قالت صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، الثلاثاء 31 مايو/أيار 2022، إن تصدعات بدأت بالظهور في جبهة الدول الغربية التي تواجه روسيا، مع تزايد الانقسام بين حلفاء أمريكا الأوروبيين في ما يتعلق بمواصلة شحن مزيد من الأسلحة القوية لأوكرانيا، حيث يخشى البعض احتمالية أن يؤدي ذلك إلى إطالة أمد الحرب وزيادة تداعياتها الاقتصادية.
الصحيفة لفتت إلى أنه يأتي في قلب هذا الخلاف، تبايُن التصورات حول التهديد طويل الأجل الذي تشكله روسيا، وما إذا كانت أوكرانيا قادرة حقاً على تحقيق الانتصار في قلب المعركة.
هذا الخلاف تقوده كتلتان، الأولى تقودها فرنسا وألمانيا، وتتزايد ممانعة هذه الكتلة حول إمداد أوكرانيا بنوعية الأسلحة الهجومية طويلة المدى، التي يمكن أن تحتاجها لاستعادة الأراضي التي خسرتها أمام الجيش الروسي في جنوب وشرق البلاد.
على الجانب الآخر، ترى واشنطن ولندن ومجموعة تتشكل في الأساس من دول شمال ووسط أوروبا التي كان بعضها جزءاً من الاتحاد السوفييتي سابقاً، أن الهجوم الروسي يشكل نذيراً بمزيد من التوسع من جانب موسكو، مما يجعل من أوكرانيا الجبهة الأمامية في حرب أوسع تضع روسيا في مواجهة الغرب.
كانت قد ارتفعت أصوات هذه الخلافات بين المجموعتين علناً هذا الأسبوع، ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مسؤولين أوروبيين- لم تذكر أسماءهم- قولهم إن هذه الخلافات كانت تتشكل خلال الأسابيع الأخيرة، مع خسارة أوكرانيا أراضي في منطقة دونباس.
تُشير الصحيفة إلى أنه بينما استطاعت الحكومات الأوروبية الاتفاق بصورة جماعية حول تدابير عزل اقتصاد روسيا، وهو أمر لم يكن من الممكن تصوره قبل ذلك، وضمن ذلك حظر غالبية مبيعات النفط الخام الروسي إلى أوروبا، إلا أن الرأي يبدو منقسماً بشدة حول رهانات الحرب وفرص أوكرانيا.
البيانات العامة التي أدلى بها قادة فرنسا وألمانيا والتعليقات الواردة على ألسنة المسؤولين الحكوميين لهذه البلاد، تشير إلى الشكوك التي تنتابهم من قدرة كييف على طرد الروس، وطالبوا بالتفاوض لوقف الأعمال العدائية، مما أثار شكاوى من أوكرانيا من أنها تتعرض لضغوطات كي تقدم تنازلات عن أراضيها.
على الجهة الأخرى، يجادل القادة في دول البلطيق وبولندا ودول أخرى، بأن إمداد أوكرانيا بالأسلحة الثقيلة المتطورة يحمل أهمية كبيرة لعكس اتجاه التقدم الروسي وتوجيه ضربة إلى وجه موسكو تردع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن أي تحرك عسكري في المستقبل.
كان تدفق ملايين اللاجئين الأوكرانيين إلى هذه البلاد قد تسبب في استشعار المواطنين العاديين أثر الحرب من كثب، في حين أن ألمانيا والنمسا وإيطاليا تستشعر الصراع بصفة أساسية عبر ارتفاع أسعار الطاقة.
الصحيفة نقلت عن مسؤول تشيكي (لم تسمه)، قوله: "في كل مكالمة هاتفية، يزداد غضب الوزراء من شمال ووسط أوروبا. هذا يدمر الوحدة. إنه تحديداً ما يريده بوتين وما يمنحه إياه الفرنسيون والألمان".
في مؤشر رمزي أيضاً على الخلاف، فإنه عكس ما فعله قادة بريطانيا وبولندا ودول البلطيق وقادة عديد من دول وسط أوروبا، لم يزر قادة فرنسا وألمانيا كييف حتى الآن، فضلاً عن أن المستشار الألماني، أولاف شولتز، حذّر مراراً من أن الصراع يمكن أن يؤدي إلى حرب عالمية وإبادة نووية.
داخل ألمانيا، يدعم نحو 70% من الألمان السياسة الحذرة التي يتبعها شولتز، وذلك وفقاً لاستبيان Forsa في مايو/أيار، وأوضح الاستبيان أن 46% من الألمان يخشون أن يرفع إيصال الأسلحة الثقيلة إلى أوكرانيا مخاطر انتشار الحرب خارج أوكرانيا، وأظهرت استبيانات أخرى في إيطاليا وفرنسا شكوكاً مماثلة.
من جانبهم، يرفض المسؤولون الفرنسيون والألمان الاتهامات بأنهم لا يقدمون إلا القليل أو أنهم يضغطون على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لتقديم تنازلات.
بدوره، قال وزير شؤون المستشارية الألمانية، فولفغانغ شميدت، إن "ألمانيا وفرنسا تتفقان مع الولايات المتحدة وكندا وأوروبا الغربية في ما يتعلق بالحرب في أوكرانيا"، وأوضح أنه كانت "هناك بعض الاختلافات في الرؤى بين برلين والدول الأخرى بوسط وشرق أوروبا، لكنها لا تتعلق بتقييمهم للخطر الذي يشكله بوتين".
شميدت حذّر في ندوة نقاش عُقدت مؤخراً في برلين، قائلاً: "إذا لم نواجه طموح بوتين بطريقة حاسمة ومتحدة، فسوف ينتشر الصراع إلى جمهورية مولدوفا وجورجيا، بل وكذلك إلى غرب البلقان".
يُذكر أنه في 24 فبراير/شباط 2022، أطلقت روسيا هجوماً على أوكرانيا تبعه رفض دولي وعقوبات على موسكو التي تشترط تخلي كييف عن خطط الانضمام إلى كيانات عسكرية، وهو ما تعدّه الأخيرة تدخلاً في سيادتها.