على الرغم من نفى وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، قبل عدة أيام، وجود أي طرح لتشكيل تحالف عسكري أو الناتو العربي تكون إسرائيل جزءاً منه، وذلك بعد أيام من حديث ملك الأردن الملك عبد الله، عن تشكيل تحالف عسكري في الشرق الأوسط، على غرار حلف شمال الأطلسي "الناتو"، إلا أنّ مصادر خاصة لـ"عربي بوست" تؤكدّ أنّ الأردن سيكون له دور أساسي في التكتل الجديد إذا ما تمّ الإعلان عنه بشكل رسمي، خاصة أنّ الأردن يشهد حالة من الصراع الخفي مع النظام الإيراني في داخل دوائره الأمنية والاستخباراتية، وإن بدا ظاهراً للعلن أنّ الأردن لا يريد خوض مواجهة عسكرية مع طهران.
وتأتي هذه التوجهات بعد أن تحدث ملك الأردن، في وقت سابق، في مقابلة أجرتها معه قناة "سي إن بي سي" عن أن الأردن يعمل بنشاط مع الناتو، ويعتبر نفسه شريكاً في الحلف، بعد أن قاتل جنباً إلى جنب مع قوات الناتو لعقود، كما عبّر عن رغبته في رؤية "المزيد من البلدان في المنطقة تدخل في هذا المزيج"، وأكد قائلاً: "سأكون من أوائل الأشخاص الذين يؤيدون إنشاء حلف في الشرق الأوسط، كحلف شمال الأطلسي".
ناتو عربي أم شرق أوسطي؟
ويكثر الجدل حول مسمى وطبيعة التشكيل الجديد، هل سيأخذ شكل "الناتو العربي" أو "الشرق أوسطي"، وبغض النظر عن المسميات فإنّ العديد من المراقبين يعتبرون الخطوة هي أبعد من ذلك.
وهذا ما يشير إليه الخبير والمحلل السياسي في الشؤون الدولية رضوان قاسم، الذي يرى في حديث خاص لـ"عربي بوست"، أنّه لا يتفق مع كلمة "ناتو عربي"، فليس كل الدول العربية منخرطة في هذا التحالف، إلا بعض دول الخليج وخاصة الدول المطبعة مع إسرائيل، مشيراً إلى أنّه يمكن أن يقال ناتو-تطبيعي أو أنّه وليد ناتو غربي، فهناك العديد من الدول العربية والمهمة لا يمكن أن تنخرط في مثل هذا الناتو وخاصة أنّها ضد فكرة التطبيع، ومنها سوريا والعراق والجزائر وليبيا وتونس، فكل هذه الدول العربية لا تقبل هذه الفكرة أصلاً وترفض عملية التطبيع.
ولهذا لا يمكن أن يسمى هذا التحالف "ناتو عربي" وحتى "ناتو شرق-أوسطي"، ومن هنا يرى قاسم أنّ التعبير الأفضل لهذا التحالف الذي ينضوي تحت اللواء الأمريكي-الإسرائيلي في المنطقة هو "ناتو-تطبيعي"، للتعرف على أهدافه ووجهته وطبيعته حيث له وجهة وسياسة خاصة من دول التطبيع تجاه بعض الدول في منطقة الشرق الأوسط.
لماذا أعلن عن هذا الناتو في مثل هذا التوقيت؟
توترت علاقة الرئيس الأمريكي جو بايدن مع السعودية منذ توليه منصب الرئاسة، حيث اتخذت الرياض موقفاً إلى جانب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب فتوترت العلاقات ما بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي بايدن، وازدادت هذه التوترات عندما طلب بايدن زيادة إنتاج النفط من السعودية، لكن تبين أنّ الأخيرة لا تستطيع الاستجابة لمطالبه بناء على الاتفاقيات المنصوص عليها في "أوبك بلس"، والتي ستضر بمصلحتها الاقتصادية.
ويبقى التساؤل قائماً لماذا كان العاهل الأردني هو من بادر بطرح الفكرة على الملأ، خاصة أنّها ليست المرة الأولى التي يطرح فيها الملك الأردني مثل هذه الأطروحات، فهو يعدّ بمثابة الصوت الإعلامي لبعض دول الخليج.
يجيب عن ذلك المحلل السياسي رضوان قاسم بالقول: إن العاهل الأردني يعمل على مجاراة مصالح السعودية والإمارات بناء على المساعدات التي يتلقاها من هذه الدول، وهو كان قد حذّر في عام 2004 خلال حديثه مع إحدى الصحف الأمريكية من خطر تشكل "الهلال الشيعي".
وفي الأزمة السورية أعطي الأردن دوراً هامشياً، من خلال اللقاءات التي كانت تعقد في الأردن باعتبارها على الحدود السورية، فكان للأردن دور في الحرب السورية، حسب وصفه.
يعتبر قاسم أنّ الإعلان اليوم من العاهل الأردني عن هذا التحالف ما هو إلا خدمة لدول الخليج المطبعة مع إسرائيل من ناحية، وخدمة للكيان الصهيوني من ناحية أخرى، باعتبار العلاقة ما بين الأردن وإسرائيل من الناحية السياسية والأمنية، فيريد أن يقدم أوراق اعتماد لهذا الكيان وخاصة أنّه يدرك تماماً أن إسرائيل لها اليد الطولى في الأوضاع السياسية التي شهدها الأردن والتي استهدفت الداخل الأردني من خلال التحريض الإسرائيلي المتواصل.
الناتو الجديد ولد ميتاً
ويرى قاسم أنّ الناتو المولود الجديد الذي يرى البعض أنّه ولد ميتاً يأتي في إطار إعادة رسم المشهد السياسي بين الدول المطبعة مع الكيان الصهيوني والفصل بينها وبين الدول المعارضة للتطبيع وعلى رأسها إيران، فعلى الرغم من أنّ الحديث عن مواجهة إيران وأخطارها في الوقت الحالي يزداد، إلا أنّ هذا الناتو يبقى في إطار العمل الأمني الذي لا يستهدف إيران وحسب، بل سيشهر في وجه الفصائل الفلسطينية المقاومة التي تناهض الاحتلال الإسرائيلي وكل ما يعرف بـ"محور المقاومة".
ويضيف قاسم: "بالتالي فإنّ هذا التحالف هو حلف أمني أكثر منه عسكرياً لأنّه ليس بمقدور الدول العربية حتى لو اجتمعت مع إسرائيل مواجهة إيران لا من ناحية القدرة العسكرية ولا من الناحية السياسية على اعتبار أنّها باتت القوى الأولى بحسب اعترافات قادة من البنتاغون الأمريكي التي اعتبرت أنّ إيران الأولى في منطقة الشرق الأوسط من حيث القوة والقدرة العسكرية.
ويضيف قاسم قائلاً: "العديد من دول المنطقة ومنها الأردن ومصر ليس من مصلحتها في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وعلى صعيد النفط والغاز إشعال حرب في المنطقة، فهذا التحالف الجديد يهدف إلى تقريب إسرائيل إلى الحدود الإيرانية عبر البحرين والإمارات، ونصب الرادارات الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة، من أجل الحفاظ على أمن إسرائيل، والأهم من ذلك تكوين مناطق أمنية في المنطقة أكثر منها عسكرية"، مشيراً إلى أنّ الأردن سيكون له دور أمني فعال في ضرب المقاومة في غزة من الناحية الأمنية ولمنعها من الوصول إلى الداخل الإسرائيلي.
وفي سياق متصل، يرى الباحث في مركز راسام للدراسات عقيد ركن متقاعد حاتم الفلاحي، في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست"، أنّ هذه الفكرة طرحت في الفترة السابقة منذ عام 2011 ثمّ تكرر طرحها في عام 2015 في عهد إدارة باراك أوباما، ثمّ طرحت في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وكان هذا الطرح من قبل واشنطن أنّه يجب أن تشكل قوة عربية في المنطقة، ولكن هذا الطرح لم يكن مقبولاً في تلك الفترة فكان لا بدّ من طرح هذه الفكرة بأسلوب جديد تتبناه إحدى الدول العربية في المنطقة، منوهاً إلى أنّ هذا التحالف هو أمني-عسكري دفاعي وردعي لخلق توازن إقليمي في المنطقة يسهم في بناء نظام إقليمي جديد.
وفيما يتعلق بالأردن لماذا جاء الإعلان من العاهل الأردني في مثل هذا التوقيت، يجيب الفلاحي بالقول: "الهدف المعلن منه هو حماية أمن المنطقة، فالأمن العربي مهدد من قبل دولتين، من قبل إسرائيل وإيران التي تحتل أربع دول عربية هي سوريا والعراق ولبنان واليمن، كما أنّه مهدد من قبل الإرهاب الذي يضرب المنطقة نتيجة الإخلال في توازن القوى واحتلال العراق عام 2003".
يضاف إلى ذلك أنّ وجود جماعات محلية موجودة في عدد من الدول العربية تدعمها إيران وتقوم هذه الجماعات بتقويض الأمن والاستقرار في هذه الدول، وبالتالي انعكس على الأمن بشكل عام في المنطقة، فالأردن يعاني حالياً نتيجة تقليل التواجد الروسي بسبب الحرب الروسية-الأوكرانية من تمدد إيران إلى هذه المناطق الحدودية، وأصبحت الميليشيات الإيرانية تتواجد على الحدود مع الأردن، إضافة إلى ذلك فإنّ الفترة السابقة شهدت مناوشات واشتباكات مع القوات الأردنية المتواجدة على الحدود الأردنية-السورية نتيجة تهريب الأسلحة والمخدرات.
وبالتالي يرى العقيد ركن متقاعد حاتم الفلاحي أنّ الأردن بدأ يستشعر أنّ هناك مخاوف كبيرة جداً من حدوده الشمالية باتجاه سوريا نتيجة التواجد الإيراني، وهذا يتطلب تأمين هذه الحدود، مما جعل العاهل الأردني يدعو إلى تشكيل ناتو عربي وقوة إقليمية عربية قادرة على ردع التهديدات المحتملة في المنطقة.
ويرى الفلاحي ضرورة التمييز بين أن يكون ناتو عربي مقتصراً على الدول العربية أو ناتو شرق-أوسطي بما فيه من دلالة على انضمام دول أخرى إليه، معتبراً أنّها تعدّ فكرة قديمة-جديدة، لعل التأصيل لها يمتد إلى مواثيق الجامعة العربية، وتحديداً اتفاقيات معاهدة الدفاع المشترك بين الدول الأعضاء في الجامعة التي وقعت في 18 يونيو/حزيران 1950، لكن فعلياً هناك سياقات محددة لهذا الإعلان الجديد.
لا يمكن عزل الناتو العربي عن الصراع مع إيران
ويعتبر الفلاحي في تصريحات لـ"عربي بوست"، أنّه لا يمكن عزل سياقات التأسيس أو الإعلان عن مثل هذا الناتو سواء عربياً أو شرق أوسطياً عن سياقات الصراع مع إيران في هذه المرحلة تحديداً، مشيراً إلى أنّ هناك مرحلتين للإعلان عن هذا التشكيل، المرحلة الأولى كانت قبل عدة أشهر وقبل استئناف المفاوضات بين طهران وواشنطن في الدوحة، فخلال الأسبوعين الأخيرين شهدنا تراجع التأكيدات العربية حول هذا الناتو، في رسالة واضحة لإيران أنّه مثل هذا المحور لا يستهدفها، رغم الإشارات السابقة إلى أنّه يستهدف ميليشيات تتبع لطهران في المنطقة من جهة، وتهديدها للأمن القومي العربي.
الناتو الجديد عمل أمني-استخباراتي-معلوماتي بالدرجة الأولى
إنشاء هذا التحالف سيأخذ الطابع اللوجستي الأمني-الاستخباراتي، مبني على المعلومات وسيكون للأردن الدول الأبرز لمواجهة المسائل والقضايا الإيرانية في المنطقة، وسيكون الأردن مركز الثقل الأساسي في محاربة المشروع الإيراني في المنطقة، فيما ستكون السعودية والإمارات الداعم المالي لهذا الكيان الجديد، وسيعمل التحالف الجديد للتسهيل على إسرائيل لإجراء عمليات في العمق الإيراني عبر الدعم اللوجستي-المعلوماتي.
لكن من الصعوبة أن تدخل الدول التي ستشارك في الناتو الجديد في مواجهة مباشرة وعسكرية تقليدية مع إيران، ومنها مصر التي من المستبعد أن يدخل جيشها إلى جانب إسرائيل لمواجهة دولة عربية أو إسلامية مثل: إيران.
وهنا يعتقد خبير الأمن الاستراتيجي عمر الرداد، أنّ الناتو الجديد سيأخذ طابعاً أمنياً-استخباراتياً في حالة تشكيله، مؤكداً أنّه لا بدّ من مرجعيات أمنية-استخباراتية-مخابراتية لتكوين أرضية ومرجعية لهذا التشكيل الجديد، إذ إنّه ليس عملاً عسكرياً خالصاً، حتى وإن تطور للمرحلة العسكرية "التقليدية" لا بدّ من توفر معلومات استخباراتية وتنسيق أمني يسبق أي عمليات لهذا الناتو، وهذا من بديهيات العمل العسكري الذي يستد إلى منظومة معلومات أمنية، سواء في بنك الأهداف أو على مستوى تقدير الموقف بالنسبة للخصم ونواياه وتحركاته السابقة ومتابعتها في إطار معلوماتي وتحليلي.
ويرى الرداد أنّ هناك مبالغة صنعها الإعلام الإسرائيلي بخصوص الناتو الجديد في إطار رسالة هدفها بالدرجة الأولى إيران وتشكيل محور جديد، لا سيما بعد إنجاز العديد من اتفاقيات السلام مع الدول العربية، لإرسال رسالة لطهران أنّ هناك محوراً قوياً، ومن جهة أخرى أنّ إسرائيل والدولة العميقة فيها تريد أن ترسل رسالة على المستوى الاستراتيجي باندماجها مع القوة الرئيسية في المنطقة ضمن عنوانين أساسيين، الأول مكافحة الإرهاب والثاني مواجهة التهديد والخطر الإيراني.
مشيراً إلى أنّ مسألة دخول إسرائيل به رغم المبالغات التي تتم لن تكون بهذه السهولة ولن تنجر الدول العربية إليه حتى في ظل الاتفاقيات الثنائية مع إسرائيل على المستوى الأمني والاستخباراتي والعسكري، حيث إنّ دخول إسرائيل بعنوان المواجهة مع إيران في مثل هذا التحالف هدفه إرسالة رسالة إلى طهران.
المحلل السياسي رضوان قاسم، يرى أن التحالف الجديد سيكون بالدرجة الأولى على المستوى الاستخباراتي والمعلوماتي، وهذا ما ينطبق على السعودية والأردن والإمارات والبحرين، فالعمل الأمني-الاستخباراتي سيكون سيد الموقف، مشدداً على أنّ التحالف سيقرب الحدود ما بين إسرائيل وإيران حتى يكون بمقدور تل أبيب التحرك بشكل أوسع وأقوى في العمليات التي تستهدف العمق الإيراني.
ويعزز هذا الأمر التصعيد الكبير من قبل إسرائيل في المنطقة التي تحاول توظيف هذه التحالفات لخدمة مصالحها كونها تشعر بتهديد كبير، وهذا ما يذهب إليه العقيد ركن متقاعد حاتم الفلاحي، الذي يؤكدّ أنّ الفترة الماضية كانت هناك مناورات عسكرية إسرائيلية تحاكي القتال على ست جبهات وهذه الجبهات هي العراق وسوريا ولبنان وغزة واليمن وإيران، ومن هنا يأتي الحديث بشكل مكثف عن ترتيب قوة جديدة بإطار عسكري جديد يمكن أن تكون إسرائيل جزءاً من هذا التحالف الجديد وخصوصاً أنّ هناك عدداً من الدول العربية مطبعة مع إسرائيل وليست لديها مشكلة في بناء تحالف عسكري معها في المنطقة.
وبالتالي فإنّ الفلاحي يرى أنّ هذا التحالف يعدّ تحالف عسكرياً-أمنياً لمواجهة تطورات يمكن أن تحدث في المنطقة في الفترة المقبلة، خصوصاً أنّ إسرائيل نشرت منظومة رادار في الإمارات والبحرين ومواقع تنصت وتجسس خلال الفترة الماضية، وهناك تسريبات أنّ الحزب الجمهوري والديموقراطي طرح مسألة تشكيل دفاع جوي مشترك شرق أوسطي بإشراف الولايات المتحدة الأمريكية وطلب من البنتاغون أن يقدم خلال ثمانين يوماً دراسة استراتيجية شاملة لهذا الناتو الذي يمكن أن يضطلع بمهام، وقد صرح وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس في الفترة الماضية بأنّ هذه الناتو الجوي بدأ يعمل وأنّه قام باستهداف العديد من الأهداف والتهديدات خلال الفترة الماضية.
لكن الفلاحي يستبعد أن تكون مصر جزءاً من هذا الناتو، فلن تدخل في مثل التحالف، على اعتبار أنّها بعيدة عن مسرح الأحداث مع إيران، كما أنّها لن تكون مؤثرة بشكل كبير إذا ما حصلت مواجهة مباشرة مع إيران، لأنّه لا يمكن لها أن تكشف عن أسرارها العسكرية فيما يخص منظومة الدفاع الجوي، وفيما يخصّ منظومة القوة الجوية والبحرية وأسلوب عمل القوات البحرية، لأنّ إسرائيل تعتبر تهديداً مباشر للأمن القومي المصري، فمهما وصلت العلاقات خلال هذه الفترة، إلا أنّ إسرائيل ستبقى المهدد الأكبر للأمن القومي المصري، على الرغم من وجود اتفاقيات مع إسرائيل خلال الفترة الماضية.
وفيما يتعلق بالدور السعودي في "الناتو العربي" يرى الفلاحي أنّ السعودية تسعى لأن يكون لها دور محوري في المنطقة، وتسعى أن تكون دولة استراتيجية لا يمكن للولايات المتحدة الأمريكية تجاوزها، خصوصاً أنّ الإدارة الأمريكية الحالية بدأت بوعود إنتخابية كبيرة جداً تطالب بمحاسبة السعودية في مسألة حقوق الإنسان، لكن الحرب الروسية-الأوكرانية ضغطت بشكل كبير جداً على الإدارة الأمريكية لتكون هناك مراجعات سياسية وعسكرية واقتصادية، ومنها أنّ واشنطن ما زالت بحاجة إلى الطاقة من منطقة الشرق الأوسط لمدة ثلاثة عقود مقبلة إلى 2050، وبالتالي هي تستورد ما يقارب أكثر من 65 مليار دولار من هذه المنطقة من مصادر الطاقة، حوالي 30 مليار من النفط، فهي بحاجة إلى 100 مليون برميل سنوياً، وهذا يجعل السعودية بحسب رؤية الفلاحي تستعيد دورها الاستراتيجي في المنطقة.
مهام الناتو الجديد
مهام الناتو الجديد ترجمتها تصريحات العاهل الأردني في حماية دول المنطقة ومواجهة التهديدات المقبلة على دول المنطقة، إضافة إلى مسألة مواجهة الإرهاب، بعد أن تراجعت التنظيمات المتطرفة كداعش وغيرها، وبالتالي فإنّ إيران وأذرعها في المنطقة تبقى الرهان الأكبر في هذه المعادلة.
لكنّ إسرائيل لن تكون قادرة بمفردها على مواجهة إيران وأذرعها في المنطقة الفترة المقبلة.
وبالتالي هي تحاول بحسب تأكيدات العقيد ركن متقاعد حاتم الفلاحي، أن تلعب الدور الاستراتيجي على أنّها دولة قوية تكنولوجياً وعسكرياً ويمكن أن تقوم بدور حماية دول المنطقة، وقامت بنشر منظومة رادار ومواقع تنصت بالمنطقة، وكل هذا يأتي بعد أنّ نقلت "إسرائيل" من منطقة عمليات القيادة الأوروبية للقوات الأمريكية إلى منطقة عمليات القيادة المركزية "الوسطى" الموجودة في قاعدة "العديد" بقطر.
وبالتالي تسعى تل أبيب لأن تضطلع بأدوار مهمة واستراتيجية خلال الفترة المقبلة، لكن يبقى قرار المواجهة مع إيران بحسب رؤية حاتم الفلاحي بيد واشنطن بالدرجة الأولى، حيث ستكون إسرائيل المحور الرئيسي للحرب المقبلة مع إيران وستكون دول المنطقة ساحات حرب مفتوحة وستكون المواجهة شاملة تشمل الكثير من دول الخليج العربي والعراق وسوريا ولبنان وغزة.
لكن المنطقة والعالم لن تتحمل أي حرب أخرى في ظل الحرب الروسية-الأوكرانية بحسب الفلاحي، التي لا تزال تداعياتها كبيرة جداً على الدول الأوروبية ودول المنطقة، فكيف إذا حصلت أخرى في منطقة الخليج العربي، المنطقة الاستراتيجية التي تحتوي على الكثير من مصادر الطاقة والمعادن، وبالتالي فإنّ العالم غير مهيأ لمثل هذا السيناريو.