تستعد الجزائر الثلاثاء، 5 يوليو/تموز 2022، لاحتفالات استثنائية، بالتزامن مع عيد الاستقلال، باستعراض عسكري غير مسبوق في العاصمة يخلّد الذكرى الستين لنهاية الاستعمار بعد 132 سنة من الوجود الفرنسي، في وقت وجّه فيه الرئيس الفرنسي ماكرون رسالة إلى نظيرة الجزائري تبون، معرباً عن أمله "بتعزيز العلاقات القوية أساساً" بين البلدين، بحسب ما أعلن قصر الإليزيه.
ومنذ الجمعة تجهز السلطات لاحتفالات استثنائية، إذ أغلقت المدخل الرئيسي لشرق العاصمة على طول 16 كلم، للسماح للجيش بإجراء التدريبات على استعراض عسكري كبير سيكون الأول منذ 33 عاماً حسب ما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية.
كما تم تحويل المرور إلى طرق أخرى حتى الأربعاء، بحسب ما أعلنت سلطات ولاية العاصمة، وتسبّبت هذه الإجراءات باختناقات مرورية كبيرة.
وينتظر أن يحضر الاحتفالات، وبخاصة الاستعراض العسكري، ضيوف أجانب، من بينهم رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس، ورئيس النيجر محمد بازوم، فيما أعلنت الرئاسة التونسية أن الرئيس قيس سعيّد سيزور الجزائر للمشاركة باحتفالات الذكرى 60 للاستقلال..
وفي دلالة على أهمية المناسبة تم تصميم شعار خاص يظهر منذ أسابيع على جميع القنوات التلفزيونية، وهو عبارة عن دائرة مزيّنة بستين نجمة، وفي وسطها عبارة "تاريخ مجيد وعهد جديد".
وبحسب برنامج الاحتفالات الذي كشف عنه وزير المجاهدين (المقاتلون القدامى) العيد ربيقة، سيكون هناك عرض فني ضخم الإثنين، في قاعة أوبرا الجزائر "يسرد تاريخ الجزائر العريق من مرحلة ما قبل التاريخ حتى الاستقلال".
رسالة باريس إلى الجزائر
من جهتها قالت الرئاسة الفرنسية في بيان إنّ إكليلاً من الزهور سيوضع أيضاً، الثلاثاء، باسم ماكرون، على "النُّصب التذكاري الوطني لحرب الجزائر والمعارك في المغرب وتونس"، في رصيف برانلي في باريس، إحياءً لذكرى الأوروبيين ضحايا مجزرة وهران، التي وقعت في نفس يوم الاستقلال في 5 يوليو/تموز 1962.
وأضاف الإليزيه في بيانه أنّ "الذكرى الستّين لاستقلال الجزائر، في 5 يوليو/تمّوز 2022، تشكّل فرصة لرئيس الجمهورية لكي يرسل إلى الرئيس تبّون رسالةً يعبّر فيها عن تمنياته للشعب الجزائري، ويبدي أمله بمواصلة تعزيز العلاقات القوية أصلاً بين فرنسا والجزائر".
ونقل البيان عن ماكرون "تأكيده مجدّداً التزامه بمواصلة عملية الاعتراف بالحقيقة والمصالحة لذاكرتي الشعبين الجزائري والفرنسي".
وبعد مرور ستة عقود على انسحاب الجيوش الفرنسية، إلا أنّ العلاقات بين باريس والجزائر لم تصل بعد إلى طبيعتها.
حرب لسنوات لنيل الحرية
وانتزعت الجزائر الاستقلال بعد سبع سنوات ونصف السنة من حرب دامية خلّفت مئات الآلاف من القتلى، ما جعلها المستعمرة الفرنسية السابقة الوحيدة في إفريقيا في سنة 1960 التي تحرّرت بالسلاح من فرنسا.
وتوقف القتال بين الفرنسيين والجزائريين بعد توقيع اتفاقيات إيفيان التاريخية، في 18 مارس/آذار 1962، التي مهّدت الطريق لإعلان استقلال الجزائر في الخامس من يوليو/تموز من العام نفسه.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الفائت، بدا أنّ العلاقات بين البلدين تراجعت إلى أدنى مستوى لها، عندما صرّح ماكرون بأنّ الجزائر تأسّست بعد استقلالها على "ريع ذاكرة" يقف خلفه "النظام السياسي العسكري"، ما أثار غضب الجزائر.
وتحسنت العلاقات تدريجياً في الأشهر الأخيرة، وأعرب ماكرون وتبّون في مكالمة هاتفية، في 18 يونيو/حزيران، عن رغبتهما في "تعميقها"، وفي نهاية أبريل/نيسان، هنّأ تبون ماكرون على إعادة انتخابه "الباهر" ودعاه لزيارة الجزائر.