في عام 2016 نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية مقالة تحت عنوان "مخيم جنين يرفع العلم الأبيض"، تحدثت فيها عن تفكك المقاومة المسلحة في المخيم الذي خاض مواجهة أسطورية في الانتفاضة الثانية، وأصبح فيما بعد -وفقاً للمقالة- يبحث عن الهدوء والتطور العمراني.
اليوم وبعد 4 سنوات يعود المخيم ليشكل نقطة توتر تنذر بمواجهة مسلحة محتملة مع جيش الاحتلال، ويقود تجربة تنسحب إلى مناطق أخرى من الضفة الغربية.
نقطة التحول الحاصلة أصبحت فيها اقتحامات جيش الاحتلال للمدن والمناطق الفلسطينية تواجه بالنار، خصوصاً في نابلس ومخيم جنين بعدما كانت تمر دون أية صدامات قد تشكل خطراً على جنود الاحتلال.
ففي الأيام الأخيرة استشهد شابان من مدينة نابلس بعد اشتباك استمر 3 ساعات متواصلة بين مجموعة من المقاومة مع قوات خاصة إسرائيلية.
وقالت مصادر فلسطينية إن جيش الاحتلال حاصر مجموعة، تضم أفراداً من حركة الجهاد الإسلامي وحماس وفتح؛ وتمكنت الأخيرة من الانسحاب بعد اشتباك طويل سقط خلاله الشهيدان محمد العزيزي وعبد الرحمن صبح، وكلاهما في العشرينيات من العمر.
تخوف إسرائيلي من المقاومة المسلحة
وقال المحلل المختص بالشأن الإسرائيلي محمد أبو علان لـ"عربي بوست" إن الاحتلال الإسرائيلي توقف مطولاً أمام الأحداث في نابلس لسببين رئيسيين، أولهما أن هذه الأحداث تكررت في مدينة نابلس؛ حيث سبق أن نفذت عمليات إطلاق نار على منطقة قبر يوسف وهو مقام يقتحمه آلاف المستوطنين بشكل دوري، مشيراً إلى أن عمليات إطلاق النار هذه كانت بداية تبلور ظاهرة المقاومة المسلحة في نابلس.
أما السبب الثاني فتمثل بكثافة إطلاق النار بين المقاومين والقوات الخاصة خلال الاشتباك، إذ لم يسبق أن قوبلت قوة إسرائيلية بمثل هذه النيران منذ وقت طويل.
وأشار أبو علان إلى ادعاءات في الإعلام الإسرائيلي بأن مقاومين من مدينة جنين ومن حركة الجهاد الإسلامي بالتحديد جاؤوا إلى نابلس لينضموا إلى الاشتباكات التي حدثت في البلدة القديمة.
وتتخوف الأوساط العسكرية الإسرائيلية من تمدد ظاهرة المقاومة المسلحة لتشمل مناطق أخرى في الضفة غير جنين ونابلس.
وقال المحلل الإسرائيلي في القناة "12" العبرية أوهاد حمو، إن الوضع في نابلس مؤشر لما يحدث في مناطق أخرى في الضفة المحتلة.
ولفت أبو علان إلى أن الاحتلال يرصد عن كثب تزايداً في مشاركة عناصر من حركة فتح في عمليات إطلاق النار على الجيش الإسرائيلي في جنين ونابلس خلال الأشهر الأخيرة، ويرى أن مشاركة أبناء فتح ليس بقرار من المستويات العليا إنما بمبادرات من عناصر الحركة.
غضب وإحباط
ويرى المحلل السياسي نشأت الأقطش أن ما يجري من تصاعد للمقاومة المسلحة يأتي بدافع حالة الإحباط والغضب في الشارع الفلسطيني على السلطة الفلسطينية والفصائل والأنظمة العربية التي طبعت مع إسرائيل والعالم المنحاز ضد الفلسطينيين.
وقال الأقطش إن الأحداث الحالية تعكس حالة ارتفاع في الفعل المقاوم ومن المتوقع أن تتصاعد، لافتاً إلى أن التنسيق الأمني الذي تقوده السلطة الفلسطينية ومصادرة السلاح من الفلسطينيين لن يفلح في إركاع المقاومة.
السلطة الفلسطينية تفقد السيطرة
ويعزو محللون بروز المقاومة المسلحة مجدداً في الضفة الغربية إلى فقدان السلطة الفلسطينية سيطرتها في بعض المناطق، لا سيما مخيم جنين، فيما يصرح الاحتلال بأن حركة الجهاد الإسلامي باتت حاضرة بقوة.
وقال أبو علان إن الاحتلال يتحدث عن نشاط محدود للسلطة الفلسطينية في محاولة منع العمليات، كذلك يرى أن السلطة فقدت سيطرتها، وهناك تخوفات من مرحلة ما بعد أبو مازن وما إذا كانت السلطة ستتمكن من فرض سيطرتها وسيادتها على بقية الفصائل.
وأشار أبو علان إلى أن جيش الاحتلال ينوي تكثيف عملياته في جنين ونابلس خلال المرحلة القادمة لردع المقاومة، ما قد يعزز من احتمالات التصعيد، لافتاً إلى أن اقتحام حي القصبة في نابلس جاء لإيصال رسالة بأنه قادر على الوصول للمقاومين أينما كانوا.