آلاف العالقين على جانبَي الحدود.. اتهامات لإسرائيل بافتعال أزمة المسافرين على معبر الكرامة

عربي بوست
تم النشر: 2022/07/21 الساعة 10:37 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/07/21 الساعة 10:37 بتوقيت غرينتش
معبر الكرامة

يشهد معبر الكرامة الفاصل بين الضفة الغربية والأردن ازدحاماً هو الأكبر منذ سنوات، وسط اتهامات من مسؤولين فلسطينيين وأردنيين لإسرائيل بالمسؤولية عن خلق هذه الأزمة، التي أدت لاكتظاظ آلاف المسافرين على جانبي الحدود.

ومعبر الكرامة هو الجسر البري الوحيد الفاصل بين الضفة الغربية والأردن، ويخضع لسيطرة إدارية وأمنية إسرائيلية، في حين تقع إدارة الأردن للمعبر بعد آخر نقطة لجسر الملك الحسين، المعروف بـ"جسر اللنبي"، أما مهام السلطة على المعبر فتقتصر على تنظيم حركة السير وبعض الأمور اللوجستية الخاصة بالمسافرين.

وانتشرت مقاطع فيديو وصور على مواقع التواصل الاجتماعي، توثق حال آلاف المسافرين على جانبي الحدود، وهم في ظروف مأساوية، فلا أماكن مخصصة للمبيت رغم وجود المئات من المسافرين من المرضى والأطفال وكبار السن الذين أجبرهم البطء الشديد في إجراءات إنهاء معاملات الدخول والخروج من قبل الجانب الإسرائيلي على الرجوع للأردن للمبيت لحين انتهاء هذه الأزمة.

مريم (33 عاماً)، وهي سيدة من نابلس لا تزال عالقة في الجانب الأردني من جسر الملك حسين، تصف حال المعبر بأنه كارثي، فمنذ نحو 5 أيام لا تزال تنتظر أن يَسمح لها الجانب الإسرائيلي بالمرور، وتضيف لـ"عربي بوست": "لا نستطيع العودة للعاصمة عمان بعد هذا الانتظار الطويل، لأن وجود آلاف المسافرين سيلغي دوري في الوصول مبكراً للضفة الغربية، لأن المعبر لا يعمل في أيام الجمعة والسبت".

أما أبو أحمد (48 عاماً)، وهو من مدينة رام الله، فلا يزال عالقاً في الجانب الأردني من المعبر، ويقول لـ"عربي بوست": إن "وتيرة العمل الحالية في معبر الكرامة لا تتلاءم مع هذا العدد الضخم من المسافرين، وهذا يتطلب تدخلاً عاجلاً من قِبل السلطات الأردنية، للضغط على إسرائيل لتوسعة المعبر، وإضافة استراحات للمبيت، فلا يمكن للمسافرين احتمال حالة الطقس وارتفاع درجات الحرارة بهذا الشكل، كما أن الجانب الإسرائيلي لا يراعي وجود عدد كبير من المرضى بين المسافرين الذين لا يستطيعون الانتظار طوال هذه الفترة".

إسرائيل في دائرة الاتهام بخنق معبر الكرامة

شهدت الساعات الأخيرة اتهامات من مسؤولين فلسطينيين وأردنيين لإسرائيل بالمسؤولية عن هذه الأزمة في معبر الكرامة، حيث قال حسين الشيخ، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير: نحمّل حكومة إسرائيل مسؤولية الأوضاع الكارثية على معبر الكرامة، ونُجري اتصالات مكثفة مع الأشقاء في الأردن لإيجاد حلول لهذا الوضع المأساوي الذي يعيشه المواطنون الفلسطينيون في حركة تنقلهم، ونطالب إسرائيل باتخاذ الإجراءات اللازمة لإنهاء هذه المعاناة.

على الجانب الآخر، أجرى وفد برلماني أردني من لجنة القدس في البرلمان جولةً في المعبر، للوقوف على أسباب الأزمة، كما اتهم وزير الداخلية الأردني مازن الفراية الجانب الإسرائيلي بالمسؤولية عن هذه الأزمة، مرجحاً أن "مشاكل لوجستية لدى إسرائيل تعيق التعامل مع هذا الكم الكبير من المسافرين، لأن المعبر لا يعمل طوال الوقت، وتقتصر ساعات عمله ما بين الساعة 8 صباحاً وحتى العاشرة مساء، وفق الإجراءات الإسرائيلية المتبعة حالياً".

في حين كشف مصدر في هيئة المعابر والحدود الفلسطينية لـ"عربي بوست"، أن كشوف السفر لدى الهيئة تشير إلى وجود أكثر من 150 ألف مسافر على قائمة الانتظار، ليسمح لهم بالدخول والخروج من المعبر خلال شهر يوليو/تموز الجاري، فنحن في ذروة العطلة الصيفية، وهذا يأتي بالتزامُن مع عودة آلاف الحجاج من الأراضي السعودية، كما أن آلاف العائلات قضت إجازة العيد في الأردن، وهذا ما أدى إلى تكدس المسافرين على جانبي الحدود بهذا الشكل.

وأضاف المتحدث: يخضع المعبر للمزاج الإسرائيلي، فإسرائيل هي من تحدد ساعات العمل بالمعبر، وتغلقه في فترة الأعياد اليهودية، التي عادةً ما تستمر لعدة أيام، وساعات العمل في المعبر لا تتجاوز 14 ساعة فقط، لذلك لا توجد أي صلاحيات لدى الأردن أو السلطة في إدارة المعبر أو التحكم فيه.

وكشف أن عدد العالقين في الجانب الأردني يقترب من 80 ألف مسافر، بعضهم لا يزال ينتظر منذ أكثر من أسبوع، فوتيرة العمل الحالية لمرور المسافرين من الجانب الأردني لا تتجاوز 4 آلاف مسافر يومياً، والسبب وراء ذلك عدم وجود عدد كافٍ من العاملين في المعبر لدى الجانب الإسرائيلي، وطول إجراءات التفتيش والتدقيق في أمتعة المسافرين.

استدعت هذه الأزمة، التي استحوذت على اهتمام كبير لدى الشارع الفلسطيني، تدخل الحكومة الأردنية بشكل عاجل لتدارُك الوضع الإنساني على المعبر، إذ تم الإعلان من قِبل الحكومة عن إرسال مساعدات طارئة للعالقين، من بينها سيارات إسعاف، كما تم نصب خيام للمبيت وإرسال مياه للشرب، بالنظر لتوقعات بأن تستمر الأزمة لأسابيع قادمة.

ورغم المطالبات المتكررة من الجانب الفلسطيني والأردني بفتح المعبر على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع ترفض إسرائيل الموافقة على هذا الإجراء، رغم تدخل وساطات دولية كالرئيس الأمريكي جو بايدن، ومبادرة العاهل المغربي، إلا أن إسرائيل ترفض وتلتزم الصمت، وكأنه لا توجد أزمة على الحدود.

القبول بمشروع مطار "رامون"

إلا أن أوساطاً فلسطينية تُرجح أن افتعال إسرائيل الأزمة يأتي كأداة ضغط على السلطة، للقبول بالمشروع الذي طرحه وزير الدفاع بيني غانتس، بتخصيص جزء من مطار "رامون" الدولي لسفر الفلسطينيين بدلاً من السفر للأردن واستخدام الخطوط الجوية الأردنية، وهو ما رفضته السلطة، وفقاً لما كشف عنه "عربي بوست" قبل أيام، خشية أن تتأثر علاقاتها بالأردن.

حلمي الأعرج، مدير مركز حريات للحقوق المدنية، قال لـ"عربي بوست": إن "ما يجري من أزمة على معبر الكرامة هو امتهان لأبسط حقوق الإنسان، ويمكن وصف ما يجري بأنها جريمة ترتقي لمستوى العقاب الجماعي مع سبق الإصرار والترصد، فالنهج الإسرائيلي لم يتغير بمحاولة ابتزاز الفلسطينيين، بفرض رسوم للسفر هي الأعلى في العالم".

وأضاف: "ليس هنالك شك بأن هناك نوايا إسرائيلية وراء افتعال هذه الأزمة، لأهداف ليست معلنة حتى اللحظة، ولكن ما نرصده أن هذه الأزمة تخلقها إسرائيل في كل عام، ولكن زادت وتيرتها في هذا الشهر، ولا يمكن التعويل على الوعود الإسرائيلية بالتخفيف من إجراءاتها؛ نظراً لعدم وجود إرادة سياسية لإنهاء هذه المعاناة".

تحميل المزيد