دراسة.. المعلومات المضللة والشائعات وصلت إلى العناكب، والسبب “الإثارة الصحفية”

عربي بوست
تم النشر: 2022/09/09 الساعة 11:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/09/09 الساعة 12:40 بتوقيت غرينتش

كثُر الحديث في الآونة الأخيرة عن انتشار المعلومات المغلوطة والأخبار المزيفة عبر منصّات الإنترنت المختلفة، وقد يخطر لك أن هذه الظاهرة تنتشر في المواضيع الجدلية والشائكة تحديداً، لكن دراسة جديدة أظهرت أن حتى العناكب لم تسلم من التزييف والشائعات. 

نتلقّى سيلاً هائلاً من الأخبار والمعلومات والقصص الصحفية يومياً من المنصّات المختلفة، وليس لدى أغلبنا الوقت أو القدرة على تعقب الأخبار وفرز صحيحها من خطئها.

تلقي الدراسة الأخيرة الضوء على مستوى انتشار الأخبار المضللة في الإنترنت، حتى ضمن مجالات الحياة العامة التي قد لا تستدعي الحذر عادةً من القرّاء، لكن لماذا قد ينشر أحدهم الشائعات عن عنكبوت؟ 

تزييف في الشبكة العنكبوتية

من أجل فحص دقة التغطية الإخبارية عن العناكب، عمِد فريق من الباحثين المتخصصين بالعناكب إلى تجميعِ 5348 خبراً من 81 دولة و40 لغة، من القصص المنشورة في الفترة ما بين 2010 حتى 2020 في مختلف الصحف الدولية والوطنية والإقليمية. 

توصل الباحثون إلى وجود أخطاء في 47% من المقالات المنشورة عن العناكب، فيما صنّف الخبراء 43% من المقالات ضمن صحافة الإثارة (Sensationalistic).

 ويعني مصطلح "صحافة الإثارة" التغطية الإعلامية التي تركّز على المبالغة في الأحداث أو التعديل التحريري لكتابة الخبر بطريقة صادمة أو مروّعة أو أكثر تشويقاً.

أو كما يعرّفها قاموس أكسفورد هي طريقة لجذب اهتمام الناس باستخدام كلمات تهدف إلى صدمتك أو عرض الحقائق والأحداث على أنها أسوأ أو أكثر ترويعاً مما هي عليه بالفعل. 

غطّى الباحثون في دراستهم المنشورة ضمن مجلة Current Biology العلمية الأخبار الصحفية المتداولة في الإنترنت حول التفاعلات بين الإنسان والعناكب، والقصص الإخبارية التي تغطي لقاءات بين الإنسان والعنكبوت وقصص حوادث لدغ وما شابه ذلك.  

واعتبر الباحثون أن انتشار المعلومات المضللة عن العناكب قد يعود لكونها من الحيوانات المخيفة عموماً، وبالتالي فهي نموذج مثالي لذلك.

وفسّر الباحثون ذلك بأن الانتشار الناجح للمعلومات الخاطئة والمزيفة عبر الإنترنت يرتبط عادةً بالجاذبية المعرفية، أي وجود محفّزات شبه عالمية تستهوي المشاعر الإنسانية (مثل الاشمئزاز والخوف)، ولذلك يمكن أن تجتذب العناكب المزيد من المعلومات الخاطئة وأنواع المحتوى المثير. 

وجاءت فكرة دراسة صحافة العناكب من خيبة أمل ستيفانو مامولا- باحث في علم البيئة والأحياء الجوفية والعنكبوتيات من المجلس الوطني الإيطالي للبحوث- بما ينتشر في الصحافة الإيطالية من أخبار عن العناكب وفقاً لما ينقله عنه موقع Science Daily. 

وهو ما دفعه ليجري الدراسة مع فريق مكوّن من أكثر من 60 عالماً وباحثاً من مختلف أنحاء العالم ليرى ما إذا كانت مشكلة عالمية بالعموم، ومن ثم إجراء الدراسة في فترة جائحة كوفيد-19 حيث لم يكن بالإمكان إجراء دراساتٍ تتطلب العمل الميداني. 

المؤشرات الصحفية المكتشفة من الدراسة

لم تصل الدراسة إلى نتيجة انتشار المعلومات المغلوطة في أخبار العناكب فحسب، بل توصلت أيضاً إلى مؤشرات صحفية محددة عن مواضع الانتشار وعوامل زيادتها.

وكان من أهم المؤشرات احتمالية أن يُصنّف المقال تحت بند صحافة الإثارة، تزداد مع انتشاره في الصحف الدولية والوطنية، مقارنة بالصحف الإقليمية. 

وازداد احتمال انتماء المقال لصنف الإثارة الصحفية أيضاً، عند احتواء المقالة على صور العناكب أو اللدغات.  

ومن أهم عوامل تحسين جودة المعلومات التي اكتشفتها الدراسة كان استشارة الصحفيين للخبراء، إذ ساعد ذلك بتقليل الإثارة والأخطاء بصورة عامة. 

لكن لا يقدم جميع الخبراء قيمة متساوية، فقد انخفضت الإثارة عندما استشارت الجهة الناشرة خبير عنكبوت في كتابتها للمقالة الإخبارية، وإن لم يتبين وجود تأثير مماثل عند استشارة خبراء آخرين، مثل المختصين في المجال الطبي.

ما يعني أن صحة الأخبار ودقتها تزداد مع استشارة الصحفي للخبير الملائم تماماً للمادّة، وليس متخصصاً في مجالٍ متعلق بالموضوع، وإن كان متخصصاً أكاديمياً أو ضمن المجالات العلمية أيضاً. 

ويمكن أن تجد الأحداث المحليّة التي تنشرها الصحف الإقليمية- مثل لدغة عنكبوت لأحدهم في قرية نائية ما في مكانٍ من العالم- طريقها بسرعة إلى الانتشار العالمي، وهو ما يعني أن تحسين جودة المعلومات المنتجة في هذه العقد المحليّة يمكن أن يترك أثراً إيجابياً عبر الشبكة وفقاً للدراسة، أي اتباع استراتيجية "فكر عالمياً، واعمل محليّاً". 

توجّه الدراسة بالملخّص إلى الاهتمام بمبدأ مكافحة الأخبار المزيفة والمعلومات المضللة، لأنها تؤدي لعواقب في العالم الحقيقي، مهما كان المجال، مؤدية لإهدار الأموال والموارد سواء للأشخاص أو للمؤسسات، ونشر الارتباك والخوف، مؤثّرةً على طريقة اتخاذ القرارات الاجتماعية والسياسية. 

تحميل المزيد