كشف محققون تابعون للأمم المتحدة، الأربعاء 29 يونيو/حزيران 2022، أن المهاجرين الذين يُحتجزون بصورة منهجية في ليبيا، يعانون انتهاكات مروعة من قتل وتعذيب واسترقاق، خصوصاً النساء اللواتي يتعرضن للاغتصاب لقاء منحهنّ الطعام والماء.
جاء ذلك في تقرير جديد أصدرته البعثة الدولية المستقلة لتقصّي الحقائق في ليبيا التابعة للأمم المتحدة، بعدما قامت بعدة زيارات ميدانية، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
عدة مهاجرين قابلتهم البعثة ونقلت إفاداتهم في تقريرها، قالوا إنهم "تعرضوا لأعمال عنف جنسية من قبل المهربين، وفي غالب الأحيان بهدف ابتزاز عائلاتهم".
ذكر التقرير أن "البعثة لديها أسباب منطقية تدعو إلى الاعتقاد بوقوع جرائم ضد الإنسانية بحق مهاجرين في ليبيا"، مؤكدة بذلك ما سبق أن أعلنته في تقارير سابقة.
أشار التقرير إلى أنه يتم اعتقال المهاجرين بصورة "اعتباطية ومنهجية" ويقعون ضحايا "قتل واختفاء قسري وتعذيب ورقّ ويعانون تعديات جنسية واغتصابات وغيرها من الأعمال غير الإنسانية".
والمهاجرات وضمنهنّ القاصرات هنّ الضحايا الأوائل للتعديات الجنسية، حتى لو أنها تطال الرجال أيضاً، وتقول النساء إنهنّ "أرغمن على إقامة علاقات جنسية (…) لقاء طعام أو مواد أساسيّة أخرى".
كما ذكر التقرير أن "مخاطر العنف الجنسي المعروفة في ليبيا بلغت حداً جعل بعض النساء والفتيات المهاجرات يضعن لولباً في الرحم؛ لمنع الحمل قبل التوجه إليها لتفادي حمل غير مرغوب فيه نتيجة أعمال العنف هذه".
يأتي هذا بينما يتم احتجاز آلاف المهاجرين الذين يَصلون إلى ليبيا بهدف الانتقال إلى أوروبا في مراكز يشرف عليها جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، داخل منشآت تسيطر عليها مجموعات مسلحة غير تابعة للحكومة، أو يحتجزهم مهربون.
روت مهاجرة احتجزت في أجدابيا كيف فرض عليها محتجزوها إقامة علاقات جنسية معهم لمنحها ماء لطفلها المريض البالغ من العمر ستة أشهر.
تُشير الوكالة الفرنسية إلى أن لجنة تقصي الحقائق المستقلة التي شكلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في يونيو/حزيران 2020، مكلفة بتوثيق التجاوزات المرتكبة في ليبيا منذ 2016.
شارف تفويض اللجنة نهايته لكن مجموعة الدول الإفريقية طرحت مشروع قرار لتمديد مهمتها تسعة أشهر، وستجري مناقشته في نهاية الأسبوع المقبل.
كان المحققون قد أكدوا في أكتوبر/تشرين الأول 2021، وقوع جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في ليبيا منذ 2016، وضمن ذلك داخل السجون وبحق مهاجرين، غير أن قائمة مرتكبي هذه الفظاعات تبقى طي الكتمان.
يُشار إلى أن ليبيا غرقت بالفوضى في أعقاب سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، وتتنازع على السلطة فيها منذ مطلع مارس/آذار 2022 حكومتان متنافستان، وهو وضع سبق أن شهدته البلاد بين عامي 2014 و2021، من دون أن تلوح في الأفق حتى الآن أي بارقة أمل باحتمال انفراج الأزمة السياسية قريباً.