كشفت بيانات أن صناديق الثروة الخليجية خاضت عمليات استحواذ بقيمة 28.6 مليار دولار على الأقل خارج الشرق الأوسط وإفريقيا خلال عام 2022، في الوقت الذي كانت تعاني فيه الأسواق العالمية نقصاً في السيولة، بسبب الأزمات التي سببتها جائحة كورونا والهجوم الروسي على أوكرانيا.
البيانات التي جمعتها ونشرتها وكالة Bloomberg الأمريكية الأربعاء 27 يوليو/تموز 2022، أظهرت أن هذه العمليات كانت أكبر بنسبة 45% مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2021، وأكثر من أي فترة مماثلة مُسجَّلة.
وقال مسؤول بارز في واحدة من أكبر شركات الاستثمار بالعالم: "تتدفَّق الآن أموال من الشرق الأوسط إلى السوق بمستوى أكبر مما كان يحدث منذ بعض الوقت".
"استحواذ على كل شيء"
وظهرت الصناديق الخليجية خلال الأشهر القليلة الماضية، في محادثات للاستحواذ على كل شيء، بدءاً من شركة إدارة الأصول Fortress Investment Group في نيويورك وصولاً إلى حصص في شركة Klarna، عملاق الدفع الآجل، وشركة السيارات البريطانية Aston Martin Lagonda Global Holdings Plc.
وفي حين كانت هذه الصناديق تاريخياً تبحث عن فرص جذابة في فترات التقلُّب وانخفاض التقييمات، يتمثَّل أحد الاختلافات الرئيسية هذه المرة في التوجه نحو قطاعات مثل التكنولوجيا والرعاية الصحية. وتدعم هذه الصناديق شركات الأسهم الخاصة، وتستفيد من العلاقات مع الكيانات الكبيرة للقيام بمزيد من الصفقات المباشرة.
من جانبه، قال أيهم كامل، مدير الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في شركة استشارات المخاطر السياسية Eurasia Group: "أصبحت صناديق الثروة السيادية في الخليج أكثر تطوراً وتتمتع بعلاقات عالمية واسعة".
وبرزت شركة Royal Group في أبوظبي، وهي عبارة عن تكتُّل بقيادة مستشار الأمن الوطني الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد، باعتبارها مقصداً لصانعي الصفقات الأثرياء. فخصصت الشركة المال لصندوق جديد أطلقه راجيف ميسرا، مدير مجلس إدارة مجموعة SoftBank Group Corp، في حين تقوم باستثمارات إلى جانب مليارديرات أمثال رجل الصناعة الهندي غوتام أداني والمصرفي الكولومبي جايمي غيلينسكي.
ودعمت شركة "مبادلة" الإماراتية، شركة Wefox، ووافقت على شراء شركة الشحن الطبية السويدية Envirotainer AB، وتجري أيضاً محادثات من أجل الاستحواذ على شركة Fortress Investment. وبرز صندوق الثروة باعتباره مستثمراً جديداً في شركة Klarna بعد تراجع قيمتها إلى 6.7 مليار دولار بعدما كانت 45.6 مليار دولارٍ العام الماضي.
وشاركت صناديق الاستثمار العملاقة المدعومة من الدولة، في كلٍّ من السعودية وقطر والكويت، أيضاً في هذا التحرك. إذ يعزز صندوق الاستثمارات العامة السعودي حصته في شركة السيارات البريطانية Aston Martin، وتتطلَّع هيئة الاستثمار الكويتية إلى معاملات في مجال العقارات.
فيما قال خافيير كابابي، مدير أبحاث الثروات السيادية في جامعة IE الإسبانية، إنَّ الصناديق لا تقصر نفسها على الشركات الغربية، بل تلقي شباكها على نطاق أوسع فيما تلجأ إلى استثمارات في الصين والهند وسنغافورة ومناطق أخرى.
نفوذ سياسي
وتأتي فورة الصفقات في الوقت الذي تزعزع فيه الجائحة والحرب الروسية في أوكرانيا والتضخم بعضاً من المراكز المالية التقليدية في العالم، وهو ما يُترجَم إلى نفوذ سياسي أكبر للقادة الشرق أوسطيين.
حيث ساعد نقص الطاقة الناجم عن الحرب والذي أدَّى إلى ارتفاع أسعارها في عودة بروز المنطقة. إذ تجني السعودية، أكبر مصدّر للنفط في العالم، ما يقرب من مليار دولار يومياً من صادرات النفط الخام.
وترسخ أبوظبي مزيداً من الأصول تحت مظلة مجموعة Royal التي يقودها الشيخ طحنون، وذلك بحسب أشخاص مطلعين على المسألة، وهي خطوة ستعزز دوره باعتباره أكبر رجال الأعمال بالعائلة المالكة في عهد الشيخ محمد بن زايد.