دفن ضحايا الثورة السودانية بمقابر جماعية يُغضب الأهالي.. اتهموا الحكومة بمحاولة “طمس الحقيقة”

عربي بوست
تم النشر: 2022/09/08 الساعة 15:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/09/08 الساعة 15:49 بتوقيت غرينتش
احتجاجات في العاصمة السودانية الخرطوم/ رويترز

اجتمع الخميس 8 سبتمبر/أيلول 2022، أهالي المفقودين في أحداث الثورة السودانية وناشطون، بمسؤولين من الحكومة ومن الأمم المتحدة؛ لمناقشة قرار السلطات السودانية دفن أكثر من 3 آلاف جثة مجهولة الهوية كانت قد تكدست في ثلاجات المشارح ومستشفيات البلاد، بذريعة منع المخاطر على البيئة والصحة العامة بسبب تكدس الجثث.

حيث أشارت صحيفة The Guardian البريطانية، في تقرير لها الأربعاء 7 سبتمبر/أيلول 2022، إلى أن الحكومة السودانية أعلنت الأسبوع الماضي عن نيتها حفر مقابر جماعية لدفن الجثامين، وعلَّل المدعي العام السوداني القرارَ بالقول إن مستودعات الجثث مزدحمة، وإن كثيراً من الجثامين أصابها التحلل ويجب دفنها.

غضب في السودان من "طمس الحقيقة"

لكن هذه الخطوة أثارت غضب كثير من الأهالي والناشطين الذين قالوا إنها تسعى إلى "طمس الحقيقة"، وإزالة أي شواهد متبقية على حقيقة ما حدث للمتظاهرين المطالبين بالديمقراطية، ممن يُزعم أنهم قُتلوا على أيدي قوات شبه عسكرية وميليشيات موالية للنظام السابق في أثناء انتفاضة 2018 وانقلاب 2019 الذي أزاح الرئيس السابق عمر البشير، وإبان الاحتجاجات التي تخللت تلك المدة وأعقبتها.

أخبرت السلطات الأهالي أكثر من مرة بأن المشارح لم يعد بها جثامين مجهولة الهوية أو لم يطالب بها أحد، ومع ذلك قررت السلطات إغلاق مشرحة أحد المستشفيات بالعاصمة الخرطوم في مايو/أيار بعد العثور على أكثر من ألف جثة كانت مودعة في المشرحة، وقد تحللت بسبب الحر. ثم قال مسؤولون إن هناك 1300 جثة أخرى مودعة في مستشفيين آخرين بالخرطوم.

قال الطيب العباسي، المحامي ورئيس لجنة التحقيق بشأن مفقودي أحداث مجزرة فض اعتصام القيادة العامة 2019، إنه يجب تحديد هوية جميع الجثامين رسمياً، ودفنها في مقابر منفصلة.

كما أوضح العباسي أن "القيام بذلك يقتضي أمراً يحدث أول مرة في السودان، وهو دفن جثمان كل شخص مفقود في قبر منفصل بعد الحصول على حمضه النووي، وإنشاء ملفات تعريفية بجميع التفاصيل الأخرى. وقد يمنحنا فحص الجثث بعض الشواهد على كيفية موتهم. ونأمل أن تساعدنا عملية تحديد الهوية، إن تمت على وجه صحيح، في معرفة ما حدث".

ضحايا الاحتجاجات مصيرهم مجهول

تبحث سمية عثمان عن ابنها إسماعيل، الذي كان يبلغ من العمر 24 عاماً، وكان مشاركاً في اعتصام القيادة العامة عندما شنت قوات الدعم السريع في 3 يونيو/حزيران 2019، حملة قمع وحشية على المتظاهرين. وتقول سمية: "لقد تركوا [الحكومة] الجثث [عرضة للتحلل] لطمس الحقيقة. لقد تعمَّدوا ذلك".

آخر ما تعرفه سمية عما حدث لابنها إسماعيل هو أن جنود قوات الدعم السريع أوقفوه وهو يقود سيارته ومعه صديق في الخرطوم. 

تقول إن صديق إسماعيل "هرب، وظل ابني في سيارته. ولم نسمع عنه أي خبر بعد ذلك، ثم عثرنا على سيارته في وقت لاحق، متروكة على بعد كيلومترات عند أحد الجسور. نحن في كرب شديد، لكننا لن نكف عن البحث عن الحقيقة".

بينما قالت إيمان موسى، التي فُقد شقيقها المكاشفي موسى، الذي كان يبلغ من العمر 28 عاماً، في أحداث فض الاعتصام: "ما ستفعله [الحكومة] الآن أشد وطأة من جهلنا بمصير شقيقي، إن كان حياً أو ميتاً. لقد فاض بنا الكيل حتى أصبحنا نرى أنه لا عدالة [ولا انتصاف] لنا في هذا العالم".

من جانب آخر، قالت لجنة أطباء السودان المركزية، في بيان لها: نرى "التوجيه بدفن الجثث المجهولة الهوية المكدَّسة في المشارح [يأتي] في سياق الأحداث المتعلقة بانتهاكات السلطة الانقلابية، والسجل الخاص بتعامل الأجهزة العدلية مع ضحايا الثورة وشهدائها، وهو محاولة لدفن الأدلة الدامغة التي تدين القتل الممنهج بسلاح الدولة ووأد العدالة".

فيما رفضت الحكومة السودانية طلبات من صحيفة The Guardian للتعليق.

تحميل المزيد