قالت صحيفة The Times البريطانية، الأربعاء 6 يوليو/تموز 2022، إن الرئاسة الروسية "الكرملين" وبَّخت الرئيسَ الفرنسي إيمانويل ماكرون؛ لخرقه البروتوكول الدبلوماسي، والسماح ببثِّ مكالمة أجراها مع الرئيس فلاديمير بوتين قبل أربعة أيام من بدء الهجوم على أوكرانيا.
حسب الصحيفة، فإن المكالمة الهاتفية بين الرئيسين تضمنت محاولة ماكرون الأخيرة غير الناجحة لكبح بوتين عن غزو أوكرانيا قبل أربعة أيام فقط من بدء الهجوم.
الحفاظ على السرية
وقال سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي، إن ما فعله ماكرون في إعطائه الإذن بعرض محتوى المكالمة الهاتفية التي استمرت 9 دقائق، في فيلم وثائقي تلفزيوني، يخالف تقاليد الحفاظ على السرية، التي يُفترض اتباعها في المحادثات الخاصة بين القادة.
كما استنكر لافروف ما حدث، قائلاً: "الآداب الدبلوماسية لا تقبل تسريباً على هذا النحو لمثل هذه التسجيلات بقرارٍ من جانب واحد".
بدورها، اشتكت ماريا زاخاروفا، المتحدثة باسم الكرملين، مما حدث، وقالت: "عندما اتصل ماكرون بالرئيس الروسي، سُمِح للصحفيين بتسجيل المحادثة بأكملها، وتصويرها. هذا مثال على المعاني الغريبة التي يقصدون إليها عند الحديث عن الدبلوماسية".
وقالت وكالة الأنباء الحكومية الروسية Ria Novosti: "لم يعد الفرنسيون يحترمون القواعد الدبلوماسية للمفاوضات منذ أمد طويل".
فيلم وثائقي
يأتي ذلك بعد أن باغت ماكرون الأوساط الدبلوماسية في باريس بموافقته على إدراج محادثته مع بوتين في فيلم وثائقي تعرضه قناة France 2 الفرنسية الشهيرة.
من جهة أخرى، تضمن الفيلم الوثائقي، الذي جاء تحت عنوان "الرئيس وأوروبا والحرب" وامتدَّ ساعتين، مقتطفات من مكالمات ماكرون مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، والمستشار الألماني أولاف شولتز، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
من جهة أخرى، توقع دبلوماسيون أن يصبح الزعماء الأجانب أكثر حذراً عند التحدث إلى ماكرون بعد ما حدث.
ويسود الازدراء والضجر جانبَ الرئيس الروسي من المكالمة الهاتفية التي أُجريت في 20 فبراير/شباط، ويقول بوتين فيها إنه يجري المكالمة من قاعة تمارينه الرياضية، في الوقت الذي كان فيه آلاف من القوات الروسية يحتشدون على الحدود لمهاجمة أوكرانيا.
"فلاديمير، أريدك أن تساعدني قليلاً"
وفي المكالمة، يقول ماكرون مخاطباً بوتين بأسلوب غير رسمي: "فلاديمير، أريدك أن تساعدني قليلاً. الأجواء يسودها التوتر الشديد على خطوط الاتصال. لقد بذلت جهدي حقاً لحثِّ زيلينسكي على الهدوء أمس".
وسأل ماكرون نظيرَه الروسي عما إذا كانت "التدريبات العسكرية" لقواته على الحدود ستنتهي في اليوم التالي كما أعلن، وردَّ بوتين بأنها ستنتهي "على الأرجح". ثم يطلب منه ماكرون: "لا تستسلم لأي استفزازات من أي نوع في الساعات والأيام القادمة".
إضافة إلى ذلك، تتضمن المكالمة حثَّ ماكرون للرئيس الروسي على قبول اقتراح الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بالاجتماع لنزع فتيل الأزمة في أوكرانيا، ويوافق بوتين موافقة ملتبسة على العرض، ويقول إنه سيطلب على الفور من مساعديه البدء في العمل على وضع تفاصيل الأمر.
بوتين يتحدث من قاعة التمارين!
لكن بوتين يضيف: "بصراحة، كنت في سبيلي للعب هوكي الجليد، حتى إنني أتحدث إليك من قاعة التمارين الرياضية، قُبيل التدريب".
ظنَّ ماكرون وقتها، ومعه مساعدوه في قصر الإليزيه، أنه تمكن من تحقيق انفراجة في الأزمة، وأعلن الأمر لوسائل الإعلام، لكن الكرملين سارع بنفي موافقة بوتين على أي شيء مما أعلنته الرئاسة الفرنسية.
وعُرض الفيلم الوثائقي على الإليزيه لفحصه قبل عرضه، ومع ذلك لم يحمل في نسخته النهائية الصورة الجذابة للرئيس الدبلوماسي التي ظنَّت الرئاسة الفرنسية أن الفيلم سيعبر عنها.
ورغم أن الفيلم ينقل معارضة ماكرون لبوتين في بعض الأحيان، فإنه من الواضح أن الأخير تلاعب بماكرون.
وكتب بيوتر سمولار، مراسل صحيفة ليموند الفرنسية في واشنطن، بتغريدة على موقع تويتر، أن الفيلم أظهر "إدارة حفنة من الناس للشؤون الدبلوماسية كما لو كانوا يديرون شركة ناشئة، كأن كل مشكلة يمكن حلّها بأرقام هواتف (أولاف)، و(فولوديمير)، و(فلاديمير)".