عمليات تخريب عنصرية تطال أكبر معرض للفن المعاصر في العالم.. مخربون استهدفوا أعمالاً فنية فلسطينية

عربي بوست
تم النشر: 2022/06/12 الساعة 16:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/06/12 الساعة 16:31 بتوقيت غرينتش
قوات من الشرطة الألمانية/ الأناضول

يُفتتح خلال أيام أكبر معرض للفن المعاصر في العالم Documenta 15 (دوكومنتا 15)، في خضم خلافات سياسية أعقبت أعمالاً تخريبية استهدفت معرضاً فلسطينياً، وأثارت قلق الفنانين قُبيل الفعالية التي يترقبها الجميع بحماس وتُقام كل 5 أعوام في مدينة كاسل الألمانية.

ففي أواخر شهر أبريل/نيسان 2022 اقتحم مجهولون مكاناً لعرض مجموعة من الأعمال الفنية الفلسطينية، the Question of Funding، وغطوا جدرانه بمادة إطفاء الحريق، وكتبوا عليها "187" -وهو رمز للتهديد بالموت في الولايات المتحدة، يعود أصله إلى قانون العقوبات في ولاية كاليفورنيا على الجرائم التي يُعاقَب عليها بالإعدام- و"بيرالتا" على عشرات الأسطح في المعرض، وذلك وفق تقرير نشره موقع Middle East Eye البريطاني يوم الأحد 12 يونيو/حزيران 2022. 

اعتداء على معرض فني فلسطيني

يعتقد منظمو الفعالية أن اسم "بيرالتا" يُقصد به إيزابيل بيرالتا، السياسية الفاشية الإسبانية التي مُنعت مؤخراً من دخول ألمانيا بسبب آرائها المتعلقة بالنازية الجديدة.

قالت لارا خالدي، الفلسطينية العاملة في القطاع الثقافي، لموقع Middle East Eye البريطاني: "لا شك أن هذا كان اعتداءً متعمَّداً، إذ إن الجناة لم يُخرِّبوا إلا أرضيات معرض the Question of Funding".

كانت مجموعة "التحالف المناهض لمعاداة السامية في كاسل" الألمانية قد اتهمت معرض دوكومنتا 15 باستضافة "ناشطين معادين للسامية" و"انتهاك القوانين الألمانية الصارمة بشأن معاداة السامية"، ودعم الحركة الفلسطينية للمقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS).

التعاطف مع النازية 

فيما اتُّهمت لارا خالدي وزملاؤها بالتعاطف مع النازية بعد أن عملوا مسبقاً في مواقع قيادية في مركز خليل السكاكيني الثقافي، المؤسسة الفنية والثقافية المرموقة غير الربحية في رام الله، بالضفة الغربية المحتلة.

من جانبه، قال مايكل سابيل، الكاتب الإسرائيلي المقيم في ألمانيا لموقع Middle East Eye: "هذه القضية توضح كيف صارت عبارة (مناهضة معاداة السامية) تسمية ملائمة لكراهية الأجانب والعنصرية المجردة".

كما قال مركز خليل السكاكيني الثقافي في بيانٍ له إن الادعاءات "البالية" بمعاداة السامية صارت تُستخدَم كثيراً في ألمانيا ضد كل من يعارض الاحتلال الإسرائيلي أو القمع المُمارَس ضد الفلسطينيين.

لكن في الوقت نفسه يُقال إن إلغاء الهيئة التي عقدتها "دوكومنتا" لتناول المشكلات المتعلقة بمعاداة السامية والعنصرية والإسلاموفوبيا، جاء عقب خطابٍ كتبه جوزيف شوستر، رئيس المجلس المركزي لليهود في ألمانيا، إلى كلاوديا روت، وزيرة الدولة للشؤون الثقافية والإعلامية.

حيث انتقد شوستر "التحيّز الجلي" في دوكومنتا، وأشار إلى أن الهيئة تُعبر عن طرف واحد، ولا تضم متحدثين داعمين لإسرائيل. وشدد الخطاب على الحاجة إلى استخدام "بيانات واضحة واتخاذ إجراءات سياسية حازمة على جميع الأصعدة السياسية والفنية والثقافية والمجتمعية" لمحاربة معاداة السامية.

تحالف مناهض لمعاداة السامية 

من ناحية أخرى فقد أشار الفنانون والناشطون إلى أن التحالف المناهض لمعاداة السامية في كاسل، حيث خرجت كل تلك الإشاعات والاتهامات، ما هو في الواقع إلا مدونة يديرها شخص واحد مرتبط بمجموعة يسارية متطرفة منشقة تُسمى حركة معاداة الألمان.

حيث يعتقد هؤلاء الناشطون أن وسائل الإعلام الكبرى في ألمانيا أخذت المعلومات المنشورة في المدونة دون تحقيق في ادعاءاتها المليئة، على حد قولهم، بالعبارات المجازية غير الدقيقة والعنصرية.

كذلك، وبعد أن اقترب المعرض المُرتقب (سيُقام من 18 يونيو/حزيران إلى 25 سبتمبر/أيلول) وبقي على موعد إقامته أسبوع واحد، يشعر الفنانون والمنظمون بالقلق، وفي حين استجابت دوكومنتا على الأعمال التخريبية والتهديدات بأن قدمت بلاغاً إلى الشرطة ورفعت مستويات التأمين في محافلها، يعتقد كثيرون أن هذه الإجراءات وبيانها الرسمي الذي أصدرته لم تكن كافية.

أعمال تخريبية

في السياق ذاته، وفي حين أن مجتمع الفنانين أصدر بياناً خاصاً به، وصف فيه الأعمال التخريبية بالهجوم العنصري، أعرب البيان الصحفي الذي أصدرته دوكومنتا أنها كانت تهديدات "ذات دوافع سياسية"، دون ذكر أن الهدف كان الفنانين الفلسطينيين، ودون وصف الفعل نفسه بأنه جريمة كراهية.

من جانبه، قال إدوين ناصر، الكاتب والعامل في شؤون الثقافة المقيم في أمستردام، لموقع MEE: "مشكلة أغلب الردود على الهجمات العنصرية على دوكومنتا 15، على الرغم من حسن مقصدها، هي أنها تشارك في التعتيم"، وتابع: "الحقيقة أنها غير قادرة حتى على تسمية الهجموم باسمه الصحيح".

يُذكر أن مؤسسة دوكومنتا تحصل على تمويلها من القطاع العام، ما يُخضعها وفقاً لخالدي، للرقابة الذاتية ويُقيد قدرتها على الجهر بآرائها في هذه القضية خوفاً من قطع التمويل عنها، وقالت: "لو كان الهدف لمثل هذا الهجوم مجموعة أخرى، لأطلق عليه دون شك جريمة كراهية".

تحميل المزيد