كشف تقرير عن سلوكيات الإهمال بين الطيارين في الخطوط الجوية الفرنسية Air France، أنَّ طائرة ركاب تابعة لشركة الطيران الوطنية كانت محظوظة؛ لتفاديها التحول إلى كرة نارية عندما تجاهل القبطان إجراءات السلامة القياسية بشأن تسرب الوقود.
واستشهد مكتب التحقيقات والتحليل التابع لوزارة الطيران المدني الفرنسية بحادث رحلة إلى باريس من برازافيل، عاصمة الكونغو، باعتباره واحداً من سلسلة من القواعد التي تجاهلتها أطقم الخطوط الجوية الفرنسية، بحسب صحيفة The Times البريطانية، الأربعاء 24 أغسطس/آب 2022.
الصحيفة البريطانية أوضحت أن كابتن طائرة إيرباص A330 فشل في اتباع الإجراءات القياسية وأغلق أحد المحركين بعد تسرب طنّين من الوقود إلى الجناح المُوصَل به. وتحولت وجهة الطائرة، التي كانت تقل 260 راكباً، إلى نجامينا، عاصمة تشاد، حيث نفذت هبوطاً خطيراً. كانت مكابحها حمراء ساخنة قبل أن يتوقف المحرك بسبب الوقود المتسرب. ولم يكن الطاقم على علم بأنَّ المدرج قصير جداً بالنسبة لمثل هذه الطائرة الكبيرة.
كما ذكر تقرير مكتب التحقيقات والتحليل: "توقف المحرك… وتجاهل الفريق ذلك عمداً. وتسبّب هذا القرار في خطر نشوب حريق وأدى إلى انخفاض كبير في سلامة الرحلة، لأنَّ الحظ وحده هو ما جنّب الطائرة الاشتعال".
ومن بين الأسباب التي قدّمها الطيارون لعدم إيقاف تشغيل التوربينات النفاثة في رحلة ديسمبر/كانون الأول 2020، الرغبة في عدم إزعاج طاقم الطائرة وعدم الرغبة في إيقاف تشغيل محرك يعمل.
إذ قال مكتب التحقيقات والتحليل، وهو إحدى وكالات السلامة والحوادث الجوية الرائدة في العالم، إنها لا تريد وصم الخطوط الجوية الفرنسية لكنها أشارت "بعد عدد من التحقيقات الأخيرة إلى أنَّ أفراد الطواقم التي شملتها… لم يتخذوا بعض الإجراءات على النحو الواجب".
التقليل من تطبيق إجراءات السلامة
مكتب التحقيقات أضاف أيضاً أنَّ بعض طياري الخطوط الجوية الفرنسية البالغ عددهم 4000 شخص "تبنوا ثقافة التقليل من أهمية التطبيق الصارم لإجراءات السلامة". وحث المكتب شركة الطيران الوطنية على "إعادة احترام الإجراءات إلى صميم ثقافة السلامة في الشركة".
وفي حوادث أخرى، قال مكتب الطيران المدني إنَّ طياري الخطوط الجوية الفرنسية في عام 2017 حلّقوا بطائرتي "إيرباص" بطريقة متهورة. وقد تسابقوا بسرعة عالية وانطلقوا في صعود شديد الانحدار بشكل خطير؛ مما أدى في إحدى الحالات إلى إطلاق تحذير من الاصطدام المحتمل بطائرة أخرى.
إذ أصدر مكتب التحقيقات والتحليل تقريره قبل المحاكمة الجنائية في أكتوبر/تشرين الأول للخطوط الجوية الفرنسية، وشركة صناعة الطائرات "إيرباص" بتهمة القتل غير العمد في حادث تحطم الرحلة رقم 447، التي أودت بحياة 228 شخصاً قبالة الساحل البرازيلي في يونيو/حزيران 2009. وألقى تحقيق المكتب باللوم على الطيارين؛ لفشلهم في التعامل مع خلل مؤقت وترك الطائرة تهبط في المحيط الأطلسي. ودفعت الكارثة شركة الخطوط الجوية الفرنسية إلى تغيير أساليب التدريب وإجراءات سطح الطيران لصقل مهارات الطيران لدى طياريها.
الانحراف عن المعايير الأوروبية
كما انتقد التقرير الأخير شركة الطيران لانحرافها عن المعايير الأوروبية. ففي حين أنَّ كتيبات معايير الطيران الأوروبية تقول إنَّ الطيارين قد "يتكيفون إذا لزم الأمر مع المواقف التي لا توجد فيها توجيهات أو إجراءات"، تقول نسخة الخطوط الجوية الفرنسية إنَّ الطيارين "قد يرتجلون عندما يواجهون مواقف لا يمكن التنبؤ بها من أجل تحقيق أفضل نتيجة".
من جانبها، قالت الخطوط الجوية الفرنسية، وهي جزء من تحالف الخطوط الجوية الفرنسية والخطوط الجوية الملكية الهولندية وتعتبر الدولة أكبر مساهم فيها، إنها ستأخذ في الاعتبار جميع التوصيات الواردة في التقرير. وأضافت أنها ستجري في الأشهر المقبلة تدقيقاً عبر الشركة "لتوسيع بعض استنتاجات هذا التقرير إذا لزم الأمر".