أوصت المفوضية الأوروبية، الأحد 18 سبتمبر/أيلول 2022، بتعليق دفع نحو 7.5 مليار يورو من التمويل عن المجر بسبب الفساد، في أول حالة من نوعها في الاتحاد الأوروبي بموجب عقوبة جديدة هدفها توفير حماية أفضل لحكم القانون في الدول الأعضاء.
إذ سن الاتحاد الأوروبي العقوبة المالية الجديدة قبل عامين، وجاءت الخطوة رداً على ما يقول إنها تطورات تصل إلى حد التهديد بتقويض الديمقراطية في بولندا والمجر التي أخضع فيها رئيس الوزراء، فيكتور أوربان، المحاكم ووسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية والجهات الأكاديمية، إضافة إلى تقييد حقوق المهاجرين والمثليين والنساء خلال حكمه المستمر منذ أكثر من عقد.
حيث قال مفوض الاتحاد الأوروبي للميزانية يوهانس هان: "الأمر يتعلق بمخالفات لحكم القانون باستخدام وإدارة أموال من الاتحاد الأوروبي… لا يمكننا أن نخلص بشكل مؤكد إلى أن ميزانية الاتحاد الأوروبي محمية بشكل كاف".
كما أشار إلى مخالفات ممنهجة في قوانين التوريدات العامة بالمجر، وعدم وجود إجراءات وقاية كافية من تضارب المصالح، وضعف الملاحقة القضائية الفعالة لمرتكبي الفساد، ونقائص في إجراءات أخرى لمكافحته.
قال هان أيضاً إن المفوضية توصي بتعليق نحو ثلث أموال التماسك المخصصة للمجر من ميزانية الاتحاد المشتركة للفترة من عام 2021 وحتى عام 2027 والتي تبلغ 1.1 تريليون يورو في الإجمال.
حسب وكالة رويترز فإن مبلغ 7.5 مليار يورو محل التعليق تصل نسبته إلى نحو 5% من الناتج المحلي الإجمالي التقديري للمجر في 2022. ولدى دول الاتحاد الأوروبي مدة تصل إلى ثلاثة أشهر لاتخاذ قرار بشأن هذا المقترح.
فيما تشعر بروكسل بالقلق حيال استخدام حكومة فيكتور أوربان القومية التي تحكم منذ العام 2010، لميزانية الاتحاد الأوروبي.
المجر تسعى لإقناع الاتحاد الأوروبي
بينما تبذل بودابست قصارى جهدها أيضاً لإقناع بروكسل بتنفيذ خطة الإنعاش لمرحلة ما بعد كورونا (5.8 مليار يورو من المساعدات). والمجر هي الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي لم تحصل خطّتها على موافقة المفوضية الأوروبية، للأسس نفسها المرتبطة باحترام دولة القانون.
استجابة لمخاوف بروكسل، أعلنت المجر مؤخراً سلسلة تدابير، بينها خصوصاً إنشاء "هيئة مستقلة" لمكافحة الفساد مكلّفة مراقبة استخدام أموال الاتحاد الأوروبي، وتحسين الشفافية في المناقصات العامة.
يُفترض أن تسمح هذه التدابير للمواطنين بتقديم شكاوى أمام المحاكم في حال اعتبروا أن النيابة أنهت اعتباطياً تحقيقاً بتهم فساد. وينبغي أيضاً تعزيز شفافية الآلية التشريعية.
فقد أعلن مدير مكتب رئيس الوزراء غيرغلي غولياش، السبت 17 سبتمبر/أيلول، أن القوانين المخصصة لتهدئة المخاوف الأوروبية ستطرح للتصويت في البرلمان المجري، الأسبوع المقبل. وأكد أنها "ستدخل حيّز التنفيذ في نوفمبر/تشرين الثاني".
كما تمّ تعديل نظام التصريح عن ثروات البرلمانيين المجريين في يوليو/تموز، ليصبح مطابقاً لقواعد البرلمان الأوروبي.
أجرت وزيرة العدل المجرية، جوديت فارغا، في الأيام الأخيرة، جولة على عواصم أوروبية عدة؛ للدفاع عن بلادها التي تواجه وضعاً اقتصادياً صعباً، على خلفية تضخم متسارع وانهيار قيمة العملة الوطنية، الفورنت.
في حال لم يتمّ التوصل إلى اتفاق حول خطة الإنعاش المجرية بحلول نهاية العام، ستفقد المجر 70% من المساعدات الأوروبية.
كما اعتبر البرلمان الأوروبي، الخميس 15 سبتمبر/أيلول، في تقرير صوّتت عليه أغلبية كبرى، أن المجر لم تعد ديمقراطية حقيقية إنما دولة بنظام "استبدادي منتخب"، داعياً المفوضية إلى "الامتناع عن الموافقة على خطة المجر طالما لم تمتثل بشكل كامل لكافة توصيات" بروكسل.