خلافات تُهدّد الائتلاف الحكومي في المغرب.. حلفاء أخنوش “غاضبون” باحتكاره المشاريع الكبرى لحزبه

عربي بوست
تم النشر: 2022/06/05 الساعة 17:33 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/11/22 الساعة 06:45 بتوقيت غرينتش
مصادر التمويل تمثل التحدي الأكبر أمام الحكومة الجديدة في المغرب

تعيش أحزاب الأغلبية الحكومة المغربية على صفيح ساخن، بعد وصول التناقضات بين الحلفاء إلى نقاط مستوى غير مسبوق، وأزمة تدبير التوافقات داخل الحكومة انتقلت إلى داخل الأحزاب، حيث وصل بعضها إلى ميلاد "حركات تصحيحية".

ووفق مصادر "عربي بوست" فإن هناك ثلاثة ملفات على الأقل سببت مشاكل داخل الأغلبية الحكومية، ستكون جزءاً من الاجتماع المقبل لزعماء الأغلبية.

وتابعت المصادر أن كل واحد من زعماء الأغلبية وجد نفسه في الأسابيع الأخيرة أمام موجات غضب داخلية تكبر شيئاً فشيئاً، وتهم بأنها تقادم تنازلات لصالح باقي الحلفاء على حساب مصالح الحزب.

عزيز أخنوش وعبد اللطيف وهبي من التحالف الحكومي (مواقع التواصل الاجتماعي)
عزيز أخنوش وعبد اللطيف وهبي من التحالف الحكومي (مواقع التواصل الاجتماعي)

فرصة.. حركة تصحيحية

وكشفت مصادر من داخل حزب الأصالة والمعاصرة، أن تفويت برنامج "فرصة" لصالح وزارة السياحة التي يرأسها حزب التجمع الوطني للأحرار، كان واحداً من الأسباب الرئيسية لميلاد حركة تصحيحية داخل الحزب.

وبرنامج "فرصة" كما يقول الموقع الذي أنشأته الحكومة لذلك، "يهدف إلى دعم 10000 حامل مشروع سنة 2022، على أساس أن توفر الحكومة سقف 100 ألف درهم (حوالي 10 آلاف دولار) لكل مستفيد.

هذا البرنامج أثار خلافاً داخل الأغلبية الحكومية، حيث كان من المفروض أن يسند تنفيذه والإشراف عليه إلى وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، التي يوجد على رأسها يونس السكوري من حزب الأصالة والمعاصرة، غير أن رئيس الحكومة كلف بها وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، التي ترأسها فاطمة الزهراء عمور، من التجمع الوطني للأحرار.

هذا الإسناد اعتبر بحسب قيادات في حزب الأصالة والمعاصرة، أسرت لـ"عربي بوست" غضباً، اجتمع هو وعدد من الملفات القديمة لينفجر في وجه رئيس الحزب على شكل حركة تصحيحية.

وكان البيان الأول لحركة تصحيح المسار، تتوفر "عربي بوست" على نسخة منه، قد وجه نقداً لاذعاً لممارسات رئيس الحزب الحالي ووزير العدل عبد اللطيف وهبي، حيث رفض ما وصفه بـ"مواقف الأمين العام وموافقته على بعض القرارات كشريك سياسي ضمن الحكومة، سيدفع الحزب ثمنها".

لم يقف الأمر عند معارضي الرئيس الحالي للحزب، فوفق ما علمته "عربي بوست" فإن الغضب طال أعضاء المكتب السياسي الذين اعتبروا إسناد هذا البرنامج "الاجتماعي" لغير الوزير المعني بالإشراف عليه يعني حرمان الحزب من العائد السياسي.

رئيس الحزب وعد ببحث هذا الموضوع مع حلفائه في الأغلبية، مسجلاً في الوقت نفسه أن هناك مشاريع حكومية مقبلة، وأن الحزب أخذ ضمانات بعدم تكرار هذا الحيف بحقه.

المصادر تقول إن هذا الملف لم ينته، وإنه أشبه بنار تحت الرماد، وإن أية ريح قادمة قد تعيد الحياة إلى الجمر.

عزيز أخنوش، رئيس الحكومة المغربية /مواقع التواصل الاجتماعي
عزيز أخنوش، رئيس الحكومة المغربية /مواقع التواصل الاجتماعي

كتاب الدولة

 مصادر من داخل حزب الاستقلال قالت لـ"عربي بوست" إن الحزب يشعر بأنه أكبر ضحية في التحالف الحكومي الحالي، حيث حرم من الحصول على حقائب تتلاءم مع حجمه الانتخابي، خاصة بعدما أخذ ضمانات من رئيس الحكومة، بأنه خلاله سيحصل على نصيب الأسد في تعيين كتاب الدولة.

ويقضي الدستور في المغرب بأن الملك هو من يعين الوزراء وكتاب الدولة، كما جرى العرف بأن تتفق الأحزاب على تحديد لائحة ترشحها للوزارة ترفعها إلى الديوان الملكي للموافقة عليها، قبل صدور التعيين الملكي.

وتابعت مصادر حزب الاستقلال، أن الحزب يشعر بأن رئيس الحكومة تخلى عن الوفاء بعهوده، لأن موضوع كتاب الدولة أصبح خارج اهتماماته.

هذا الملف أصبحت له تداعيات داخلية في حزب الاستقلال، خاصة بعد إلغاء المحكمة الدستورية مقعداً برلمانياً لصالح رئيس فريق حزب الاستقلال بمجلس النواب، والقيادي التاريخي في الحزب، نور الدين مضيان، الذي كان مرشحاً للالتحاق بالحكومة ككاتب دولة.

بعض القيادات رأت في مماطلة رئيس الحكومة، وحكم المحكمة الدستورية، استهدافاً لوجود حزب الاستقلال داخل الحكومة، خاصة بالنظرـ  لما وصفته ـ بأنه عمل يجري داخل الحزب بتواز مع الإعداد للمؤتمر المقبل للحزب، قد ينتهي بمنع أبناء حزب الاستقلال الحقيقيين من التواجد في هيئاته القيادية.

 المحروقات

يمثل موضوع المحروقات أهم قضية تثير الانقسام الحاد داخل الأغلبية الحكومية، خرج الصراع والخلاف إلى العلن، وفشلت كل محاولات الحكومة في تطويقه.

فخلال جلسة مجلس النواب (غرفة أولى) في 16 مايو/أيار 2022، أكد الوزير المكلف بالميزانية بحكومة أخنوش فوزي لقجع، صعوبة العودة لدعم المواد البترولية كما كان عليه الأمر قبل إلغائه سنة 2015.

وقال في معرض رده على البرلمانيين: "إذا أردنا العودة إلى نظام المقاصة علينا أن نقرر وفقاً للدستور إلغاء الاستثمار في البلاد وإلغاء السياسة الصحية والتغطية الاجتماعية، كما لن نجد ما نمول به السياسة الأمنية، وآنذاك سندعم المحروقات ونحافظ على أسعارها".

وزاد لقجع: "ليس من الممكن أن نضع كل القدرات المالية للدولة لحل وضعية طارئة على حساب مصلحة المغاربة في التنمية، وفي إنجاز المشاريع الكبرى التي ينتظر منها تحسين حياة المغاربة على مختلف الأصعدة".

وتساءل: "هل من الممكن أن نتخلى عن مشاريع التغطية الاجتماعية وعن الصحة والتعليم ودعم المقاولة للحفاظ على مناصب الشغل لدعم مواطنين في ثمن المحروقات، وهل من المعقول أن أغلبية المواطنين التي لا تمتلك سيارات خاصة تضيع في حقها في التنمية مقابل استفادة الأقلية من مالكي السيارات الشخصية؟".

تصريحات وزير الميزانية، فوزي لقجع، لم يتأخر الرد الرسمي عليها، حيث خرج وزير العلاقات مع البرلمان والناطق باسم الحكومة مصطفى بايتاس، ليعلن أن ما قاله لقجع لا يعني أن الحكومة اتخذت قراراً في الموضوع.

وقال بايتاس، القيادي البارز بحزب التجمع الوطني للأحرار (حزب أخنوش)، في ندوة صحفية في 19 مايو/أيار الماضي، إن وزير الميزانية قدم كافة السيناريوهات التي ستنتج عن عودة دعم المواد البترولية، مبيناً أن قرار العودة لدعم المحروقات قرار مشترك بين الحكومة والبرلمان.

مصادر "عربي بوست" أكدت أن تصريحات الوزيرين تفسر وجود توجهين داخل الحكومة؛ الأول يدعم عودة نظام المقاصة، يقوده رئيس الحكومة عزيز أخنوش ووزراء حزبه، والثاني يقوده فوزي لقجع ويدعمه فيه وزراء حزب الأصالة والمعاصرة.

“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟

بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى. 

نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”

تحميل المزيد