بايدن وقَّع “إعلان القدس” على أنقاض المجلس الإسلامي الفلسطيني.. قصة المبنى الأندلسي الذي يحتفظ بـ”إسلاميته”

عربي بوست
تم النشر: 2022/07/15 الساعة 09:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/07/15 الساعة 09:49 بتوقيت غرينتش
مبنى المجلس الإسلامي الفلسطيني سابقاً، المعروف حالياً باسم فندق والدورف إستوريا/ Shutterstock

على بُعد أمتار قليلة من أحد أبواب المسجد الأقصى، وعلى مسافة قريبة من البلدة القديمة، استقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، الخميس 14 يوليو/تموز 2022، الرئيس الأمريكي جو بايدن، ليعلنا من هذا المكان إطلاق ما عُرف باسم "إعلان القدس"، ويلتقطا صوراً تاريخية تأكيداً على متانة العلاقة بين البلدين.

عند النظر إلى اسم المبنى الذي أعلن منه هذا البيان، نجد للوهلة الأولى أنه فرع من فروع أحد الفنادق العالمية المشهورة، وهو وولدرف إستوريا- هيلتون، ولكن عند التدقيق في واجهاته الخارجية فنجد أنها لا تزال تروي حكاية مبنى، يحمل صبغة إسلامية تاريخية تعود إلى عشرات السنين، وأدى دوراً مهماً في مقاومة الاحتلال لفلسطين في الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي. 

مبنى للمجلس الإسلامي الأعلى

تعود فكرة إنشاء المبنى إلى الحاج أمين الحسيني، المفتي العام للقدس، ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى في أوائل القرن الماضي، إذ رغب بضرورة وجود مبنى إسلامي حضاري في مركز القدس، وبالتحديد في منطقة مأمن الله.

ما دفع الحاج أمين لهذه الخطوة، هو أن الحركة الصهيونية كانت تقوم بعمليات بناء واسعة في تلك المنطقة، فأراد الحسيني أن ينافس الحركة الصهيونية، ويبني هذا المبنى على الطراز الأندلسي، حيث تظهر حتى اليوم ملامح الأشكال الهندسية التي ترمز لذلك.

مبنى المجلس الإسلامي الفلسطيني سابقاً، المعروف حالياً باسم فندق والدورف إستوريا/ Shutterstock
مبنى المجلس الإسلامي الفلسطيني سابقاً، المعروف حالياً باسم فندق والدورف إستوريا/ Shutterstock

كما أن وجود فندق الملك داوود، الذي افتتح في العام 1931 بعد تمويل بنائه من المصري اليهودي العامل في مجال البنوك عيرزا موسيري، كان دافعاً آخر للحاج الحسيني. 

استغرق بناء المبنى واستغرق بناؤه 11 عاماً حيث انتهى من بنائه عام 1929، وتم افتتاحه كفندق عُرف باسم بالاس،  فقد كان في حينه من أعظم وأهم الفنادق التي لفتت الانتباه من حيث الرفاهية وفخامة المعمار، بحسب ما أوضحه الدكتور ناجح بكيرات، نائب مدير عام الأوقاف الإسلامية في القدس ورئيس أكاديمية الأقصى للعلوم والتراث.

من العلامات الدالة على إسلامية وتاريخية هذا المبنى، والتي لا تزال حاضرة حتى اليوم هو التاج الحجري الأندلسي الذي وُضع على رأس المبنى، وكُتب عليه: "مثلما بنى آباؤنا وفعلوا، نبني ونفعل"، كما كُتب عليه أيضاً: "بني هذا النزل.. المجلس الإسلامي الأعلى الفلسطيني سنة 1929.

دور كبير لعبه المجلس الإسلامي 

ساهم المجلس الإسلامي بشكل فعال في التصدي للحركة الصهيونية، وساعد في  اقراض الكثيرين من أصحاب الأراضي أموالاً من صناديق الأيتام للحيلولة دون تسرب أراضيهم إلى اليهود. 

كما قام المجلس أيضاً بشراء مساحات كبيرة من الأراضي وعدد من القرى كقرية دير عمرو* وزيتا، من أجل حمايتها من الوقوع تحت سيطرة اليهود، فجعلها وقفاً على أهلها. 

كان المجلس يعقد مؤتمراً سنوياً من علماء الدين لتنظيم وسائل مقاومة بيع الأراضي لليهود ويصدر فتاوى بتكفير من بيع أرضه لهم أو يقوم بعملية السمسرة لبيعها. 

هذا الأمر كان يشكل مصدر إزعاج لحكومة الانتداب البريطاني، وانعكس ذلك بشكل واضح عندما رفعت تقاريرها إلى اللجنة الدائمة للانتدابات في عصبة الأمم في جنيف، وشرحت فيه أن سبب قلة انتقال الأراضي إلى اليهود هو المجلس الإسلامي الأعلى.


سيطرة الاحتلال على المجلس الإسلامي الأعلى

في عام 1948، وبعد انتهاء الحرب، سيطرت الحكومة الإسرائيلية على المبنى وحوّلته إلى عدة وزارات، لتستقر بالنهاية على وزارة التجارة والصناعة، إذ بقي هذا المبنى مركزاً لها بداية القرن العشرين. 

بعد ذلك، باعت الحكومة الإسرائيلية المبنى إلى شركة "ريجينسي" من أجل "ترميمه"، لكن الانتفاضة الفلسطينية الثانية حالت دون ذلك، ليتم بيع المبنى مرةً أخرى إلى عائلة ريتشمان اليهودية من كندا عام 2006، والتي هدمت كامل الأجزاء الداخلية من المبنى وأعادت هيكلته من جديد مع الحفاظ بشكل كبير على واجهة المبنى الخارجية. 

بعد إتمام عملية الترميم، أصبح الفندق تابعاً لواحدة من أشهر الشركات العالمية؛ وهي وولدرف إستوريا- هيلتون.

الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي خلال توقيعهما إعلان القدس/ رويترز
الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي خلال توقيعهما إعلان القدس/ رويترز

واليوم يحل بايدن على هذا المكان، الذي هو بالأساس إسلامي، ليعلن من خلاله ما عرف بـ"إعلان القدس"، وهو اتفاق مشترك مع إسرائيل، يتعهدان فيه بمنع إيران من حيازة سلاح نووي، في استعراض للوحدة بين الحليفين.

تحميل المزيد