أمضى زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، الأسابيع الأخيرة من حياته يقطن منزلاً يقع على مسافة تقل عن 500 متر من الفيلات متعددة الطوابق والمسابح التي كان الدبلوماسيون البريطانيون يترفَّهون فيها، خلال خدمتهم في كابول، حسبما ذكرت صحيفة The Guardian البريطانية، الثلاثاء 2 أغسطس/آب 2022.
يقع المنزل الراقي، الذي قُتل فيه أيمن الظاهري بضربة جوية شنَّتها طائرة أمريكية من دون طيار أثناء وقوفه في شرفته، في حي شيربور وسط العاصمة الأفغانية.
ويطل المشهد من أعلى المنزل على أرض شاسعة تنتشر فيها أشجار عتيقة، والمكان برمته يقع في المنطقة الخضراء المحصنة، التي كان دبلوماسيو الدول الغربية وجنرالات الناتو يجتمعون فيها، ويخططون لأمور حربهم التي آلت إلى الخسارة رويداً رويداً.
طالبان تشدد الرقابة على المكان
بحلول صباح الثلاثاء 2 أغسطس/آب، غطَّت ألواح من البلاستيك الأخضر الفاقع نوافذ المنزل المحطمة، التي ظهرت في الصور المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
حسب الغارديان فإن سلطات طالبان التي تحكم البلاد منذ عام، تشدد على منع الصحفيين والمارة الفضوليين من إلقاء نظرة فاحصة على المنزل المدمَّر.
في السياق، منع أحد مقاتلي طالبان، المسؤولين عن حراسة المكان، مراسلي صحيفة الغارديان البريطانية من دخول الشارع الذي كان يعيش فيه الظواهري، وقال لهم: "إنه مُصابنا، اتركونا نتعامل مع الأمر"، وطلب منهم تفتيش هواتفهم، ثم تتبعهم أثناء مغادرتهم الموقع.
بينما تعرض صحفيون آخرون للتضييق عليهم، وصوِّبت البنادق نحوهم، حسب الغارديان. وقال الجيران إن مقاتلين من طالبان زاروهم ليلاً، وأمروهم بعدم السماح لأي شخص بالصعود إلى أسطح المنازل المجاورة التي قد يطَّلع منها الناظر على رؤية واضحة للمنزل المكون من 4 طوابق.
وقال سكان حي شيربور إنهم لم يكن لديهم أدنى فكرة أنهم كانوا يقطنون بجوار رجل خصَّصت الولايات المتحدة مكافأة قدرها 25 مليون دولار لمن يُدلي بمعلومات عن مكانه، لكنهم قالوا إنهم اعتادوا العيش في تلك المنطقة الخطرة.
كان هدفاً للعديد من الهجمات الكبرى
يقع الحي على مسافة قريبة من عدة سفارات أجنبية، ولطالما استقر به كثير من كبار أثرياء البلاد ومسؤوليها البارزين، ما جعله هدفاً للعديد من الهجمات الكبرى على مدار سنوات.
ففي عام 2014، أدَّى هجوم على مطعم لبناني شهير بالمنطقة إلى مقتل أكثر من 20 شخصاً، وأسفر انفجار شاحنة مفخخة في عام 2017 خارج السفارة الألمانية القريبة عن مقتل أكثر من 150 شخصاً، وأفضى انفجار وقع منذ قرابة العام إلى تدمير منزل وزير دفاع أفغانستان آنذاك، بسم الله خان محمدي.
بدوره، قال سعيد، الذي يدير وكالة سفريات لا تبعد إلا مبنيين عن موقع منزل الظواهري، إن أصوات الغارة أفزعت عامل نظافة المكتب في وقت مبكر من صباح الأحد 31 يوليو/تموز، ومع ذلك "إذا كان هناك شخص ما [مهم] بالمنطقة، فهذا ليس أمراً غريباً، ولا شيء يمكننا فعله حيال ذلك".
وأعرب سعيد عن ارتياحه لعدم وقوع أضرار ممتدة من الضربة، لا سيما أنهم كانوا قد اضطروا إلى معاودة بناء المكتب بأكمله بعد انفجار السفارة الألمانية منذ 5 سنوات. وكانت الولايات المتحدة زعمت أن الضربة بلغت من الدقة أنها لم تسفر إلا عن مقتل شخص واحد.
وجرت العادة، في الهجمات السابقة التي شهدها حي شيربور، أن يكون المهاجمون من مقاتلي طالبان، والمستهدفون من القوات الأمريكية وحلفائها الأفغان، لكن الأمر تبدل هذه المرة، وكانت الولايات المتحدة هي المباغِت بالهجوم، بينما كان المقتول ضيفاً على طالبان، أو سجيناً لديها كما يزعم البعض، حسب الصحيفة.
وقالت أشلي جاكسون، المدير المشارك لمركز دراسات الجماعات المسلحة البريطاني، والخبيرة في شؤون الجماعات المسلحة الأفغانية: "كان [الظواهري] يقطن في منطقة شديدة الازدحام (ومكتظة بالمغتربين سابقاً) في قلب كابول، ومن ثم كان من الصعب على طالبان إنكار الأمر".