على مدار ستة أيام، تشهد العاصمة طهران وعدد من المدن الإيرانية اضطرابات تتسع يوماً تلو الآخر، إثر وفاة شابة خلال احتجازها لدى شرطة الأخلاق، يوم الجمعة الماضي؛ الأمر الذي زاد من وتيرة الاعتقالات ووضع قيوداً على الإنترنت في البلاد بعد سقوط قتلى خلال الاحتجاجات التي جاءت تزامناً مع الحديث الدولي حول الاتفاق النووي الإيراني.
إذ أقدم محتجون في طهران وعدة مدن، اليوم الخميس 22 سبتمبر/أيلول 2022، على إضرام النيران في مركزين ومركبات للشرطة؛ احتجاجا على قتل المواطنة مهسا أميني.
وتوفيت مهسا أميني (22 عاماً) الأسبوع الماضي بعدما ألقت شرطة الأخلاق في طهران القبض عليها بسبب ارتدائها "ملابس غير لائقة". ودخلت في غيبوبة خلال احتجازها، وقالت السلطات إنها ستفتح تحقيقاً للوقوف على سبب الوفاة.
وأطلقت وفاة أميني العنان لغضب عارم بين السكان، وأدت لاندلاع أسوأ احتجاجات تشهدها إيران منذ عام 2019.
وتركزت معظمها في المناطق الشمالية الغربية التي يسكنها الأكراد في إيران، لكنها امتدت أيضاً إلى العاصمة وما لا يقل عن 50 مدينة وبلدة في أنحاء الجمهورية الإسلامية. واستخدمت الشرطة القوة لتفريق المتظاهرين.
وأظهر مقطع فيديو نشره حساب "تصوير 1500″، الذي يركز على احتجاجات إيران ووصل عدد متابعيه إلى نحو مئة ألف، قيام محتجين في شمال شرق البلاد بالهتاف: "نموت نموت وتعود إيران" بالقرب من مركز للشرطة تشتعل فيه النيران.
واشتعلت النيران في مركز شرطة آخر في العاصمة طهران، التي انتقلت إليها الاضطرابات من إقليم كردستان، مسقط رأس أميني.
فيما أظهر مقطع فيديو تداوله ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي، إقدام المحتجين على حرق أحد البنوك في مدينة تبريز والتي تقع في شمال غرب إيران.
بينما أفادت وكالتا فري وتسنيم على تليغرام، بطعن أحد أعضاء قوات الباسيج الإيرانية حتى الموت في مدينة مشهد، الأربعاء.
احتجاجات 2019
ويخشى حكام إيران من تجدد الاضطرابات التي شهدتها البلاد عام 2019 احتجاجاً على ارتفاع أسعار البنزين، والتي كانت الأكثر دموية في تاريخ الجمهورية الإسلامية. وذكرت رويترز أن تلك الاحتجاجات شهدت سقوط 1500 قتيل.
كما أعرب المحتجون عن غضبهم إزاء الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي. وشوهد حشد يهتف في طهران "مجتبى، نتمنى أن تموت قبل أن تصبح زعيماً أعلى"، في إشارة إلى نجل خامنئي الذي يعتقد البعض أنه قد يخلف والده على رأس المؤسسة السياسية الإيرانية.
ولم يتسن لـ"رويترز" التحقق من الفيديو.
عدد القتلى
يأتي ذلك، فيما أفادت تقارير لمنظمة هنجاو الكردية الحقوقية -لا يمكن لرويترز التحقق منها- بأن ثلاثة متظاهرين قتلوا على أيدي قوات الأمن الأربعاء، ليرتفع عدد القتلى إلى عشرة
في المقابل، ينفي المسؤولون أن تكون قوات الأمن هي من قتلت المحتجين، وتقول إنهم ربما قُتلوا برصاص مسلحين معارضين.
تقييد الوصول للإنترنت
وفي ظل غياب المؤشرات على تراجع حدة الاحتجاجات، قامت السلطات بتقييد الوصول إلى الإنترنت، وفقاً لهنجاو وسكان ومرصد نتبلوكس لمراقبة انقطاعات الإنترنت، كما فوجئ الإيرانيون بتعطل دخولهم إلى تطبيق إنستغرام، الأربعاء بعد أيام من الاحتجاجات.
وأقرت وكالة "فارس" للأنباء، المقربة للحرس الثوري الإيراني، أنه "وفقاً لقرار مجلس الأمن القومي الإيراني فإن الوصول إلى إنستغرام غير ممكن منذ ليلة الأربعاء" و"الوصول إلى واتساب أيضا يواجه خللاً كبيراً".
وأثارت وفاة أميني غضباً في أنحاء إيران بشأن قضايا من بينها الحريات والوضع الاقتصادي الذي يترنح تحت وطأة العقوبات.
وتلعب النساء دوراً بارزاً في الاحتجاجات؛ إذ يقمن بالتلويح بأغطية رؤوسهن أو حرقها، ويقوم بعضهن بقص شعرهن في الأماكن العامة.
وفي شمال إيران، أظهر مقطع فيديو -لم تتمكن رويترز من التحقق منه- قيام حشود مسلحة بهراوات وحجارة بمهاجمة فردي أمن على دراجة نارية وسط ترديد للهتافات.