قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، إن الجمهورية الإسلامية تتمتع بحرية التعبير، لكن الاحتجاجات التي تشهدها الآن "أعمال فوضى" غير مقبولة، مضيفاً أنه أمر بفتح تحقيق في وفاة شابة أثارت مظاهرات دامية.
كما أضاف رئيسي، الخميس 22 سبتمبر/أيلول 2022، في مؤتمر صحفي على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة: "يجب النظر في قضايا الحقوق في جميع أنحاء العالم بمعيار واحد". وقال: "هناك حرية تعبير في إيران… لكن أعمال الفوضى غير مقبولة".
بينما دعا الحرس الثوري الإيراني السلطة القضائية بالبلاد في وقت سابق من الخميس، إلى محاكمة "الذين ينشرون أخباراً كاذبة وشائعات"؛ في محاولة على ما يبدو للسيطرة على الاحتجاجات بأنحاء البلاد بعد مقتل شابة في الحجز لدى الشرطة.
"الحرس الثوري" يرفض الاحتجاجات
كان التحذير مؤشراً واضحاً على أن قوات النخبة مستعدة لتصعيد حملة قمع المظاهرات، بينما قالت وكالات أنباء إيرانية إن وزارة المخابرات الإيرانية "تحذّر من أن المشاركة في الاحتجاجات غير قانونية".
فقد أضرم محتجون بطهران وعدة مدن أخرى، النار في مركزين ومركبات للشرطة في وقت سابق من الخميس، مع تواصل الاضطرابات لليوم السادس، ووردت أنباء عن تعرض قوات الأمن لهجمات.
توفيت مهسا أميني (22 عاماً) الأسبوع الماضي، بعدما ألقت شرطة الأخلاق في طهران القبض عليها بسبب ارتدائها "ملابس غير لائقة". ودخلت في غيبوبة خلال احتجازها. وقالت السلطات إنها ستفتح تحقيقاً للوقوف على سبب الوفاة.
فيما عبّر "الحرس الثوري"، في بيان، عن تعاطفه مع أسرة أميني وذويها. وقال: "طلبنا من السلطة القضائية تحديد من ينشرون أخباراً وشائعات كاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي وكذلك في الشارع والذين يعرّضون السلامة النفسية للمجتمع للخطر، والتعامل معهم بكل حسم".
حيث لعبت النساء دوراً بارزاً في الاحتجاجات، إذ يقمن بالتلويح بأغطية رؤوسهن وحرقها، وقامت بعضهن بقص شعرهن في الأماكن العامة.
كما أفادت وسائل إعلام إيرانية بأنه من المقرر أن تخرج مظاهرات مؤيدة للحكومة الجمعة 23 سبتمبر/أيلول، وخرج البعض في مسيرات بالفعل في الشوارع.
بينما أمر رئيس السلطة القضائية، غلام حسين محسني، باتخاذ إجراءات عاجلة في قضية مثيري الشغب؛ "للحفاظ على أمن المواطنين وسلامتهم"، وفق ما أوردته وكالة تسنيم للأنباء.
واشنطن تعاقب "شرطة الأخلاق"
بينما قالت وزارة الخزانة الأمريكية إن الولايات المتحدة فرضت، الخميس، عقوبات على "شرطة الأخلاق" في إيران، واتهمتها بالإساءة إلى النساء واستخدام العنف ضدهن، وانتهاك حقوق المتظاهرين السلميين.
إذ أطلقت وفاة أميني العنان لغضب عارم بين السكان وأدت إلى اندلاع أسوأ احتجاجات تشهدها البلاد منذ عام 2019. وتركّز معظمها في المناطق الشمالية الغربية التي يسكنها الأكراد في إيران، لكنها امتدت أيضاً إلى العاصمة وما لا يقل عن 50 مدينة وبلدة في أنحاء الجمهورية الإسلامية. واستخدمت الشرطة القوة لتفريق المتظاهرين. وتنحدر أميني من إقليم كردستان.
فيما قالت مجموعة نتبلوكس، المعنية بمراقبة انقطاع خدمات الإنترنت، على تويتر، إنه تم تسجيل تعطل جديد للإنترنت عبر الهاتف المحمول بإيران، في إشارة محتملة إلى أن السلطات تخشى من اشتداد حدة الاحتجاجات.
كما كتبت شركة "واتساب" على تويتر، إنها تعمل على إبقاء المستخدمين الإيرانيين على اتصال، مضيفةً أنها لا تحظر الأرقام الإيرانية.
فيما أفادت وكالتان إيرانيتان شبه رسميتين للأنباء، الخميس، بأن أحد أعضاء منظمة الباسيج شبه العسكرية الموالية للحكومة قُتل طعناً في مدينة مشهد بشمال شرقي البلاد أمس الأربعاء. ولم يصدر تأكيد رسمي للحادث.
كما قالت "تسنيم" أيضاً، إن عضواً آخر من الباسيج قُتل أمس الأربعاء، في مدينة قزوين، نتيجة إصابته بعيار ناري على أيدي "مثيري الشغب والعصابات".
بينما نشرت "نور نيوز"، وهي وسيلة إعلامية تابعة لجهاز أمني رفيع المستوى، مقطع فيديو لضابط بالجيش يؤكد مقتل جندي في الاضطرابات، ليرتفع بذلك إجمالي عدد أفراد قوات الأمن الذين قُتلوا في الاضطرابات إلى خمسة.
كما قال مسؤول من مازندران، إن 76 من أفراد قوات الأمن أصيبوا في الإقليم خلال الاضطرابات، بينما أعلن قائد شرطة كردستان إصابة أكثر من مئة فرد من قوات الأمن.
أظهر مقطع فيديو نشره حساب "تصوير 1500″، الذي يركز على احتجاجات إيران ووصل عدد متابعيه إلى نحو مئة ألف على تويتر، قيام محتجين في شمال شرقي البلاد بالهتاف: "نموت نموت وتعود إيران" بالقرب من مركز للشرطة تشتعل فيه النيران.
الحريات الشخصية في إيران
أثارت وفاة أميني غضباً في أنحاء إيران بشأن قضايا، من بينها تقييد الحريات الشخصية بما يشمل فرض قيود صارمة على ملابس النساء، إضافة إلى الوضع الاقتصادي الذي يترنح تحت وطأة العقوبات.
حسب وكالة رويترز، يخشى حكام إيران من تجدد الاضطرابات التي شهدتها البلاد عام 2019، احتجاجاً على ارتفاع أسعار البنزين، والتي كانت الأكثر دموية في تاريخ الجمهورية الإسلامية. وذكرت رويترز أن تلك الاحتجاجات شهدت سقوط 1500 قتيل.
كما أعرب المحتجون عن غضبهم إزاء الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي. وشوهد حشد يهتف في طهران: "مجتبى، نتمنى أن تموت قبل أن تصبح زعيماً أعلى"، في إشارة إلى نجل خامنئي، الذي يعتقد البعض أنه قد يخلف والده على رأس المؤسسة السياسية الإيرانية.
فيما أفادت تقارير لمنظمة هنجاو الكردية الحقوقية، لم يتسن لـ"رويترز" التحقق منها، بأن عدد القتلى في المناطق الكردية ارتفع إلى 15 شخصاً، كما ارتفع عدد المصابين إلى 733. وينفي المسؤولون أن تكون قوات الأمن هي من قتلت المحتجين، ويقولون إنهم ربما قُتلوا برصاص مسلحين معارضين.
في شمال إيران، أظهر مقطع فيديو لم تتمكن رويترز من التحقق منه، قيام حشود مسلحة بهراوات وحجارة بمهاجمة فردَي أمن على دراجة نارية وسط ترديد للهتافات.