وقّع الرئيس فلاديمير بوتين، الإثنين 5 سبتمبر/أيلول 2022، مرسوماً بالموافقة على عقيدة جديدة للسياسة الخارجية، تقوم على مفهوم "العالم الروسي"، وهو تصور استخدمه المنظرون المحافظون لتبرير التدخل في الخارج دعماً للمتحدثين بالروسية.
تنص وثيقة "السياسة الإنسانية" المؤلفة من 31 صفحة، والتي نُشرت بعد أكثر من ستة أشهر من بدء الحرب في أوكرانيا، على أنه ينبغي لروسيا "حماية تقاليد ومُثل العالم الروسي وضمان سلامتها والنهوض بها".
بينما جرى تقديم الوثيقة كإحدى استراتيجيات القوة الناعمة، فإنها تهدف في الوقت نفسه إلى تكريس أفكار سياسية ودينية في صلب السياسة الخارجية الرسمية للدولة، وهي أفكار استخدمها بعض المتشددين لتبرير احتلال موسكو لأجزاء من أوكرانيا، ودعم الكيانات الانفصالية المؤيدة لروسيا في شرق البلاد.
جاء في الوثيقة أن "روسيا الاتحادية تقدم الدعم لمواطنيها الذين يعيشون في الخارج لنيل حقوقهم وضمان حماية مصالحهم والحفاظ على هويتهم الثقافية الروسية".
أضافت الوثيقة أن علاقات روسيا مع مواطنيها في الخارج تسمح لها "بتعزيز صورتها على المسرح الدولي كدولة ديمقراطية تسعى جاهدة لخلق عالم متعدد الأقطاب".
كان بوتين قد دأب منذ سنوات على تسليط الضوء على ما يصفه بمصير مأساوي لحوالي 25 مليون شخص من أصل روسي، وجدوا أنفسهم يعيشون خارج روسيا في دول مستقلة حديثاً، عندما انهار الاتحاد السوفييتي في 1991، وهو الحدث الذي وصفه بأنه "كارثة جيوسياسية".
واصلت روسيا اعتبار دول الاتحاد السوفييتي السابق، من البلطيق إلى آسيا الوسطى، على أنه مجال نفوذها الشرعي، وهي فكرة قاومتها بشدة العديد من تلك الدول وكذلك الغرب.
تنص السياسة الجديدة أيضاً على أنه يتعين على روسيا زيادة التعاون مع الدول السلافية والصين والهند، بجانب تقوية علاقاتها مع الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية وأفريقيا.
وتشير كذلك إلى أنه على موسكو تعزيز علاقاتها مع أبخازيا وأوسيتيا، وهما منطقتان في جورجيا اعترفت موسكو باستقلالهما بعد حربها ضد جورجيا في عام 2008، بالإضافة إلى الإقليمين الانفصاليين في شرق أوكرانيا واللذين أعلنا استقلالهما من جانب واحد تحت اسم جمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوجانسك الشعبية.
يأتي الإعلان عن هذه "العقيدة الجديدة" للسياسة الخارجية الروسية، فيما تواصل موسكو حربها على أوكرانيا التي بدأت في فبراير/شباط 2022، ما أدى إلى رفض دولي واسع للهجوم تبعته عقوبات اقتصادية مشددة على موسكو التي تشترط لإنهاء عمليتها تخلي كييف عن خطط الانضمام إلى كيانات عسكرية والتزام الحياد، وهو ما تعده الأخيرة "تدخلاً" في سيادتها.