل جامعة زغرب، أعلن بافليتش أن “كل الأعداء، والصرب، واليهود، والغجر يجب ذبحهم”.

وفقاً لـ”المكتبة اليهودية الافتراضية“، فإن أتباع بافليتش اعتقلوا تعسفياً آلاف الأبرياء، ورحّلوهم خارج البلاد أو قتلوهم، كما أنهم دمّروا الكنائس الصربية، وحوّلوا الصرب قسرياً إلى المسيحية الكاثوليكية في الوقت الذي سرقوا فيه ممتلكاتهم.

أسّس أنتي بافليتش معسكر اعتقال “ياسينوفاتس”، حيث اعتقل الأقليات “الطفيلية” وأمر الـ”أوستاشا” والسلطات الأوكرانية بذبحهم. ووفقاً لموقع ati الأمريكي، فقد كان مُجرماً لدرجة أن النازيين أنفسهم وصفوه بـ”الوحشي”.

فضلاً عن كونه نظاماً قومياً متطرفاً على نحوٍ عنيف، كان “أوستاشا” أيضاً نظاماً كاثوليكياً متزمتاً، لكنه متسامحٌ مع مُسلمي البوسنة لأن ديانتهم “حافظت على نقاء السلالة الكرواتية”. كما منح نظام “أوستاشا” اليهود، الذين تحوّلوا إلى الكاثوليكية، منزلة “الكروات الفخريين”.

أما الذين لم يعتنقوا الكاثوليكية، فكانوا يعتقلونهم ويُطلقون الرصاص عليهم، أو يشنقونهم، أو يضربونهم حتى الموت.

حتى إن الجواسيس الألمان الذين زُرعوا لمراقبة بافليتش، كاتبوا هاينريش هيملر (قائد قوات الأمن الخاصة النازية) ليصفوا أساليب العنف الوحشية التي يتبعها “أوستاشا”، وقالوا إنهم كانوا يعذبون “كبار السن العاجزين والنساء والأطفال” على حدٍّ سواء.

قيل إن رجال بافليتش تفننوا في اقتلاع أعين الأطفال، وضربوهم بالمجارف حتى الموت. وكانوا يعلّقون الرجال من أرجلهم ويخصونهم، ثم يخنقونهم، أو يسمحون للكلاب بعقرهم.

كان نظام “أوستاشا” مسؤولاً -في المجمل- عن تعذيب وذبح أكثر من 200 ألف صربي و30 ألف يهودي، إضافةً إلى 29 ألف شخصٍ من شعوب الروما، في عامٍ واحدٍ فقط بين 1941 و1942.

وتشير بعض التقديرات إلى أنهم دبّروا وفاة أكثر من مليون شخص، من بينهم 700 ألف صربي.

مناشدة الفاتيكان وإعدام قوات “أوستاشا” 

في العام 1941، دخلت الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية رسمياً بعد قصف ميناء “بيرل هاربر”، الذي كان بمثابة منطقة مركزية بالنسبة لقوى المحور.

وفي العام 1943، أُطيح بموسوليني في انقلابٍ عسكري. وبحلول عام 1945، كانت هزيمة قوى المحور حتمية. بعد ذلك توفي هتلر منتحراً، في 30 أبريل/نيسان عام 1945، مما ترك أنتي بافليتش ونظام “أوستاشا” بلا رعاة.

وفي 9 مايو/أيار عام 1945، قاتل نظام “أوستاشا” آخر معركةٍ له. ولما أحسّ باقتراب الهزيمة عند الحدود النمساوية، انسحبت قواته وحاولت الاستسلام للبريطانيين. لكن البريطانيين رفضوا. 

وعندما سلّمت قوات “أوستاشا” نفسها إلى أنصار الصرب، أُعدم جميع عناصرها (40 ألف شخص) بالمدافع الرشاشة، وأُلقِيت جثثهم في حفرة. لكن بافليتش لم يكن بينهم.

وبدلاً من ذلك، ناشد أنتي بافليتش -وكبار المسؤولين من حوله- الفاتيكان من أجل المساعدة، وذكروا عقيدتهم الكاثوليكية الرومانية الورعة. ورغم جرائمهم الشنيعة، وافق الفاتيكان، ومنحهم تأشيرات كهنوتية استخدموها للهروب إلى الأرجنتين.

اختبأ بافليتش بصورة آمنة في الأرجنتين، وحظي بحماية نظام الرئيس الأرجنتيني حينها خوان بيرون حتى العام 1957؛ عندما اكتشف وجوده أحد مناصري الصرب، ثم أطلق عليه عدة رصاصات في بطنه.

صحيحٌ أن الرصاص لم يقتله، لكنه لم يعد يشعر بالأمان في الأرجنتين. فقرّر الفرار إلى إسبانيا، حيث عانى من مرض السكري غير المنضبط، والجروح التي لا تُشفى. 

توفي أنتي بافليتش في نهاية المطاف يوم 28 ديسمبر/كانون الأول 1959، في السبعين من عمره. ويجادل كثيرون بأن وفاته كانت مُسالمة بالنسبة لرجلٍ ارتكب كلّ تلك الجرائم الوحشية بدمٍ بارد.

بافليتش في أحد مستشفيات بوينس آيرس، يتعافى بعد محاولة الاغتيال/ وكيبيديا
بافليتش في أحد مستشفيات بوينس آيرس، يتعافى بعد محاولة الاغتيال/ وكيبيديا

حركة "أوستاشا" الكرواتية التي قتلت 700 ألف صربي | عربي بوست

اقتلعت أعين الأطفال وقتلت 700 ألف صربي في الحرب العالمية! حركة “أوستاشا” الكرواتية

عربي بوست
تم النشر: 2022/10/10 الساعة 14:36 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/10/10 الساعة 14:36 بتوقيت غرينتش
بافليتش على المنصة متحدثاً إلى قواته في العام 1942/ Getty Images

في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول عام 1934، اغتيل ملك يوغسلافيا ألكسندر الأول، في مدينة مارسيليا الفرنسية. كان القاتل عميلاً لدى المنظمة الثورية الداخلية المقدونية (IMRO). 

لكن مجموعةً أخرى كانت تعمل من خلف الكواليس، نسّقت عملية اغتياله: حركة "أوستاشا"، أو الحركة الثورية الكرواتية التي كانت نظاماً قومياً متطرفاً، قادها أنتي بافليتش الملقّب بـ"الفاشي المختلّ".

بعد أن غزت قوات المحور كرواتيا عام 1941، نُصّب بافليتش قائداً لها. كان عنيفاً ومعادياً للسامية، مثل صديقه أدولف هتلر. وقد ساعد في تنسيق اغتيال أكثر من 700 ألف شخصٍ، من اليهود وشعوب الروما (الغجر) والصرب، خلال الحرب العالمية الثانية.

انتهى حكمه الدموي مع هزيمة قوات المحور في العام 1945؛ وبعدها هرب بافليتش إلى النمسا ثم إيطاليا؛ حيث عاش بأسماءٍ مُستعارة، حتى وفاته لاحقاً عام 1959.

هتلر مستقبلاً بافليتش في العام 1941/ وكيبيديا
هتلر مستقبلاً بافليتش في العام 1941/ وكيبيديا

أنتي بافليتش في دوائر الفاشية

وُلد أنتي بافليتش في 14 يوليو/تموز 1889، بقرية برادينا في البوسنة والهرسك. كان ابناً لرئيس عمّال السكك الحديدية، قبل أن يُصبح محامياً وينضمّ إلى حزب الحقوق الكرواتي عام 1910، وهو حزب طالب بدولة كرواتيةٍ مستقلة عن الدولة اليوغوسلافية المتوسّعة.

يُمكن القول إن تاريخ يوغوسلافيا طويلٌ ومعقدٌ، ويعود إلى عام 1389 وعصور الدولة العثمانية. لكن "المشروع اليوغوسلافي"، وفقاً للمُسمّى الذي عُرف به، بدأ رسمياً في العام 1918 مع تشكيل الاتحاد اليوغوسلافي.

والاتحاد اليوغوسلافي هي دولة تشكلت من أجزاءٍ من سلوفينيا، وكرواتيا، وصربيا، والجبل الأسود، إضافةً إلى المقاطعات العثمانية السابقة: كوسوفو، وميتوهيا، والبوسنة والهرسك، ومقدونيا.

باختصار، كان مقرراً لها أن تكون واحدة من البلاد، ذات التنوع السكاني الأكبر من أي دولة أوروبية أخرى، خلال الفترة الممتدة بين الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية. ولسوء الحظ، مثلما أوضح التاريخ بعد مدة وجيزة، كان ذلك أيضاً زمناً يرعى الكراهية العنصرية، والقومية المتفشية، وأنظمة الإبادة الجماعية؛ ونتيجة لذلك، لم يكن الاتحاد اليوغوسلافي مستقراً أبداً، وواجه تهديداتٍ مستمرة -داخلياً وخارجياً- من الانفصاليين.

بعد ذلك في العام 1929، وبعد أن سئم من المفاوضات المستمرة الفاشلة لتوحيد يوغوسلافيا، أسّس ألكسندر كاراكوريفيتش -الذي عُرف لاحقاً باسم ألكسندر الأول، ملك يوغسلافيا، أو ألكسندر الموحد- ديكتاتورية ملكية مركزية من أجل استعادة الحكم البرلماني والحكم الذاتي العرقي.

ندّد أنتي بافليتش بحكم ألكسندر، وأعلن نيته خوض القتال ضدّ النظام اليوغوسلافي بـ"كافة الوسائل الممكنة". لجأ في البداية إلى النمسا ثم إلى إيطاليا، حيث أسّس حركة "أوستاشا"، التي تلقت تدريبها العسكري في معسكراتٍ بالنمسا والمجر، بينما واصل بافليتش عمله من خلف الكواليس مع الحكام الفاشيين.

وبعد خمس سنوات، في أعقاب فشله لتوحيد الدولة، اغتيل ألكسندر الأول في مؤامرةٍ دبّرتها حركة "أوستاشا" التابعة لبافليتش، والتي كانت تأويها كلّ من إيطاليا والمجر وبلغاريا.

أصدرت محكمة فرنسية حُكماً غيابياً بالإعدام ضدّ بافليتش، لكن موسوليني حماه ورفض تسليمه. وبدلاً من ذلك، سجنه لمدة عامين فقط.

عندما غزا الألمان يوغسلافيا في 6 أبريل/نيسان عام 1941، طلبوا في البداية من فلادكو ماتشيك -رئيس حزب الفلاحين الكرواتي- أن يترأس دولة كرواتيا "المستقلة"، لكنه رفض. ثم عرضت قوى المحور المنصب على بافليتش، الذي كان حينها قد عاد منذ وقتٍ قصير إلى البلاد من منفاه في إيطاليا. فقبل العرض من دون أي تردّد. 

ألكسندر الأول/ وكيبيديا
ألكسندر الأول/ وكيبيديا

"أوستاشا" التي ترأسها أنتي بافليتش

كان الشعار الرسمي لنظام "أوستاشا" في كرواتيا هو Za Dom Spremni، أو "متأهب من أجل الوطن".

ورغم أن الدولة كانت مستقلة من الناحية التقنية، فقد كان جلياً للجميع أنها خاضعة لمطالب ألمانيا وإيطاليا. كان بافليتش، مثل صديقه هتلر، معادياً شرساً للسامية ومتبنياً للفاشية بشكلٍ علني.

عندما تولى الحكم في كرواتيا، بدأ أنتي بافليتش على الفور يضطهد الأقليات، وهم في الأساس من الصرب واليهود. وفي واقع الأمر، بينما كان يتحدث مع مجموعةٍ طلابية منتمية إلى "أوستاشا" داخل جامعة زغرب، أعلن بافليتش أن "كل الأعداء، والصرب، واليهود، والغجر يجب ذبحهم".

وفقاً لـ"المكتبة اليهودية الافتراضية"، فإن أتباع بافليتش اعتقلوا تعسفياً آلاف الأبرياء، ورحّلوهم خارج البلاد أو قتلوهم، كما أنهم دمّروا الكنائس الصربية، وحوّلوا الصرب قسرياً إلى المسيحية الكاثوليكية في الوقت الذي سرقوا فيه ممتلكاتهم.

أسّس أنتي بافليتش معسكر اعتقال "ياسينوفاتس"، حيث اعتقل الأقليات "الطفيلية" وأمر الـ"أوستاشا" والسلطات الأوكرانية بذبحهم. ووفقاً لموقع ati الأمريكي، فقد كان مُجرماً لدرجة أن النازيين أنفسهم وصفوه بـ"الوحشي".

فضلاً عن كونه نظاماً قومياً متطرفاً على نحوٍ عنيف، كان "أوستاشا" أيضاً نظاماً كاثوليكياً متزمتاً، لكنه متسامحٌ مع مُسلمي البوسنة لأن ديانتهم "حافظت على نقاء السلالة الكرواتية". كما منح نظام "أوستاشا" اليهود، الذين تحوّلوا إلى الكاثوليكية، منزلة "الكروات الفخريين".

أما الذين لم يعتنقوا الكاثوليكية، فكانوا يعتقلونهم ويُطلقون الرصاص عليهم، أو يشنقونهم، أو يضربونهم حتى الموت.

حتى إن الجواسيس الألمان الذين زُرعوا لمراقبة بافليتش، كاتبوا هاينريش هيملر (قائد قوات الأمن الخاصة النازية) ليصفوا أساليب العنف الوحشية التي يتبعها "أوستاشا"، وقالوا إنهم كانوا يعذبون "كبار السن العاجزين والنساء والأطفال" على حدٍّ سواء.

قيل إن رجال بافليتش تفننوا في اقتلاع أعين الأطفال، وضربوهم بالمجارف حتى الموت. وكانوا يعلّقون الرجال من أرجلهم ويخصونهم، ثم يخنقونهم، أو يسمحون للكلاب بعقرهم.

كان نظام "أوستاشا" مسؤولاً -في المجمل- عن تعذيب وذبح أكثر من 200 ألف صربي و30 ألف يهودي، إضافةً إلى 29 ألف شخصٍ من شعوب الروما، في عامٍ واحدٍ فقط بين 1941 و1942.

وتشير بعض التقديرات إلى أنهم دبّروا وفاة أكثر من مليون شخص، من بينهم 700 ألف صربي.

مناشدة الفاتيكان وإعدام قوات "أوستاشا" 

في العام 1941، دخلت الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية رسمياً بعد قصف ميناء "بيرل هاربر"، الذي كان بمثابة منطقة مركزية بالنسبة لقوى المحور.

وفي العام 1943، أُطيح بموسوليني في انقلابٍ عسكري. وبحلول عام 1945، كانت هزيمة قوى المحور حتمية. بعد ذلك توفي هتلر منتحراً، في 30 أبريل/نيسان عام 1945، مما ترك أنتي بافليتش ونظام "أوستاشا" بلا رعاة.

وفي 9 مايو/أيار عام 1945، قاتل نظام "أوستاشا" آخر معركةٍ له. ولما أحسّ باقتراب الهزيمة عند الحدود النمساوية، انسحبت قواته وحاولت الاستسلام للبريطانيين. لكن البريطانيين رفضوا. 

وعندما سلّمت قوات "أوستاشا" نفسها إلى أنصار الصرب، أُعدم جميع عناصرها (40 ألف شخص) بالمدافع الرشاشة، وأُلقِيت جثثهم في حفرة. لكن بافليتش لم يكن بينهم.

وبدلاً من ذلك، ناشد أنتي بافليتش -وكبار المسؤولين من حوله- الفاتيكان من أجل المساعدة، وذكروا عقيدتهم الكاثوليكية الرومانية الورعة. ورغم جرائمهم الشنيعة، وافق الفاتيكان، ومنحهم تأشيرات كهنوتية استخدموها للهروب إلى الأرجنتين.

اختبأ بافليتش بصورة آمنة في الأرجنتين، وحظي بحماية نظام الرئيس الأرجنتيني حينها خوان بيرون حتى العام 1957؛ عندما اكتشف وجوده أحد مناصري الصرب، ثم أطلق عليه عدة رصاصات في بطنه.

صحيحٌ أن الرصاص لم يقتله، لكنه لم يعد يشعر بالأمان في الأرجنتين. فقرّر الفرار إلى إسبانيا، حيث عانى من مرض السكري غير المنضبط، والجروح التي لا تُشفى. 

توفي أنتي بافليتش في نهاية المطاف يوم 28 ديسمبر/كانون الأول 1959، في السبعين من عمره. ويجادل كثيرون بأن وفاته كانت مُسالمة بالنسبة لرجلٍ ارتكب كلّ تلك الجرائم الوحشية بدمٍ بارد.

بافليتش في أحد مستشفيات بوينس آيرس، يتعافى بعد محاولة الاغتيال/ وكيبيديا
بافليتش في أحد مستشفيات بوينس آيرس، يتعافى بعد محاولة الاغتيال/ وكيبيديا

تحميل المزيد