تركيا تحارب ارتفاع إيجارات المنازل.. الحكومة تقر تسعيرة محددة وتخطط لبيوت معفية من الضرائب

عربي بوست
تم النشر: 2022/05/25 الساعة 10:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/05/25 الساعة 10:17 بتوقيت غرينتش
ارتفاع إيجارات المنازل في تركيا

اجتمعت 3 وزارات تركية لمناقشة الخطة المقترحة من قبل الحكومة للسيطرة على ارتفاع إيجارات المنازل، خاصة في المدن التركية الكبرى، مثل إسطنبول وأنقرة وإزمير.

وعقد وزراء العمران والتغيير المناخي والعدل والمالية، إضافة للجان المختصة في البرلمان التركي، اجتماعاً مغلقاً، ليل أمس، لبحث مختلف الحلول لضبط عملية تسعير المنازل المعروضة للإيجار، عبر مشاركة الشركات الخاصة والبلديات.

وتدرس الحكومة التركية خارطة طريق لوقف الزيادات الباهظة في إيجارات المنازل داخل المدن التركية؛ عبر تحديد مبلغ الإيجار، والتصنيفات الاقتصادية في إيجارات المساكن؛ حسب كل منطقة  في المدن التركية.

وتنص الخطة على أنه لن يمكن لصاحب المنزل طلب زيادة أعلى من الرقم المحدد من قبل البلديات؛ التي ستتولى الإشراف على عملية التسعير وتنفيذها ومتابعتها؛ بجانب الوزارات المعنية بالعملية ذاتها.

وناقشت الحكومة التركية الخطة المقترحة مع أعضاء حزب العدالة والتنمية الحاكم، وخلصت إلى أن زيادة الإيجارات في تركيا سببها بالدرجة الأولى وجود المضاربين الذين يسعون للحصول على أعلى ربح، بغض النظر عن مشروعيته.

وركزت المناقشات على ما إذا كان يمكن فرض قيود على الإيجارات وفقاً لقواعد اقتصاد السوق الحر، وما إذا كان ذلك سيؤدي إلى مشكلات؛ بهدف منع الزيادة في الإيجارات، وتوفير إيجار مناسب للمواطنين من ذوي الدخل المنخفض، وحماية كلٍ من المستأجر والمالك.

ارتفاع إيجارات المنازل

وتنص الخطة التركية كذلك على أن تقوم البلديات المحلية ووزارة الإسكان ببناء منازل للإيجار، كما هو الحال في العديد من المدن الأوروبية؛ التي تمكِّن الشركات من إنتاج منازل أو أماكن عمل، بشرط أن يتم تأجيرها لفترة زمنية معينة.

وفي النسخة التركية من هذه التجربة ستتولى شركة  TOKİ والبلديات، بناء مساكن منخفضة التكاليف للإيجار فقط، مع إمكانية تطبيق إعفاءات ضريبية على تلك المساكن، بما يجعلها أقل تكلفة من نظيراتها في السوق.

وتقترح الخطة التركية أيضاً أن تكون عقود الإيجار في المساكن الجديدة لمدة تصل إلى 5 سنوات، على أن يتمكن المالك من تحديد إيجار جديد للمسكن إذا رغبوا في ذلك بعد 5 سنوات.

الخطة التركية، وبحسب جريدة صباح، تم اقتباسها من التجربة في هولندا؛ حيث قررت الحكومة التدخل في أسعار المساكن المؤجرة في السوق الحرة من أجل حماية الفئات ذات الدخل المتوسط ​​من إيجارات المنازل المتزايدة بسرعة بسبب نقص المساكن.

ونجحت الحكومة الهولندية بذلك في منع الملاك من تأجير منازلهم بأسعار باهظة أعلى من القيمة التي تحددها الحكومة؛ بحسب إعلان وزير الإسكان والتخطيط الهولندي هوغو دي جونج، وفيها تم تحديد الإيجارات الشهرية في الفئة الأعلى بقيمة تصل إلى 1250 يورو.

وفقًا لخطة الحكومة الهولندية؛ يتم تقديم نظام تسجيل للمنازل في السوق الحرة، مثل الإسكان الاجتماعي الذي تستأجره البلديات للفئات ذات الدخل المنخفض، والذي يصل إيجاره إلى 763 يورو.

كما يتم تسجيل النقاط وفقاً لميزات معينة مثل حجم المنازل وعدد الغرف، وسيتم تحديد الحد الأقصى لسعر الإيجار بين 1000 و1250 يورو، وفقًا لدرجة المنازل المستأجرة في السوق الحرة، باستثناء الإسكان الاجتماعي.

أردوغان يتعهد

وتعهد الرئيس رجب طيب أردوغان بترتيبات لتعزيز القوة الشرائية للمواطنين ذوي الدخل المحدود، وقال إن الحكومة تدرك الصعوبات الناجمة عن ارتفاع تكاليف المعيشة، وتعمل على حلها.

وأعلن أردوغان، مطلع شهر مايو/أيار الجاري، عدة إجراءات لمعالجة ارتفاع أسعار العقارات، فيما يكافح السكان للعثور على منازل بأسعار معقولة للإيجار أو الشراء.

ووصل معدل التضخم السنوي في تركيا، مدفوعاً بارتفاع أسعار الطاقة والغذاء والمساكن، أعلى مستوى له في 20 عاماً، ليبلغ 70% تقريباً.

كما أدى ارتفاع أسعار السلع الأولية، فضلاً عن الاجتياح الروسي لأوكرانيا الذي تسبب بارتفاع أسعار الغاز والنفط والحبوب، إلى تفاقم الوضع في تركيا التي تستورد الطاقة.

وفي حديثه بعد اجتماع مجلس الوزراء، أكد أردوغان تصميم الحكومة على معالجة ارتفاع الأسعار قائلاً إنهم سيعملون على تحسين القوة الشرائية للأسر ذات الدخل المنخفض، من خلال إجراءات سيتم العمل بها اعتباراً من يوليو/تموز القادم.

وأضاف: "ندرك تراجع القوة الشرائية لمواطنينا من ذوي الدخل المنخفض، ونحاول تعويض هذا التراجع بالزيادات التي حققناها في الأجور".

وقال أردوغان إنه سيتم تقديم قروض سكنية أرخص لأولئك الذين يحولون مدخراتهم من النقد الأجنبي إلى الليرة التركية، أو يبيعون ما يملكون من الذهب للبنك المركزي لاستخدامه في شراء منازل تصل قيمتها إلى مليوني ليرة تركية، أو ما يعادل 130 ألف دولار؛ موضحاً أن أسعار الفائدة على القروض ستكون 0.89% شهرياً، مع آجال استحقاق تصل إلى 10 سنوات.

ارتفاع كبير في سوق العقارات

وتشهد السوق العقارية التركية ارتفاعاً كبيراً في إيجارات المنازل، وبشكل خاص في المدن الكبرى، والمدن التي تحوي الجامعات والمؤسسات التعليمية.

وتشير الإحصائيات إلى ارتفاع في الإيجارات بنسبة 40% في عموم تركيا، كما وصلت الزيادة في الإيجارات إلى نسبة 50% في المدن التي تستضيف أعداداً كبيرة من الطلاب، مثل كوجايلي، وأسكي شهير، وأرضروم، وقونيا، وبورصة، وغيرها من المدن الأخرى. 

ووصلت نسبة الزيادة في المناطق المركزية التابعة للمدن الكبرى مثل أنقرة وإزمير إلى ما يقارب 100%، أما إيجار الشقق في إسطنبول فقد تصدرت المدن التركية في ارتفاع أسعارها، بنسبة وصلت إلى ما يقارب 300% في بعض مناطقها.

يؤكد الخبراء أن ارتفاع الإيجارات ليس أمراً مفاجئاً، إنما هو أمر امتد تأثيره من العامين الماضيين إلى الآن، وكان من الأسباب الأساسية التي أدت إلى هذا الارتفاع هو الزيادة في الطلب، وبشكل خاص بعد بدء رفع القيود التي فرضتها جائحة كورونا، تزامناً مع تباطؤ في الإنشاءات الجديدة التي أوقفت ظروف كورونا بعض أعمالها.

مناطق وأحياء إسطنبول في الصدارة

ووفقاً لتقرير أعدته منصة Hepsiemlak العقارية، يبحث تغيرات الإيجارات السنوية في تركيا، خلال عام من يوليو/تموز 2021، تصدرت إسطنبول الولايات التركية من حيث الارتفاع في إيجارات المنازل في بعض مناطقها.

وقد احتلت منطقة ساريير المرتبة الأولى بين هذه المناطق، بنسبة زيادة بلغت 290% في حي روملي حصار التابع لهذه المنطقة، تلتها في المرتبة الثانية منطقة بشكتاش، بمعدل زيادة بلغ 238%، وجاءت منطقة كاديكوي في المرتبة الثالثة بنسبة زيادة بلغت 150%.

لا إيجار ولا شراء

في السياق شهدت أسعار العقارات في تركيا ارتفاعاً ملحوظاً، خلال الفترة الأخيرة، بسبب حالة "الذعر"، حيث يتجه الأشخاص إلى البيع والشراء بحسب تقرير لجريدة "حرييت" التركية.

وقال رئيس شركة "Coldwell Banker Turkey" جوخان تاس، إنّ السبب في استمرار ارتفاع أسعار العقارات في تركيا، هو أن معظم الأشخاص يعرضون منازلهم في السوق من أجل شراء منزل آخر، ونظراً لارتفاع سعر المنزل الذي يرغبون في شرائه، فإنهم في المقابل يطلبون أسعاراً أعلى للعقارات التي ينوون بيعها.

وأضاف أن المواطنين يتجهون إلى العقارات لمواجهة التضخم المرتفع أيضاً، وذلك لحماية مدخراتهم، الأمر الذي يؤدي إلى طلب إضافي على المنازل.

وأوضح أنه مع توقّع ارتفاع الأسعار أكثر، يُنفّذ الشخص عملية شراء المنزل بسرعة أكبر، مشيراً إلى أنهم يدفعون الآن 5 ملايين ليرة تركية مقابل منزل قيمته الفعلية 3 ملايين ليرة، وعليه ترتفع أسعار العقارات الأخرى، وبيّن أن نقص المنازل المعروضة يعدّ أكبر مشكلة تواجه سوق العقارات، وهو ما يؤدي أيضاً إلى زيادة أسعار المساكن وأسعار الإيجارات.

وأفاد خبراء آخرون أن الطلب الكبير ونقص العرض يعد أحد أسباب ارتفاع الأسعار في سوق المنازل المستعملة، مشيراً إلى أن أسعار المنازل الجديدة ارتفعت بسبب ارتفاع التكاليف، ونظراً لأن العديد من الأشخاص لا يستطيعون شراء منازل جديدة، فإن الطلب يكون على العقارات المستعملة، وأكد الخبراء أن نسبة مبيعات المنازل المستعملة تشكل 70% من إجمالي مبيعات المنازل في تركيا.

وقال هاكان أكدوجا من جمعية "TÜGEM" للاستشارات العقارية إن بائعي المنازل المحتملين ينظرون إلى سعر المنازل المبنية حديثاً عندما يحددون السعر المطلوب لمنازلهم الحالية.

وفي فبراير/شباط الفائت، ارتفعت مبيعات العقارات في تركيا للأجانب بنسبة 56.5% على أساس سنوي، وفقاً لآخر بيانات معهد الإحصاء التركي "TÜİK".

علامات:
تحميل المزيد