قالت صحيفة The Guardian البريطانية إن الولايات المتحدة تواجه حقبة جديدة من العنف السياسي، وسط تصاعد الاعتداءات على أعضاء الكونغرس الأمريكي.
حيث أشارت الصحيفة، في تقرير مطول نشرته الأحد 31 يوليو/تموز 2022، إلى أن إعلان الكونغرس مؤخراً، تخصيص قرابة 10 آلاف دولار لجميع أعضائه لرفع مستوى الأمن في منازلهم ومواجهة التهديدات المتزايدة ضدهم، يعد إشارة أخرى إلى أن السياسة الأمريكية دخلت مرحلة "خطيرة وعنيفة".
ونقلت الصحيفة تحذيرات الخبراء من أن مثل هذه التهديدات تعرّض الديمقراطية الأمريكية للخطر، مشيرين إلى أن البلاد "ما يزال لديها الوقت لتهدئة الخطاب العنيف إذا قام القادة السياسيون، خاصةً في الحزب الجمهوري، بإدانة هذا السلوك المقلق".
اعتداءات متكررة
أوضحت كذلك أن الإعلان عن زيادة مخصصات الأمن لأعضاء الكونغرس جاء بعد أيام من مهاجمة رجل لعضو الكونغرس عن ولاية نيويورك والمرشح الجمهوري لمنصب حاكم الولاية، لي زلدن، بأداة حادة خلال فعالية انتخابية.
قبل ذلك بأسبوعين، قُبض على رجل أمام منزل براميلا جايابال، رئيسة التجمع التقدمي بالكونغرس، بدعوى صراخه بألفاظ عنصرية وتهديده بقتلها، وفق الصحيفة.
وأفادت الصحيفة بأنه من الواضح أن الخدمة العامة "أصبحت عملاً خطيراً بشكل متزايد في أمريكا".
فيما تُظهر استطلاعات الرأي الحديثة أن عدداً متزايداً من الأمريكيين "يتقبلون" العنف السياسي، حسب الصحيفة.
وفقاً لمسح ميداني أجراه باحثون بجامعة كاليفورنيا في يوليو/تموز 2022، فإن واحداً من كل خمسة أشخاص بالغين في الولايات المتحدة يرى أن العنف السياسي "مبرر على الأقل في بعض الظروف"، بينما يعتقد 3% فقط من المشاركين في الاستطلاع أن العنف السياسي "عادةً أو دائماً ما يكون مبرراً".
وبينت الصحيفة أن شرطة الكابيتول سجلت 9 آلاف و625 حالة تهديد ضد أعضاء الكونغرس خلال العام الماضي، مقارنة بـ3 آلاف و939 حالة مماثلة في عام 2017.
كما أشارت إلى أن أعضاء لجنة التحقيق في "تمرد 6 يناير/كانون الثاني 2021″ (اقتحام أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب للكونغرس)، كانوا أهدافاً لتهديدات عنيفة، حيث نشر أحد أعضاء اللجنة، الجمهوري آدم كينزينجر، رسالة تهديد أُرسلت إلى زوجته الشهر الماضي، تعهد فيها المرسِل بـ"إعدام كينزنجر وزوجته وابنهما حديث الولادة".
ووفق استطلاع أجراه مركز "برينان للعدالة" هذا العام، تلقى واحد من كل ستة من مسؤولي الانتخابات تهديدات بسبب وظيفته، ويعتقد 77% منهم أن التهديدات الموجهة ضدهم زادت في السنوات الأخيرة.
وقالت جينيفر دريسدن، المناصرة السياسية لمجموعة "حماية الديمقراطية"، إنه "لا مكان للعنف السياسي في الديمقراطية السليمة".
أضافت دريسدن أن "زيادة التهديدات والمضايقات التي يوجهها الناس إلى حكومتنا أمر مقلق للغاية".
وأوضحت أن الأمر "لم يصل بعد إلى مرحلة أدى فيها العنف السياسي إلى تقويض ديمقراطيتنا بشكل أساسي، لكن عندما يرتبط العنف بتكتيكات استبدادية أخرى، مثل المعلومات المضللة والجهود المبذولة لإفساد الانتخابات، فإن ذلك يضع مساراً خطيراً لديمقراطيتنا لا يمكننا تجاهله".
قالت الصحيفة إن نتائج إحدى الدراسات التي أجريت على الرسائل الإلكترونية المرسلة إلى مرشحي الكونغرس لانتخابات عام 2020، أظهرت أن النساء ذوات البشرة الملونة كنَّ الأكثر استهدافا للمحتوى المسيء.
وأوضحت الدراسة أن عضو الكونغرس إلهان عمر، وهي أمريكية صومالية، تلقت أعلى نسبة من الرسائل المسيئة على موقع تويتر، بينما تلقت ألكساندريا أوكاسيو كورتيز، وهي أمريكية من بورتوريكو، أكثر التعليقات إساءة على فيسبوك.
وقالت ليليانا ماسون، أستاذة العلوم السياسية في جامعة جونز هوبكنز، والمؤلفة المشاركة لكتاب "الحزبية الأمريكية الراديكالية: رسم خرائط العداء العنيف وأسبابه وعواقبه على الديمقراطية"، إن القادة السياسيين "يتمتعون بقوة فريدة في قدرتهم على إخماد العنف، لكن الجمهوريين على وجه الخصوص لا يستخدمون تلك القوة"، حسب الصحيفة.