أثارت الزيارة المنتظرة لمسؤول ديني يهودي إلى الجزائر الكثير من الجدل، ودفعت أكبر حزب إسلامي في البلاد للتحذير من زيارة حاخام فرنسا الكبير، حيث من المنتظر أن يرافق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يبدأ زيارة رسمية للجزائر الخميس 25 أغسطس/آب 2022.
فبينما عبر حاخام فرنسا الكبير، حاييم كورسيا، عن سعادته بالذهاب للمرة الأولى في حياته إلى الجزائر التي ولدت وعاشت فيها عائلته، حذر عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم، التي تمثل أكبر حزب إسلامي في البلاد، من وجود "محاولات مكثفة لجر الجزائر إلى التطبيع".
كانت الرئاسة الفرنسية "الإليزيه" أعلنت، السبت 20 أغسطس/آب، أن الرئيس إيمانويل ماكرون سيزور الجزائر من 25 حتى 27 أغسطس/آب بهدف إحياء العلاقات بين البلدين بعد شهور من التوتر. وتعد هذه ثاني زيارة رسمية يقوم بها ماكرون إلى الجزائر خلال 5 سنوات.
حاخام فرنسا الكبير في الجزائر
في حوار مع موقع قناة "فرانس 24" عبر حاخام فرنسا الكبير حاييم كورسيا عن سعادته بالذهاب إلى الجزائر للمرة الأولى في حياته وهو البلد الذي ولدت وعاشت فيه عائلته.
كما أكد أنه "يتشوق إلى رؤية هذه الأرض" التي لطالما قرأ عنها الكثير "عبر الكتب والمقالات"، متمنياً أن تكون هذه الزيارة بداية لعودة جميع اليهود الذين ولدوا في الجزائر للوقوف على مقابر أقاربهم الذين دفنوا في الضفة الأخرى من المتوسط.
حاييم كورسيا لن يذهب هذه المرة إلى تلمسان ووهران بسبب ضيق الوقت، لكنه سيعود مرة أخرى إلى الجزائر في المستقبل الكبير، حسب قوله.
كما قال حاخام فرنسا الكبير: "أريد أن أقول إن هناك العديد من الجهات التي بدأت فعلاً تعمل وتنشط من أجل التقارب بين الجالية اليهودية التي كانت تعيش في الجزائر ووطنها الأصلي".
أضاف أيضاً: "شخصياً لدي قناعة كبيرة بأن السلطات الجزائرية تعمل هي الأخرى في هذا الاتجاه ومن أجل تصالح الذاكرة والسماح ليهود الجزائر بالعودة إلى وطنهم الأصلي لرؤية الأنوار التي عرفوها خلال طفولتهم ولكي يشموا من جديد الروائح التي دفنوها داخل قلوبهم وذاكرتهم خلال سنوات عديدة".
مقري يحذر من جرّ الجزائر للتطبيع
من جهته، قال عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم، في تدوينة له على فيسبوك، إن هناك محاولات مكثفة لجر الجزائر إلى التطبيع. فبعد الفضيحة التي تورط فيها لاعبو كرة القدم لزيارتهم الكيان مع فريقهم، ها هي فرنسا الرسمية تدق المسمار أكثر بإحضار كبير اليهود في فرنسا المساند للكيان والمنكر للحق الفلسطيني، وللتمويه على الأهداف التطبيعية أحضر ماكرون في حقائبه كذلك عميد مسجد باريس.
كما تساءل مقري في سياق انتقاده للزيارة، عن دوافع فرنسا لإحضار حاخام فرنسا الكبير إلى الجزائر، بالقول: "أليست فرنسا هي زعيمة العلمانية اللائكية الجاكوبية المحاربة لأي علاقة بين الدين والسياسة؟ لماذا إذن تخلط الدين بالسياسة؟ أم أن اللائكية الفرنسية تختص بمحاربة الإسلام فقط في خطب رئيسها وفي التضييق على المسلمين في خمار المرأة، وخطاب الأئمة، وتشويه المعتقدات، وعدوان الإعلام، وعنصرية التوظيف والارتقاء الاجتماعي للملتزمين، والتضييق على المساجد والمصليات".
أشار مقري أيضاً إلى أن "ضغط المنظومة الدولية الغربية -وعلى رأسها فرنسا- على الجزائر لتستسلم لن يؤدي إلى نتيجة إذا كان الصف الداخلي سليماً".
كما حذر من وجود من وصفهم بـ"ذوي القابلية للاستعمار" و"المهزومين حضارياً وثقافياً والعملاء المدسوسين وأصحاب المصالح من بني جلدتنا، داخل النظام السياسي وفي المجتمع الجزائري".