حقول الغاز في غزة تعود للواجهة.. تحركات دولية لـ”حماس” لانتزاع حقوقها من إسرائيل، والسلطة تُعرقل

عربي بوست
تم النشر: 2022/09/13 الساعة 12:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/11/22 الساعة 08:43 بتوقيت غرينتش
تقول حركة حماس إن إسرائيل تستغل حقول الغاز التابعة للقطاع / أرشيف

على وقع المفاوضات الجارية بين حزب الله وإسرائيل، حول حقوق الغاز المتنازَع عليها في حقل "كاريش"، والتي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية منذ أشهر، تسعى حركة حماس إلى طرح قضية حقول الغاز قبالة سواحل غزة أمام التفاوض الدولي، أسوة بنموذج المفاوضات الجارية بين إسرائيل ولبنان، بهدف انتزاع جزء من حقوق الطاقة التي تنتهكها إسرائيل بقوة الاحتلال وسلطة الأمر الواقع.

وكشف مصدر مقرب من القيادة السياسية في حماس لـ"عربي بوست" أن "رئيس المكتب السياسي، إسماعيل هنية، يعكف على القيام بجولة دولية بدأت، الإثنين، 12 سبتمبر/أيلول 2022 من روسيا، ستشمل أيضاً زيارة كل من قطر ولبنان وتركيا وإيران لوضع المجتمع الدولي أمام الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل من سرقة للغاز الطبيعي في بحر غزة، ومحاولة الحصول على موقف إقليمي ودولي يدعم تحركات غزة للتفاوض حول حقوق الطاقة".

رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية - الأناضول
رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية – الأناضول

حزب الله ودور الوساطة

سبق زيارة هنية لموسكو سلسلة لقاءات أجرتها قيادة حركة حماس مع الأمين العام لحزب الله في لبنان حسن نصر الله، الذي أعلن تأييده للخطوات التي بدأت بها الحركة للتفاوض حول حقوق الطاقة التي تنتهكها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية، وتحديداً في غزة.

وأكد المصدر ذاته لـ"عربي بوست" أن حزب الله لعب دوراً وسيطاً في التنسيق لزيارة هنية لموسكو، وأقنع قيادة الحركة باستغلال فتور العلاقات بين موسكو وتل أبيب بسبب موقف الأخيرة من الحرب في أوكرانيا والاصطفاف الإسرائيلي مع الموقف الأمريكي من القضايا الشائكة التي تشهدها القارة الأوروبية.

ويأتي الهدف من زيارة قيادة حركة حماس للعاصمة الروسية موسكو هو "تحسس موقف القيادة في روسيا من إمكانية الشروع بخطوات على الأرض تدعم موقف الفلسطينيين في هذه القضية".

وكان هنية قد ترأس وفداً رفيع المستوى من قيادة الحركة ضم كلاً من نائب رئيس الحركة صالح العاروري وعضوي المكتب السياسي، موسى أبو مرزوق وماهر صلاح، في زيارة إلى روسيا.

وتكتسب هذه الزيارة زخماً سياسياً، كون الوفد التقى بوزير الخارجية سيرغي لافروف، على عكس اللقاءات السابقة التي كانت تقتصر على لقاءات مع نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف.

كما جاء في بيان الحركة للتعقيب على هذه الزيارة، تأكيد الوفد أمام المسؤولين الروس على حق الشعب الفلسطيني في ثرواته الطبيعية خاصة الغاز الطبيعي، كما ثمن دور روسيا بالتخفيف من وطأة الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة.

التلويح بالخيار العسكري

وكشف ممثل حركة حماس في لبنان أحمد عبد الهادي لـ"عربي بوست" أن "القيادة السياسية لحماس وضعت على أجندتها حقوق الفلسطينيين في ثرواتهم الطبيعية، وبات هذا الملف يمثل تحدياً استراتيجياً تسعى عبره الحركة للضغط على إسرائيل بكل الوسائل والأدوات، بما فيها العسكرية لانتزاع الحقوق، عبر تحركات متعددة المستويات قانونية وسياسية وشعبية وإن لزم الأمر عسكرياً".

وقال المتحدث: "تسعى الحركة لمقارعة إسرائيل بكل الأدوات المتاحة، وانتزاع حقوق الطاقة، وهي جزء من مساعٍ ستبذلها الحركة في الفترة القادمة حتى لو لجأنا للقوة العسكرية، نحن نراقب مسار المفاوضات بين إسرائيل ولبنان، وندعم موقف حزب الله في هذه المفاوضات، ونسعى بشكل مشترك لوضع حد للمماطلة الإسرائيلية في سرقة الموارد الطبيعية".

فيما انطلق، صباح اليوم، الثلاثاء، 13 من سبتمبر/أيلول 2022، عدة صواريخ أطلقتها حركة حماس باتجاه البحر، في رسالة تحدٍ تسعى عبرها حماس إيصال رسائل لإسرائيل بأنها جادة في ملف التفاوض حول حقول الغاز قبالة سواحل غزة، وأن الخيار العسكري سيكون مطروحاً على الطاولة.

كما تستعد الحركة خلال الأيام القادمة لحشد أنصارها في مظاهرات دعت لها على الحدود البحرية شمال قطاع غزة، سيتخللها فعاليات ورفع شعارات للتأكيد على حق الفلسطينيين في حقول الغاز التي تسرقها إسرائيل من باطن البحر في غزة.

تستغل إسرائيل جزء كبير من الغاز في سواحل غزة / أرشيف
تستغل إسرائيل جزء كبير من الغاز في سواحل غزة / أرشيف

حقول الغاز في غزة

ويضم بحر غزة عدة حقول للغاز الطبيعي، جرى اكتشافها في السنوات الأولى التي أعقبت اتفاق أوسلو، وأهم هذه الحقول وفقا لتحقيق أجرته قناة الجزيرة القطرية ضمن برنامج ما خفي أعظم:

-حقل مارين، والذي يعتبر أولى الاكتشافات في شرق المتوسط منذ عام 1999، وتقدر احتياطاته بنحو تريليون قدم مكعب (32 مليار متر مكعب) وتبلغ تكلفة تطويره 1.2 مليار دولار، بإمكانه سد احتياجات الفلسطينيين من الطاقة لمدة 25 عاماً بما فيها توفير الطاقة الكهربائية، ويدر دخلاً سنوياً على خزينة السلطة بنحو 150 مليون دولار.

-حقل ماري بي، وهو حقل مشترك يقع على الحدود البحرية الجنوبية الإسرائيلية الفاصلة مع غزة يضم مخزوناً من الغاز الطبيعي يقترب من تريليون قدم مكعبة، جرى اكتشافه عام 2000، ومنذ عام 2004 عكف هذا الحقل على توفير إمدادات الغاز لمحطات الطاقة في إسرائيل حتى تم تجفيفه عام 2011.

-حقل نوا: وهو حقل تشترك كل من إسرائيل وقطاع غزة في بنيته الجيولوجية، ويمتد لأعماق حدود القطاع البحرية، تم اكتشافه عام 1999 وبدأت إسرائيل بإنتاج الغاز منه عام 2012، حيث وصلت توقعات مخزون الغاز بداخله إلى نحو 3 تريليونات قدم مكعبة.

-حقل المنطقة الوسطى: يقع في المنطقة الوسطى لقطاع غزة وتحديداً قبالة مخيم النصيرات على بعد مئات الأمتار من الشاطئ، قدره خبراء جيولوجيون عام 2014، بأنه يضم 500 مليار قدم مكعبة من الغاز، سعت حماس في ذات العام لاستخراج الغاز منه، إلا أن عائق الحصار أوقف المشروع، بسبب حظر إسرائيل ومصر إدخال بعض المعدات اللازمة لاستخراج الغاز.

ويستورد الفلسطينيون جل احتياجاتهم من المشتقات البترولية والغاز عبر إسرائيل، فيما يقدر متوسط الاستهلاك الشهري من الطاقة بـ90 مليون لتر، وتبلغ فاتورة الاستيراد سنوياً 1.5 مليار دولار سنوياً.

السلطة تقف عائقاً أمام تحركات حماس

تواجه حماس تحدياً في هذا الملف، يتمثل برفض المجتمع الدولي الاعتراف بشرعية الحركة، كما يرفض مبدأ التفاوض المباشر معها، في حين تتولى السلطة في رام الله إدارة ملف الطاقة والموارد الطبيعية.

وقد شكل هذا الملف نقطة خلافات بين حماس وفتح، حيث اعترضت حماس على الاتفاق الذي وقعته السلطة الفلسطينية في فبراير/شباط 2021 مع الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس" وبين كل من إسرائيل والاتحاد الأوروبي، لتطوير حقل "مارين" الذي لا يزال على حاله ولم يخضع بعد لعمليات التنقيب والاستخراج من إسرائيل.

وهاجم موسى أبو مرزوق رئيس مكتب العلاقات الدولية في حركة حماس الاتفاق قائلاً: نحتاج لمعرفة تفاصيل الاتفاقية التي وقعتها السلطة مع إسرائيل، غزة يجب أن تكون حاضرة في أي تفاهمات حول حقولها من الطاقة التي تقع قبالة شواطئها.

محسن أبو رمضان، الخبير الاقتصادي قال لـ"عربي بوست" إن "لدى حماس تحدياً أكبر من إقناع المجتمع الدولي بالانتهاكات الإسرائيلية عبر سرقة الغاز من شواطئ غزة، ويتمثل ذلك بوجود الانقسام الفلسطيني، فلا يمكن لأي طرف دولي أو إقليمي أن يقبل التفاوض حول التنقيب واستخراج الغاز فيما لا تزال سلطة فتح المعترف بها دوليا تعارض أي خطوة قد تقدم عليها حركة حماس".

وأضاف المتحدث "بالرغم من ذلك قد تسعى حماس لاستنساخ نموذج المفاوضات تحت النار، كما يفعل حزب الله مع إسرائيل، ولكن الظروف السياسية قد لا تدعم هذا الاتجاه، بالنظر لخصوصية غزة وما تمثله من معادلات يصعب على إسرائيل أن تقفز عنها أو تقبل بمبدأ إشراك حماس في إدارة حقول الغاز، كون ذلك يمس بهيبة وصورة إسرائيل أمام أعدائها".

“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟

بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى. 

نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”

تحميل المزيد