شهدت مدينة إسطنبول التركية، الجمعة 22 يوليو/تموز 2022، التوقيع على اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية بشكل آمن وذلك بعد 5 أشهر من الهجوم الروسي على البلاد، في ظل أزمة غذاء باتت تهدد دولاً كثيرة حول العالم لا سيما الفقيرة منها، منذ تعطل نقل الحبوب من موانئ البلد الغني بالقمح.
التوقيع جرى على "وثيقة مبادرة الشحن الآمن للحبوب والمواد الغذائية من الموانئ الأوكرانية"، بين كل من وزيري دفاع تركيا خلوصي أكار، وروسيا سيرغي شويغو، ووزير البنية التحتية الأوكراني ألكسندر كوبراكوف.
بينما رعا مراسم التوقيع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في قصر "دولمه باهتشه" التاريخي بإسطنبول.
كما حضر المراسم مسؤولون أتراك، على رأسهم وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو، فضلاً عن عدد من ممثلي البلدان الأخرى المعنية.
وقبيل التوقيع ألقى كل من الرئيس أردوغان والأمين العام غوتيريش كلمة، كل على حدة أمام الحضور.
أزمة غذاء شغلت العالم بأسره
بدوره، أعرب الرئيس التركي عن سعادته لمساهمة بلاده في الاتفاقية التي "أزاحت أزمة الجوع التي هددت مليارات البشر"، مضيفاً: "نعيش فرحة إطلاق مبادرة، من شأنها أن تلعب دوراً رئيسياً في حل أزمة غذاء شغلت العالم بأسره لفترة طويلة".
كما أوضح أردوغان أنه "مع بدء حركة السفن في الأيام المقبلة نكون قد فتحنا مجرى تنفس من البحر الأسود إلى العديد من دول العالم".
ولفت إلى أن تنفيذ الاتفاقية ومراقبتها سيتمان من خلال مركز تنسيق مشترك مزمع إنشاؤه في إسطنبول، مؤكداً أنه تم الاتفاق على الأمور كافة المتعلقة بشحن الحبوب الأوكرانية؛ من إبحار السفن ومسيرها حتى وصولها إلى الموانئ.
من جانبه، ثمّن أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، "مثابرة" الرئيس أردوغان وتسهيله للتوصل لاتفاق إخراج الحبوب العالقة في الموانئ الأوكرانية.
وقال غوتيريش إن هذه "المبادرة يجب تنفيذها بالكامل، لأن العالم يحتاجها بشدة"، واصفاً الاتفاق بأنه "منارة أمل في البحر الأسود".
كما أضاف أنه "سيغيث البلدان النامية التي باتت على حافة الإفلاس والأشخاص الأكثر ضعفاً الذين أصبحوا حافة المجاعة".
وتابع: "أريد أن أعترف وأشكر كل أولئك الذين ساعدوا في تحقيق ذلك.. إلى مضيفنا الرئيس أردوغان وحكومة تركيا.. كانت مثابرتكم وتسهيلاتكم أساسية خلال كل خطوة من هذه العملية".
ردود فعل دولية
في السياق، لاقى اتفاق الشحن الآمن للحبوب والمواد الغذائية الأوكرانية صدى دولياً واسعاً، فبينما رحبت أوروبا وبريطانيا وجهات دولية ثمنت التوقيع على هذه الاتفاقية بعد 5 أشهر من الحرب المتواصلة، توعدت الولايات المتحدة روسيا بـ"المحاسبة" في حال أخلّت ببنود الاتفاق.
سفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، قالت إن واشنطن "ستعمل على تحميل روسيا مسؤولية تنفيذ الاتفاق المبرم برعاية الأمم المتحدة من أجل استئناف صادرات الحبوب الأوكرانية العالقة في البحر الأسود".
بدورها شكرت بريطانيا كلاً من تركيا والأمم المتحدة على جهودهما بشأن اتفاق تصدير الحبوب، وفق ما صرحت به مندوبة المملكة لدى الأمم المتحدة، السفيرة بارارا وودوارد، في تغريدة عبر حسابها بتويتر.
وأضافت أن "إخراج الحبوب بأمان من موانئ أوكرانيا على البحر الأسود بعد أشهر من الحصار الروسي، سيكون خطوة إيجابية لتحقيق الأمن الغذائي العالمي".
كذلك رحبت أوروبا بالاتفاق، بينما غرّد منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، عبر تويتر: "اتفاقية إسطنبول اليوم خطوة في الاتجاه الصحيح" لحل المشاكل الناجمة عن الحرب الروسية "غير القانونية" ضد أوكرانيا والتي تركت الملايين عرضة لخطر الجوع.
تفاصيل اتفاق تصدير الحبوب
يشار إلى أن الهجوم الروسي على أوكرانيا عطّل عملية شحن الحبوب والمواد الغذائية من موانئ كييف على البحر الأسود نحو بلدان باتت في أمسّ الحاجة إليها بعد 5 أشهر من الحرب، كما تسببت الأزمة في ارتفاع حاد لأسعار الحبوب.
الاتفاق الذي احتضنته مدينة إسطنبول يهدف إلى المساعدة على تجنب مجاعة، وذلك من خلال ضخ مزيد من القمح وزيت دوار الشمس والأسمدة والمنتجات الأخرى في الأسواق العالمية، وضمن ذلك تلبية احتياجات الإغاثة الإنسانية بأسعار رخيصة جزئياً.
وتهدف المبادرة إلى العودة لمستوى ما قبل الحرب، وهو تصدير خمسة ملايين طن متري كل شهر.
أما مدة سريان الاتفاق فهي 120 يوماً، بينما تتوقع الأمم المتحدة تجديده إلا إذا انتهت الحرب بحلول ذلك التاريخ.
وسيبدأ العمل فوراً لتشكيل فرق التفتيش وتعيين العاملين في مركز التنسيق المشترك (جيه.سي.سي) بإسطنبول والذي سيشرف عليه أعضاء من كل الأطراف الأربعة الموقعة على الاتفاق.
وتطلب الموانئ الأوكرانية نحو عشرة أيام للاستعداد، ولذلك ستمضي أسابيع قلائل قبل أن تتحرك السفن دخولاً وخروجاً. وقال المسؤول: "نتوق إلى معدل تنفيذ سريع للغاية".
يُذكر أن المفاوضات بدأت في أبريل/نيسان الماضي، عندما أثار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الفكرة خلال اجتماعين منفصلين مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي.