تقدم منتدى القانون الدولي (منظمة إسرائيلية غير حكومية)، بطلب لدى محكمة الجنايات الدولية في جنيف، لفتح تحقيق جنائي ضد رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، ورئيس الحكومة، محمد اشتية، بدعوى استخدام الأجهزة الأمنية الفلسطينية للقوة المفرطة في قمع المعارضين الفلسطينيين.
جاء في نص الدعوة وفقاً لما كشفت عنه صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية في عددها الصادر اليوم الأربعاء، 20 يوليو/تموز 2022، أن رئيسي السلطة والحكومة في رام الله مسؤولان عن ممارسة التعذيب بشكل ممنهج واعتيادي ضد شرائح واسعة من الفلسطينيين، من بينهم نشطاء حقوق الإنسان وصحفيون ومعارضون سياسيون، ونساء وأبناء أقليات، والمتحولون جنسياً، والنشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي، والمتخابرون مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
وتضيف أن من بين أشكال التعذيب التي تمارسها الأجهزة الأمنية بأوامر عليا من رئيس السلطة، تعذيب المعتقلين، واعتقالهم بشكل تعسفي، ووضعهم في العزل الانفرادي في ظروف غير إنسانية، لإجبارهم على الاعتراف القسري بتهم لم يقترفوها، ويصل الأمر إلى القتل خارج سلطة القانون.
اللافت أن جلسة الاستماع للشكوى المقدمة من قبل المنتدى أمام مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، التي عُقدت خلال يومي الإثنين والثلاثاء 18-19 يوليو/تموز 2022، تطرقت إلى تحميل السلطة مسؤولية احتجاز رفات جنود إسرائيليين، دون تحديد ما إذا كان القصد الأسرى الإسرائيليين حالياً لدى حركة حماس، أو كان القصد ما حدث من عمليات قتل وأسر للجنود الإسرائيليين إبان الثورة الفلسطينية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.
ما هو منتدى القانون الدولي
يعرف منتدى القانون الدولي نفسه على أنه مركز حقوقي إسرائيلي تأسس عام 2015، وترتكز مهامه على تعزيز العدالة والسلام، ومساواة إسرائيل بدول العالم، ومواجهة انتهاكات حقوق الإنسان، والأيدلوجيا المتطرفة، ومحاربة حملات المقاطعة (BDS).
يعتبر المركز ذراعاً لأجهزة الدولة الإسرائيلية في الخارج، إذ ينشط المركز في أكثر من 20 دولة مختلفة، ويضم قرابة 4 آلاف محامٍ وذراع قانونية، كما يضم المركز أعضاء في الكونغرس الأمريكي ومسؤولين دبلوماسيين في البرلمان الأوروبي، وأعضاء في الكنيست ووزراء من الحكومات الإسرائيلية.
يدير المركز المحامي آرسين أوستروفسكي، وهو سياسي محسوب على اليمين المتطرف، يقيم في إسرائيل، صنفته وكالة التلغراف اليهودية (JTA) كواحد من أكثر 25 شخصية مؤثرة على موقع تويتر مناصرة لليهود، وُمنح هذا التقدير بعد جهوده في مجال الدبلوماسية الرقمية والدعوة الإسرائيلية للسلام عبر الإنترنت.
وقد ظهر أوستروفسكي في عدة مواقف، مدافعاً عن سياسات حكومات إسرائيل، أبرزها إدانة التقارير الصادرة عن منظمة العفو الدولية التي تتهم إسرائيل بممارسة نظام "أبارتهايد"، ورفع دعاوى قضائية ضد موقع تويتر لسماحها بوجود منصات وحسابات لسياسيين وجماعات تصفها إسرائيل بالمعادية.
السلطة ترفض الاتهامات
سارعت السلطة الفلسطينية إلى التحرك بشكل عاجل للوقوف على هذه الدعوى الموجهة ضد أعلى هرم في السلطة لديها، إذ كشفت صحيفة "إسرائيل اليوم" أن وفداً رفيعاً سافر في الساعات الأخيرة إلى جنيف يترأسه وزير الداخلية، زياد هب الريح، برفقة 17 مستشاراً قضائياً للرد على الاتهامات الإسرائيلية في محكمة الجنايات الدولية.
ويأتي تحرك السلطة بهذا المستوى الرفيع، كونها جزءاً لا يتجزأ من ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وقد صادقت مؤخراً على اتفاقية مناهضة التعذيب، والجريمة ضد الإنسانية لدى محكمة الجنايات الدولية.
حملت السلطة رداً لدى المحكمة مكوناً من 65 صفحة، تفند فيه المزاعم الإسرائيلية، بشأن انتهاك حقوق الإنسان، إلا أن الخطر الذي تخشاه السلطة أن تجد المحكمة الدولية قبولاً لما جاء في الدعوى الإسرائيلية، وتحاول مطابقته مع شهادات لمواطنين تعرَّضوا لهذا الشكل من المضايقات من قبل أجهزة الأمن الفلسطينية.
كشف مصدر في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير لـ"عربي بوست" أن ما جاء في الدعوى الإسرائيلية لدى محكمة الجنايات الدولية، ما هو إلا محاولة ابتزاز ومساومة، تسعى إسرائيل من خلالها إلى إجبار السلطة على رفض ما جاء في تقرير منظمة العفو الدولية، الذي يتهم إسرائيل بأنها دولة فصل عنصري، في ظل ترقب لوصول مفتشي المنظمة للمنطقة خلال الأسابيع القليلة القادمة لتوثيق شهادات من تعرضوا لممارسات إسرائيلية تصنَّف بأنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وأضاف المتحدث لدى السلطة ما يثبت تفنيد المزاعم الإسرائيلية حول انتهاك حقوق الإنسان والمعتقلين، وقد وجهنا اتهامات مباشرة لإسرائيل عبر وزير الداخلية الذي يمثل السلطة في هذه المرافعة القضائية، بأنها مسؤولة عن تهريب الأسلحة لبعض العشائر في مناطق جنوب الضفة الغربية بهدف الإضرار بالسلم الأهلي، وإضعاف دور السلطة في مسؤولية ضبط الأمن وإرساء دولة القانون.