يدرس الكرملين إمكانية تأجيل التصويت المزمع على ضم الأراضي التي سيطر عليها في جنوب أوكرانيا وشرقها بعد تباطؤ التقدم الروسي العسكري في تلك المناطق، وهو أمر قد يمثل انتكاسة لمساعي روسيا الرامية إلى تعزيز مكاسبها، وفق ما ذكرته وكالة Bloomberg الأمريكية.
الوكالة أوضحت في تقرير لها السبت 20 أغسطس/آب 2022، أنه كان من المقرر لهذه الاستفتاءات في الأصل أن تُجرى الشهر المقبل، إلا أن مصادر مطلعة على المناقشات كشفت أن الاستفتاءات قد تؤجَّل إلى أواخر ديسمبر/كانون الأول أو يناير/كانون الثاني.
كما أضافت أن سبب ذلك يعود لكون القوات الروسية لم تتمكن بعد من فرض سيطرتها الكاملة على المناطق التي يسعى الكرملين إلى إعلانها مناطق تابعة له. وكان موقع Meduza الإخباري الروسي أول من أورد، الخميس، 18 أغسطس/آب احتمال تأجيل الاستفتاء.
الكرملين لم يتخلَّ عن الاستفتاء
لكن المصادر أشارت إلى أن الكرملين لم يتخل حتى الآن عن آماله في إجراء التصويت في سبتمبر/أيلول، والاستعدادات مستمرة. وقال مسؤولون روس إن المواعيد الرسمية لإجراء الاستفتاء ستُحدد بمجرد أن تسمح الحالة الأمنية بذلك.
على الرغم من أن أي تصويت سيُرفض دولياً لأنه غير قانوني، فإن الكرملين يسعى إلى استخدام الاستفتاء في الترويج لنوع من الانتصار الرمزي لنفسه بين الجمهور المحلي في روسيا، لا سيما بعد مرور أكثر من 6 أشهر من بدء الغزو، إضافة إلى أن تلك الخطوات تشير إلى عزمه على الاحتفاظ بالسيطرة على تلك الأراضي، مهما تعهدت أوكرانيا بطرد قواته من هناك.
يُذكر أن روسيا أجرت على عجل استفتاءً مشابهاً في شبه جزيرة القرم قبل أيام من إعلان اقتطاعها من أوكرانيا عام 2014. ولم تعترف أي دولة كبرى بهذا التصويت، واستنكرت كييف وحلفاؤها هذه الإجراءات، ووصفوها بأنها مخالفة للقانون، وقالوا إن أي خطوات أخرى تفعلها روسيا في هذا السياق باطلة.
تباطؤ تقدم روسيا بأوكرانيا
يأتي ذلك في وقت اضطرت فيه القوات الروسية إلى وقف تقدمها العسكري في مناطق عدة خلال الأسابيع الأخيرة، بعد أن وسعت قوات كييف نطاق ضرباتها خلف الخطوط الروسية بأسلحة جديدة بعيدة المدى، حصلت عليها من الولايات المتحدة وحلفائها.
حيث أشار مسؤولون أوكرانيون إلى أن القوات الأوكرانية قد تشن، في الخريف المقبل، هجوماً مضاداً أوسع نطاقاً لاستعادة الأراضي التي احتلتها روسيا.
كما عجزت روسيا في الأيام الأولى من الغزو عن فرض سيطرتها على الأراضي التي استولت عليها حول العاصمة الأوكرانية كييف، لكنها تمكنت من تمديد سيطرتها إلى مناطق عدة في دونباس بالشرق ومناطق خيرسون وزاباروجيا في الجنوب، وهي مناطق تُتيح لروسيا الربط البري بين دونباس وشبه جزيرة القرم.
مع ذلك، فإن القوات الروسية لا تسيطر سيطرة كاملة على أراضي تلك المناطق، علاوة على أن عشرات الآلاف من سكانها قد فروا بسبب القتال الدائر فيها، وكل ذلك يزيد من صعوبة بلوغ روسيا مآربها في فرض نوع من الشرعية على تصويت الضم لهذه المناطق.
كان الكرملين قد تحرك لضم الأراضي المحتلة، وأعلن عن تنصيب مسؤولين تابعين له لإدارتها، وفرض استخدام الروبل، وبدأ في إعادة كتابة المناهج الدراسية لترويج سرديته التاريخية.