خلُصت دراسة أجراها فريق بحثي من جامعة ييل الأمريكية إلى أن العقوبات الغربية كان لها وقع كارثي على الاقتصاد الروسي، ما قد يجر البلاد إلى حالة من التخبط و"التيه الاقتصادي"، وذلك على الرغم من مساعي موسكو الحثيثة للتهوين من تداعيات الهجوم على أوكرانيا، حسبما ذكرته صحيفة The Times البريطانية، الخميس 4 أغسطس/آب 2022.
وأشارت الدراسة إلى أن حكومة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وإن كانت نجحت في حصد مليارات الدولارات من تضخم أسعار بيع الطاقة منذ بداية الغزو في 24 فبراير/شباط، إلا أن البيانات والمؤشرات الواردة من قطاعات الاقتصاد الأخرى تكشف عن تعثر شديد في كثير من أوجه النشاط الاقتصادي المحلي.
"حرب الاستنزاف الاقتصادي"
ولفتت الدراسة إلى أن نزوح الشركات التجارية الدولية من البلاد وتراجع الصادرات يتناقض مع ادعاءات بوتين بأن اقتصاد بلاده لا يزال قوياً، والمزاعم بأنه المنتصر في "حرب الاستنزاف الاقتصادي" التي تشنها الدول الغربية على بلاده.
واعتمد الخبراء في كلية ييل للإدارة على بيانات المستهلكين الواردة من شركاء روسيا في التجارة والشحن الدولي لقياس حالة النشاط الاقتصادي للبلاد بعد خمسة أشهر من الغزو.
في السياق، قال تقرير الدراسة: "إن نتائج تحليلنا الاقتصادي الشامل لروسيا موثوقة وعصية على الإنكار، والخلاصة أن عقوبات الغرب وانسحاب شركاته من روسيا لم تكن ناجعة فحسب، بل إنها شلَّت الاقتصاد الروسي شللاً تاماً على جميع المستويات. فالإنتاج المحلي الروسي يكاد يتوقف بالكامل، ولا سبيل أمامه لتعويض الشركات والمنتجات والمواهب المفقودة".
يُذكر أن روسيا توقفت عن إصدار بعض بياناتها الاقتصادية الرسمية، مثل بيانات التجارة، وفرضت رقابة على بعضها الآخر، ولم تعد تصدر إلا إحصاءات منتقاة تُواتي دعايتها، لكن فريق الدراسة فحص قدراً كبيراً من البيانات لتكوين تصورٍ أوسع وأقرب إلى الحقيقة.
5 ملايين خسروا وظائفهم
وخلص الباحثون إلى أن قدرة روسيا على تصدير السلع لحقت بها أضرار يتعذر معالجتها، وأن قطاع الواردات قد انهار تقريباً، ومن ثم تواجه البلاد نقصاً حاداً في العمالة الماهرة وقطع الغيار والتكنولوجيا اللازمة للإنتاج، حتى إن الواردات المهمة من الصين، التي قدمت الدعم السياسي لبوتين، انخفضت بأكثر من النصف.
وقال التقرير إن "تفريغ قواعد الابتكار والإنتاج المحلية في روسيا من ركائزها أدى إلى ارتفاع أسعار المنتجات وتفاقم مخاوف المستهلكين".
من جانب آخر، كشفت الدراسة أن نحو 1000 شركة انسحبت من روسيا منذ شهر فبراير/شباط، وأخذت معها أعمالاً تجارية تعادل 40% من الناتج المحلي الإجمالي، وامتدت تداعيات ذلك للإضرار بنحو 5 ملايين وظيفة في البلاد.
كما أشارت بيانات الإنتاج الصناعي في يونيو/حزيران المنصرم إلى انكماش بنسبة 4.5% في التصنيع بالقياس إلى الشهر نفسه من العام الماضي، وقد تفاقم هذا الانكماش في عدة قطاعات أخرى، فقد انخفض إنتاج السيارات بنسبة 89% بالقياس إلى نظيره في العام الماضي.