دخلت مساحات شاسعة من بريطانيا في حالة جفافٍ اليوم رسمياً، وسط ارتفاع درجات الحرارة وغياب الأمطار بشكلٍ شبه كامل منذ يونيو/حزيران الماضي، حسب ما ذكرته صحيفة Daily Mail البريطانية، الجمعة 12 أغسطس/آب 2022.
يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة أن أجزاء من جنوب ووسط وشرق البلاد انتقلت إلى حالة الجفاف، بينما حثّت السلطات سكان تلك المناطق على الاقتصاد في استخدام المياه، بسبب الصيف الأكثر جفافاً ودون أمطار منذ 50 عاماً.
إجراءات للحد من استخدام المياه
بدورها، حددت المتاجر أعداد زجاجات المياه المعبأة التي يمكن للفرد شراؤها، من أجل الحيلولة دون هلع الشراء، فيما أصبحت الملايين من المنازل عرضةً لحظر استخدام خراطيم المياه.
وجاءت الخطوة بالتزامن مع وضع متاجر Aldi في لندن ملصقات لتحديد عدد زجاجات مياه الشرب المتاح لكل عميل شراؤها بما يتراوح بين ثلاث وخمس زجاجات، وذلك وسط حالةٍ من هلع الشراء.
يذكر أن إعلان الجفاف في ثماني مناطق من إنجلترا، الجمعة، لا يعني فرض القيود القانونية على استخدام المياه تلقائياً. لكنه سيفرض ضغوطات أكبر على شركات المياه؛ لمنع العملاء من استخدام خراطيم ورشاشات المياه. ومن المحتمل حظر غسل السيارات باستخدام دلو مياه معبأ من الصنبور قريباً.
وإذا لم تُمطر السماء خلال الأسابيع المقبلة، فربما يُحظر على الملايين غسل أي سيارات، أو بنايات، أو نوافذ. ومن المحتمل تحديد حصص المياه المخصصة لكل أسرة أيضاً.
تجنب الاستحمام لفترات طويلة
من جانب آخر، أوصت السلطات البريطانيين بتجنب الاستحمام لفترات طويلة، وتقليل المياه المستخدمة في الغلايات، وغسل الملابس في دورات كاملة الحمولة، وعدم استخدام غسالة الأطباق سوى مرة واحدة يومياً كحدٍ أقصى.
لكن الحكومة أكّدت عدم تكرار قطع المياه عن المنازل كما حدث عام 1976، عندما اضطر الملايين لاستخدام الأنابيب الرأسية الموجودة في الشوارع.
حيث قال وزير المياه ستيف دوبل: "أكدت لنا جميع شركات المياه أن الإمدادات الأساسية ما تزال في أمان. ونحن مستعدون لفترات الطقس الجاف بشكلٍ أفضل من السابق. لكننا سنواصل مراقبة الوضع عن قرب، وضمن ذلك التداعيات على المزارعين والبيئة، من أجل اتخاذ خطوات إضافية عند الحاجة".
ويعد هذا هو الجفاف الأول داخل المملكة المتحدة منذ عام 2018، رغم أن جفاف عام 2018 انتهى سريعاً بفضل الأمطار الغزيرة.
ومن المستبعد أن تشهد غالبية أجزاء جنوب إنجلترا أي أمطار كبيرة حتى شهر سبتمبر/أيلول المقبل، رغم احتمالية هطول الأمطار الجارفة والعواصف الرعدية الإثنين 15 أغسطس/آب.
وستضغط هذه الخطوة على شركات المياه من أجل بذل جهود أكبر للحفاظ على إمدادات المياه، بعد عددٍ من التسريبات الكبيرة التي أهدرت الملايين من غالونات المياه في الأسابيع الأخيرة.
الجفاف يهدد الزراعة ببريطانيا
ويأتي ذلك أيضاً في ظل تأثير الأوضاع الحارة والجافة على الزراعة وضمن ذلك الحبوب، والفواكه، والخضراوات.
في السياق، قال الاتحاد الوطني للمزارعين إن المحاصيل القائمة والأراضي المعشبة شديدة الجفاف تمثلان خطراً كبيراً يهدد بانتشار الحرائق. وحث الاتحاد البريطانيين على تجنب حفلات الشواء؛ حتى لا تندلع الحرائق، وسط تحذيرات من أن فرق الإطفاء تبذل جهوداً أكبر من طاقتها بالفعل.
وجرى الإعلان عن حظر خراطيم المياه لنحو 17 مليون شخص، وسينضم إليهم 15 مليوناً آخرين قريباً. بعد أن مرت أجزاءٌ في جنوب إنجلترا بأكثر شهور يوليو/تموز الماضي جفافاً منذ بدء تسجيلات الطقس، بينما انخفضت خزانات المياه إلى أدنى مستوياتها في آخر 30 عاماً.
وأصبحت Yorkshire Water، الجمعة، خامس شركة مياه في إنجلترا وويلز تُعلن حظر استخدام خراطيم المياه على عملائها البالغ عددهم خمسة ملايين شخص.
كما أعلنت شركات Southern Water، وSouth East Water، وWelsh Water، وThames Water عن حظر استخدام خراطيم المياه أيضاً سواءً الآن أو خلال الأسابيع المقبلة. بينما لمحت South West Water وSevern Trent إلى أنها ستفرض بعض القيود أيضاً. وتخدم هذه الشركات معاً أكثر من 32 مليون شخص.
درجات الحرارة في ارتفاع
ووصلت درجات الحرارة اليوم 12 أغسطس/آب، إلى 35 درجة مئوية. مما يجعل إنجلترا أشد حرارة من بعض أجزاء الكاريبي ويهدد المحاصيل مثل البطاطس، والتفاح، والجنجل، والبروكلي، والكرنب.
وحرمت هذه الظروف عدداً من المناطق من هطول الأمطار بشكلٍ شبه كامل طوال الصيف، مما دفع مجموعة الجفاف الوطنية إلى إعلان حالة الجفاف رسمياً في بعض أجزاء جنوب غربي إنجلترا، وبعض أجزاء جنوب ووسط إنجلترا، ومنطقة شرق إنجلترا.
ربما تؤدي هذه الخطوة إلى فرض مزيد من تدابير حظر استخدام خراطيم المياه، لكن وكالة البيئة طمأنت العامة على سلامة إمدادات المياه الأساسية.
وأوضح وزير المياه أن الحكومة تتخذ عدداً من الخطوات بالتعاون مع وكالة البيئة وغيرها من الوكالات من أجل إدارة تداعيات الجفاف.
حالة هلع على شراء المياه
على صعيدٍ آخر، عادت حالة هلع الشراء من جديد لتطارد زجاجات المياه هذه المرة، استعداداً للجفاف الوشيك.
ورجع البريطانيون مجدداً إلى القلق حيال الرفوف الفارغة كما حدث في فترة ما قبل جائحة كورونا، حيث يحاولون تكديس مخزون كبير من المياه قبل فوات الأوان.
وسيجري إعلان الجفاف بعد اجتماعٍ لمجموعة الجفاف الوطنية، الجمعة، تحت رئاسة وكالة البيئة، وبمشاركة شركات المياه، وبعض الكيانات الأخرى مثل الاتحاد الوطني للمزارعين ومنظمة الصيادين غير الربحية.
ولن يؤدي إعلان الجفاف رسمياً إلى اتخاذ شركات المياه أي تدابير بعينها، لكنه يخلق "شعوراً بضرورة التحرك العاجل"، وفقاً للمصادر الحكومية. بينما قال المتحدث باسم وكالة البيئة إن الشركات لن تكون ملزمةً باتخاذ أي إجراءات.