اتُّهمت روسيا مرة أخرى باستخدام قنابل الفوسفور في هجومها على أوكرانيا، وهذه المرة في هجوم على جزيرة الثعبان، بعد يوم واحد فقط من ادعاء موسكو انسحابها من البؤرة الاستيطانية على البحر الأسود في "بادرة حسن نية"، بحسب صحيفة The Independent البريطانية، السبت 2 يوليو/تموز 2022.
كانت الجزيرة، التي تقع على بعد 22 ميلاً فقط من شواطئ رومانيا، العضو في الناتو، تحت سيطرة موسكو منذ فبراير/شباط، عندما اكتسبت أهمية رمزية واستراتيجية بعد أن تبنَّت أوكرانيا رداً عسكرياً على سفينةٍ حربية روسية واعتبرت ذلك صرخة معركة شعبية.
وفي يوم الخميس الماضي، 30 يونيو/حزيران، بعد أن أبلغت كييف عن شن وابل من الضربات على الجزيرة، قالت وزارة الخارجية الروسية إنها تنازلت عنها بالتزامن مع الاتفاقات التي توسطت فيها الأمم المتحدة "من أجل تنظيم ممرات المحاصيل الإنسانية".
غارات على الجزيرة
ومع ذلك، في اليوم التالي، شنّت طائرات مقاتلة روسية من طراز سوخوي-30 من شبه جزيرة القرم غارتين على الجزيرة باستخدام قنابل الفوسفور، وفقاً للقائد العام للجيش الأوكراني، فاليري زالوغني.
يُحظر استخدام الفوسفور– الذي يمكن أن يقتل ويشوه ويسمم الضحايا ويحرق العظام عند ملامسته للجسد- في المناطق المدنية المكتظة بالسكان بموجب القانون الدولي، لكنه لا يعتبر سلاحاً كيميائياً بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية.
واتهم المسؤولون الأوكرانيون روسيا باستخدام الأسلحة عدة مرات خلال هجوم فلاديمير بوتين، بما في ذلك هجمات الشهر الماضي على مدينتيّ لوتسك الغربية وبوباسنا في الشرق.
وتأتي الاتهامات الأخيرة في أسبوع شهد إلقاء اللوم على روسيا في مقتل عشرات المدنيين، في غارات بالقرب من مدينة أوديسا المطلة على البحر الأسود، وفي مركز تسوق في كريمنشوك، وفي العاصمة كييف.
استخدام الصواريخ المضادة
وفي "تحديث استخباراتي" صباح اليوم السبت، 2 يوليو/تموز، قالت وزارة الدفاع البريطانية إن روسيا تلجأ إلى استخدام الصواريخ المضادة للسفن التي تُطلَق من الجو في الهجمات البرية، "على الأرجح بسبب تضاؤل مخزونات الأسلحة الحديثة الأكثر دقة".
وأضافت الوزارة أن تحليل لقطات كاميرات المراقبة أظهر أن الصاروخ الذي أصاب مركز التسوق يوم الإثنين- وأسفر عن مقتل 19 شخصاً- من "المرجح بشدة" أنه كان من طراز Kh-32، وهو نسخة مطورة من صاروخ يعود إلى الحقبة السوفييتية.
علاوة على ذلك، حذرت من أن الصواريخ التي تعود إلى الحقبة السوفييتية، "التي تعتبر أقل دقة وغير مناسبة للضربات الدقيقة"، قد استخدمت على الأرجح في منطقة أوديسا يوم الخميس، و"من شبه المؤكد أنها تسببت بشكل متكرر في وقوع إصابات بين المدنيين في الأسابيع الأخيرة".
تحذير لمجموعة السبع
وأثارت سلسلة الضربات على المباني المدنية في الأيام الأخيرة الإشارة إلى أن روسيا ربما تستخدم الهجمات لإرسال رسالة إلى زعماء مجموعة السبع وحلف شمال الأطلسي أثناء اجتماعهم في القمم المعنية هذا الأسبوع.
إذ أشار العمدة فيتالي كليتشكو إلى أن الهجوم على مبنى سكني في كييف، والذي أسفر عن مقتل ستة أشخاص، "ربما كان هجوماً ذا مغزى"، بعد ثلاثة أيام من موافقة قادة الاتحاد الأوروبي على ترشيح أوكرانيا للعضوية.
جاء هجوم كريمنشوك في اليوم التالي، حيث شهدت القمة السنوية لمجموعة السبع اجتماع القادة في ألمانيا لمناقشة المزيد من الدعم لأوكرانيا.
في المقابل، ينفي بوتين ومسؤولوه أن روسيا قصفت مناطق سكنية، وقالوا إن الهجوم على مركز التسوق المزدحم كان موجهاً إلى مستودع أسلحة قريب.
أزمة الغذاء
وكانت المناقشات حول أزمة الغذاء على رأس جدول أعمال الاجتماعات الدبلوماسية هذا الأسبوع، إذ إن هناك مخاوف من حدوث مجاعة في العديد من البلدان نتيجة الحصار الروسي في البحر الأسود.
لكن رغم ادعاء موسكو أنها غادرت جزيرة الثعبان من أجل تخفيف الأزمة، قال خبراء عسكريون إن انسحاب روسيا لن يكون في حد ذاته كافياً لفتح الموانئ.
من جانبه، تساءل ماركوس فولكنر، المحاضر في دراسات الحرب في كينغز كوليدج في لندن: "هل هذا يعني أن محاصيل الحبوب تتدفق فجأة؟"، مشيراً إلى أن الموانئ لا تزال ملغومة وأن روسيا لا يزال بإمكانها اعتراض سفن الشحن في البحر.
بينما طرح ماتيو بوليغ، المحلل في معهد تشاتام هاوس، أن انسحاب روسيا قد يكون جزءاً من خطة لتعزيز قواتها العسكرية في أماكن أخرى من البحر الأسود، محذراً: "لا ينبغي أن ننخدع بذلك.. قد يكون الأمر بمثابة ارتياح قصير المدى ولكن سيكون هناك ألم طويل الأمد".
وتعني السيطرة على جزيرة الثعبان الهيمنة على الأرض، وإلى حد ما، الأمن الجوي لجنوب أوكرانيا، مثلما طرح رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية كيريلو بودانوف في مايو/أيار الماضي.