بينما يحتفل الشرق الأوسط بعيد الأضحى الخاص بالمسلمين، يقول الكثيرون في أرجاء المنطقة إنَّهم لا يسعهم تحمُّل أسعار الماشية لتأدية شعيرة الأضحية، ويُقلِّصون موائد الأسرة بسبب ارتفاع أسعار الغذاء، بحسب ما نشرته صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية.
عطوة محمد (41 عاماً)، وهو معلم يعيش مع زوجته وأطفاله الثلاثة في قرية صغيرة شمالي مصر قال للصحيفة الأمريكية: "كل شخص أعرفه قد تعوَّد على التضحية لن يُضحي هذه السنة، لقد ارتفعت الأسعار بمبالغ جنونية في كل مكان".
وعادةً ما يُضحِّي المسلمون حول العالم للاحتفال بعيد الأضحى، ويجتمعون على مائدة عائلية، في حين يوزعون اللحم على الفقراء.
فيما كان الكثيرون في العالم العربي يتطلعون لتنظيم تجمعات أكبر للعائلة والأصدقاء للاحتفال بالعيد، بعدما تسببت جائحة كوفيد 19 في الحد من احتفالاتهم خلال العامين الماضيين، لكن بدلاً من ذلك يدعو البعض عدداً أقل من الضيوف، في حين يضع آخرون خيارات غذائية أرخص على المائدة.
وارتفعت أسعار الغذاء بسبب ارتفاع أسعار النفط واضطرابات سلاسل التوريد الناجمين عن الغزو الروسي لأوكرانيا، فيما تستغل بعض الحكومات مثل السعودية والإمارات ثرواتها النفطية لتعزيز برامج الإنفاق الاجتماعي من أجل مساعدة الأشخاص الأكثر فقراً، وتكافح حكومات أخرى من أجل توفير هذا الدعم، وفكّرت مؤخراً في تقليص الدعم.
ومع ارتفاع الأسعار بدأ البعض يشترك مع الأقارب والأصدقاء لشراء الأضحية للحفاظ على استمرار هذا التقليد هذا العام، فيقول أحمد إبراهيم في مصر إنَّه بعدما كان يشتري خروفه الخاص سنوياً طوال أكثر من 10 سنوات، تشارك صاحب الـ37 عاماً هذا العام التكلفة مع شقيقه. وهو الآن قلق من أنَّهما في ظل استمرار الأسعار في الارتفاع لن يكونا قادرين على تحمُّل تكلفة أضحية أخرى العام المقبل.
وأسهم تخفيض قيمة الجنيه في مصر في ارتفاع الأسعار الحقيقية للعلف والنقل بصورة أكبر، وهي الأسعار التي كانت في ازدياد بسبب ارتفاع أسعار النفط.
وارتفعت في بعض دول المنطقة أسعار الأضحية الواحدة بأكثر من 50%، ففي السوق المصري القياسي باتت على سبيل المثال أسعار الأضاحي التي تبلغ 100 إلى 200 دولار، بحسب حجمها، تبلغ الآن 150 إلى 300 دولار.
وفي مدينة جدة الساحلية بالسعودية، ارتفع سعر صنف لحم غنم محلي فاخر يُسمَّى "حري" إلى نطاق ما بين 1700 ريال سعودي (نحو 452 دولاراً) إلى 2200 ريال (نحو 586 دولاراً) بعدما كان في مستوى 1400 ريال تقريباً (نحو 373 دولاراً) العام الماضي، وذلك بحسب مُربِّي الغنم المحلي أبو وليد.
كانت معظم مبيعات أبو وليد في الفترة السابقة على العيد من صنف عادي، يُسمَّى "سواكني"، في ظل تراجع المستهلكين عن شراء الحري. ويُستورَد هذا الصنف الأخير عادةً من السودان، وشهدت أسعاره ارتفاعاً بنحو 6 إلى 8%.
أثَّرت الزيادة في أسعار الماشية في الغالب على الأسر منخفضة إلى متوسطة الدخل، التي لا يزال يتعين عليها التعامل مع الزيادات في أسعار سلع أخرى، المدفوعة جزئياً بالأزمة الأوكرانية.
فقالت سوزان إسماعيل (65 عاماً)، وهي معلمة بالمرحلة الإعدادية في جدة: "لم نشترِ حَمَلاً لبيتنا هذا العام".
ويشعر العاملون في صناعة اللحم أمثال فرحات عرفاوي بالتأثيرات المتلاحقة. يمتلك عرفاوي كشكاً لبيع اللحم في وسط العاصمة التونسية تونس، ويقول إنَّ تجارته تعاني من أجل الاستمرار فقط في ظل تراجع المبيعات وارتفاع تكاليف نقل المنتجات عليه، وهذا بعدما كانت تجارته قد توقفت خلال معظم الجائحة.
وقد اندلعت بعض الاحتجاجات في تونس العاصمة العام الماضي، مدفوعة بارتفاع التضخم والأعباء الاقتصادية طويلة الأمد مثل البطالة.