يحل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون بالجزائر في 25 أغسطس/آب الجاري في زيارة هي الأولى للرئيس الفرنسي منذ 2017.
وستكون زيارة ماكرون إلى الجزائر شديدة الحساسية، بالنظر إلى التوتر الكبير الذي عرفته العلاقات بين البلدين خلال 3 سنوات الماضية.
ووصلت العلاقات الجزائرية الفرنسية إلى حد سحب السفير من باريس ومنع الطائرات الفرنسية العسكرية من التحليق في أجوائها، فضلاً عن غلق قنوات الاتصال الدبلوماسية.
واضطر الإليزيه لإصدار بيان بصيغة اعتذارية عن تصريحات ماكرون، مشدداً على احترام الجزائر وشعبها وتاريخها.
ووفق مصادر مطلعة لـ"عربي بوست" فإن الرئيس الفرنسي سيحمل في حقيبته 4 ملفات رئيسية لمناقشتها مع الطرف الجزائري.
زيارة ماكرون للجزائر
قالت مصادر مطلعة لـ"عربي بوست" إن جدول أعمال الرئيس الفرنسي مع نظيره الجزائري عبد المجيد تبون سيتمحور حول 4 ملفات رئيسية.
الملف الأول الذي سيناقشه ماكرون وتبون مرتبط بالعلاقات التاريخية بين البلدين أو ما يسمى بملف الذاكرة، حيث ستأخذ الحيز الأكبر من النقاش، إذ ترغب الجزائر في المزيد من التنازلات الفرنسية بخصوص ملف الأرشيف، واستعادة رفات وجماجم أبطال المقاومات الشعبية.
كما يسعى تبون لافتكاك قرار من ماكرون يخص التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية، إذ تطالب الجزائر بالخرائط الدقيقة للتجارب وتعويضات للمتضررين منها، بينما ترفض باريس ذلك لحد الآن.
أما الملف الثاني فيرتبط بالطاقة في ظل الحرب الأوكرانية الروسية والأزمة السياسية بين الجزائر وإسبانيا، خاصة أن الأخيرة هي التي توصل الغاز الجزائري إلى باريس عبر أنبوب ميدغاز.
ويسعى ماكرون لتأمين احتياجات أكبر لفرنسا وأوروبا من الغاز الجزائري لا سيما بعد إعطاء الإشارة لبدء إنشاء خط أنابيب غازية جديدة بين فرنسا وإسبانيا، وذلك في مسعى الاتحاد الأوروبي للتخلص من التبعية الطاقوية لروسيا على المدَيَين المتوسط والبعيد.
وفيما يخص الملف الثالث فيرتبط بالعلاقات الاقتصادية الثنائية التي تتراجع بشكل مخيف بالنسبة للفرنسيين لصالح الصين وتركيا وإيطاليا.
كانت الجزائر قد ألغت 3 اجتماعات اقتصادية مهمة مع فرنسا خلال السنتين الماضيتين لأسباب مختلفة.
وقال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في حوار لمجلة لوبوان في رد على سؤال حول تراجع الشركات الفرنسية في الجزائر على حساب التركية والصينية، قال إن من يريد أخذ المشروعات عليه أن يستثمر لأن الجزائر تغيرت ولم تعد مثل السابق.
الملف الرابع يرتبط بالمنطقة عموماً، حيث يناقش تبون وماكرون ملفي ليبيا ومالي والهجرة غير النظامية.
ويحاول الرئيسان تقريب وجهات النظر بين البلدين باعتبارها فاعلين أساسيين، وذلك رغم اختلاف وجهات النظر بالتحديد في ليبيا ومالي.
وعن الهجرة غير النظامية والتأشيرة من المتوقع أن يعرف الملف انفراجاً وتعود حصة الجزائر من التأشيرات الفرنسية إلى سابق عهدها، وفق مصدر موثوق لـ"عربي بوست".
ماكرون تبون والجيش
حاول الرئيس الفرنسي من خلال تصريحاته السابقة أن يفصل بين الرئيس تبون والمؤسسة العسكرية في الجزائر، وقال في أحد تصريحاته الصحافية إن تبون عالق بين نظام عسكري متحجر.
وأضاف الرئيس الفرنسي أن الكره الشعبي الجزائري تجاه باريس سببه النظام الجزائري الذي يبني شرعيته على ذلك.
ورد تبون على تلك التصريحات في حوار بثه التلفزيون الرسمي بأنها شعبوية وهدفها انتخابي وتحمل حقداً دفيناً على الجزائر، مؤكداً أن الكره الذي يتحدث عنه الرئيس الفرنسي سببه مجازر فرنسا المرتكبة طيلة 132 سنة من الاحتلال.
انفراجة
يتوقع المحلل السياسي فاتح بن حمو أن تذيب زيارة الرئيس الفرنسي للجزائر الجليد بين البلدين، خاصة على المستوى الاقتصادي.
وتوقع بن حمو الذي تحدث لـ"عربي بوست" أن تقدم باريس تنازلات للجزائر في ملفي الذاكرة والهجرة مقابل ملف الطاقة الذي باتت الجزائر تحسن استغلاله جيداً في ظل الأزمة الطاقوية العالمية الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية.
ومن خلال الرسائل والمكالمات المتبادلة بين تبون وماكرون خلال الأشهر الماضية يتبين أن الرئيسين يتطلعان لإعادة الدفء إلى العلاقات الثنائية، حسب المحلل السياسي عينه.
ويعتقد بن حمو أن باريس بحاجة إلى الجزائر، والعكس صحيح في الوقت الراهن، فالجزائر تسعى لتأمين احتياجاتها من القمح واللحوم بعد قطع علاقاتها التجارية مع إسبانيا، وباريس بحاجة إلى الجزائر بعد غلق الروس صنبور الغاز تدريجياً.
“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.
نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”