زعم استطلاع آراء كبير أُجرِي مؤخراً أن العرب يفقدون ثقتهم بفعالية الديمقراطية، برغم حرمان المشاركين في مصر مثلاً من فرصة الإجابة عن الأسئلة المرتبطة بهذا الموضوع تحديداً.
في حين لم يشارك مواطنو العديد من الدول "الاستبدادية" بالشرق الأوسط في الاستطلاع أيضاً.
استطلاع رأي حول الديمقراطية في العالم العربي
إذ أُجرِيَ استطلاع العالم العربي بالتعاون بين قناة BBC News العربية وشبكة الباروميتر العربي من جامعة برينستون. واستطلع الفريق آراء 23 ألف شخص من مصر، والعراق، والأردن، ولبنان، وليبيا، وموريتانيا، والمغرب، والسودان، وتونس، وفلسطين، وذلك وفق تقرير نشره موقع Middle East Eye البريطاني يوم الخميس 7 يوليو/تموز 2022.
حيث جرى الاستطلاع خلال الفترة ما بين أكتوبر/تشرين الأول عام 2021 وأبريل/نيسان عام 2022، وطرح أسئلةً حول عددٍ من المواضيع مثل الديمقراطية، والزعماء الأجانب، والدين، وحقوق المرأة، والعنصرية.
أجاب المشاركون من تسع دول عن الأسئلة المرتبطة بالديمقراطية، باستثناء المواطنين المصريين، حيث لم يشارك المصريون في إجابة الأسئلة حول ما إذا كان الناس يؤدون صلاة الفجر في موعدها أم لا، وما إذا كانوا يتلون القرآن بشكلٍ يومي أم لا.
كذلك لم يجب المصريون أيضاً عن الأسئلة حول رأيهم في السياسة الخارجية لزعماء العالم تجاه منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، لأن "السلطات لن تسمح بطرح مثل هذه الأسئلة".
الحاجة لموافقة حكومية لإجراء الاستبيان
قال مايكل روبنز، مدير الباروميتر العربي، لموقع Middle East Eye البريطاني، إن الباحثين كانوا بحاجةٍ إلى موافقة حكومية لإجراء الاستبيان في جميع الدول المعنية، باستثناء لبنان وتونس.
أوضح أن السلطات لديها بعض الحساسيات تجاه مواضيع بعينها، ولم تقدم سبباً يبرر عدم السماح بإجابة المواطنين على بعض الأسئلة. وأردف: "كانت السلطات المصرية حساسةً للغاية بشأن الأسئلة المرتبطة بالعلاقات الدولية، وربما يرتبط هذا الأمر بالمفاوضات الجارية مع مختلف القوى".
أعرب المحللون عن شكوكهم في نتائج الاستطلاع، مستشهدين بإغفال بعض البلدان وطريقة صياغة الأسئلة.
إذ قال محمد المصري، رئيس برنامج الدراسات الإعلامية في معهد الدولة للدراسات العليا: "يجب تفسير هذه النتائج بحذر، حيث استُبعِدَت منها بعض الدول، ولم تكن منهجية انتقاء عينات الاستبيان مثالية، فضلاً عن عدم طرح بعض الأسئلة داخل بعض الدول المشاركة في الاستطلاع".
أوضح المصري أن من المنطقي طرح سؤال عن أداء الحكومات الديمقراطية على الصعيد الاقتصادي، خاصةً مع تكرار السؤال في أكثر من استطلاع.
لكنه أردف قائلاً: "كنت سأفضل طرح سؤالٍ مماثل عن أشكال الحكومات الأخرى، وأبرزها الحكومات الاستبدادية. ويعتبر هذا السؤال مهماً بسبب انتشار الاستبداد على نطاقٍ أوسع في المنطقة".
اسئلة محرفة وغير دقيقة
عندما سأل الموقع البريطاني روبنز عن سبب عدم طرح أسئلة حول تأثير الحكومات الاستبدادية، أجاب مدير الباروميتر العربي قائلاً إنه سؤالٌ "نرغب في طرحه وسنضيفه إلى الاستطلاعات المستقبلية".
بينما قالت سارة ليا ويتسون، المديرة التنفيذية لمنظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي، في حديثها إلى الموقع البريطاني: "من المؤسف أن أسئلة الباروميتر العربي عن الحوكمة كانت مُحرّفةً ومُتلاعبة. إذ صيغت الأسئلة بطريقةٍ تستنبط ردود الفعل السلبية حول الديمقراطية، دون منح المشاركين فرصةً للتعبير عن آرائهم في مشكلات الحوكمة غير الديمقراطية وغير الممثلة".
كما انتقدت سارة صياغة الأسئلة مشيرةً إلى أن المشاركين حصلوا على خيارات سلبية فقط للتعبير عن رأيهم في الديمقراطية، ولم يُمنحوا أي "خيارات إيجابية" للرد على تلك الأسئلة.
ثم أضافت: "يقدم الاستطلاع صورةً مُشوّهة عن الرأي العام العربي، ويستثني بشكلٍ كامل، مجموعة من الحكومات المعروفة بكونها الأكثر تعسفاً في المنطقة، فضلاً عن حذف الأسئلة السياسية في دولٍ مثل مصر".
عدم تنفيذ الاستطلاع في الخليج
في الوقت نفسه لم تشارك دول الخليج في الاستطلاع، برغم احتسابها بين أكثر الأنظمة استبداداً في المنطقة.
تشير النتائج إلى تراجع الإيمان بقدرة الديمقراطية على توفير الاستقرار وتقوية الاقتصاد، لكن غالبية المشاركين عموماً يؤمنون بأنها تظل أفضل أشكال الحكومة.
كما شهد الاستطلاع اعترافاً واسع النطاق بوجود تمييز عنصري في جميع الدول باستثناء مصر، حيث قال 8% فقط من المصريين إنها تمثل مشكلة. في حين نفى 86% من المصريين وجود أي تمييز ضد أصحاب البشرة الملونة "على الإطلاق".
قال غالبية المشاركين في الاستطلاع إن الرجال أفضل في القيادة السياسية من النساء، لكن تأييد هذه الفكرة تراجع منذ عام 2018.
بينما شهد لبنان وتونس أكبر تراجع في نسبة المؤيدين لهذه الفكرة، حيث قال أقل من نصف المشاركين فيهما إن الرجال يمثلون قادةً أفضل.
في حين قارن تحليل الزعماء العالميين بين شعبية سياسة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي يتبعها زعماء الولايات المتحدة، والصين، وروسيا، وتركيا، والإمارات، وسوريا، ومحمد بن سلمان في السعودية، وعلي خامنئي إيران.
كما تبين أن مواطني ست من الدول التسع يفضلون السياسة الخارجية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بينما كان بشار الأسد أقل زعماء المنطقة شعبية. ولم يشارك المصريون في الإجابة عن هذا السؤال أيضاً.