تعيش الحكومة المغربية أشد أزماتها منذ تشكيلها قبل سنة تقريباً، وذلك بسبب الارتفاع الصاروخي لأسعار المحروقات، رغم انخفاضها في السوق العالمي.
ومما زاد حدة الأزمة أن رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، هو أبرز تجار المحروقات في المملكة، ويُدير مجموعة "إفريقيا" الموزعة، الأمر الذي وجَّه له اتهامات بالجمع بين المصالح.
وارتفع هاشتاغ أخنوش ارحل في مواقع التواصل الاجتماعي ليقترب لمليون مشترك، يطالبون فيه رئيس الحكومة بخفض الأسعار أو الرحيل وإجراء انتخابات مبكرة.
الحكومة تُبرر
وارتفعت أسعار المحروقات في المغرب بضعف الثمن منذ اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا قبل أشهر، فوصلت إلى 18 درهماً (دولار ونصف) بعدما كان سعرها لا يتجاوز 7 دراهم فقط.
واقترب ثمن البنزين من 18 درهماً، بينما اقترب سعر الغازوال من 16 درهماً، بعدما كان محدوداً في 10 دراهم قبل 3 سنوات.
اتهمت الحكومة المغربية الحملة الإلكترونية ضد عزيز أخنوش بـ"الحملة المُسيرة" تُديرها حسابات وهمية، الأمر الذي نشرته وكالة المغرب العربي للأنباء لتُدافع عن حكومة التجمع الوطني للأحرار.
ونشرت الوكالة قصاصة رسمية تقول فيها إن الحسابات التي تُدير الحملة هي حسابات وهمية، وأسندت هذا التحليل لخبير بريطاني، هذا الأخير الذي سُرعان ما كذَّب ما جاء على لسانه في تدوينة على حسابه في التويتر.
وغير بعيد عن القصاصة الرسمية، خرج مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، وأحد المقربين من رئيسها لتبرير استمرار ارتفاع أسعار المحروقات في المغرب رغم انخفاضها في السوق الدولية.
وقال مصطفى بايتاس، خلال الندوة الصحفية الأسبوعية، إن استمرار ارتفاع أسعار المحروقات رغم انخفاضها دولياً، راجع لكون المغرب استورد نسبة كبيرة عندما كانت الأسعار مرتفعة.
مرة أخرى، برر الناطق الرسمي باسم الحكومة، خلال ندوة أخرى سبب ارتفاع أسعار المحروقات بكون سعر الدولار مرتفعاً مقابل الدرهم المغربي.
توقف "سامير" يفاقم الأزمة
تُعتبر شركة سامير هي شركة تكرير المحروقات الوحيدة في المغرب، التي تستطيع تحويل المادة النفط الخام إلى مشتقات المحروقات، لكن هذه الشركة اليوم مقفلة بسبب الديون المتراكمة عليها.
وبالإضافة إلى تكرير النفط، تعمل شركة "سامير"، التي أُسست غداة استقلال المغرب، (تعمل) على تخزين المحروقات وتوزيعها على محطات الوقود في المملكة.
ومع توقف عمل شركة "سامير" أصبح المغرب يستورد النفط المُكرر الجاهز من الخارج، ويشتريه بالعملة الصعبة بأسعار مرتفعة مقارنة بشراء المادة الخام فقط.
أما الشركة التي أصبحت تقوم بعملية الاستيراد والتخزين والبيع بالجملة ثم التوزيع والبيع بالتقسيط، هي شركة رئيس الحكومة الحالي عزيز أخنوش، حسب تقرير مجلس المنافسة حول سوق المحروقات.
ولم يتضمن برنامج الحكومة، أو بالأحرى برنامج حزب التجمع الوطني للأحرار (حلَّ أولاً في انتخابات 8 سبتمبر/أيلول 2021) الذي يترأسه أخنوش، أي إشارة إلى إعادة تشغيل مصفاة سامير التي توقف الإنتاج بها في 2015.
وتحجّجت هذه الحكومة بكون مسطرة التحكيم الدولي التي ما زالت جارية أمام المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار التابع للبنك الدولي تعيق استغلال المصفاة.
يرى رئيس الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول (غير حكومية)، الحسين اليماني، أنه يوجد "في البلاد معسكر يدعو إلى القضاء على الصناعة؛ ومنها تكرير البترول، ولو على حساب المحافظة على الصناعة الوطنية وتطويرها".
وندد اليماني، في حديثه لـ"عربي بوست"، "بالموقف السلبي للحكومة الذي يعاكس المطالبة بالعودة الطبيعية لتكرير وتخزين البترول بشركة سامير، والمحافظة على المكاسب التي توفرها هذه الجوهرة الوطنية للاقتصاد الوطني، وبمكافحة غلاء أسعار المحروقات عبر استئناف نشاط المصفاة المغربية".