ذكرت مصادر مطلعة لـ"عربي بوست" أن الجزائر تستعد لاستقبال ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، دون الكشف عن موعد الزيارة بالضبط.
وحسب المصدر الحكومي المطلع؛ فإن زيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان الأخيرة للجزائر، ولقاءه بنظيره رمطان لعمامرة والرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بقصر المرادية، كان يتعلق بالتحضير لهذا الأمر.
ورجح المصدر أن تكون زيارة محمد بن سلمان بعد زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للجزائر، عقب عودة الرئيس الجزائري من إيطاليا التي سيزورها هذا الأسبوع.
النفط والحرب الأوكرانية
خلال زيارته للجزائر، أكد وزير الخارجية السعودي، عقب لقائه بالرئيس الجزائري، على أن الرياض والجزائر تنسقان مواقفهما إزاء القضايا الإقليمية والدولية تحت مظلة الجامعة العربية، والاقتصادية على مستوى منظمة أوبك.
ويعرف عن الجزائر والمملكة العربية السعودية أنهما دولتان فاعلتان في منظمة أوبك الخاصة بالدول المصدرة للنفط.
وأظهرت الحرب الروسية الأوكرانية أن البلدين يحملان تقريباً وجهات النظر نفسها لحل الأزمة.
وإذ كان موقف الجزائر من الحرب على أوكرانيا منحازاً بعض الشيء لروسيا، فذلك مفهوم بالنظر إلى العلاقات الاستراتيجية التي تربطها بموسكو.
لكن الموقف السعودي كان مفاجئاً للعالم، لا سيما أنه وصل إلى درجة رفض طلب لجو بايدن يتعلق برفع إنتاج النفط لضمان عدم جنون الأسعار.
وتحدثت وسائل إعلام أمريكية عن رفض ولي العهد السعودي الرد على مكالمة من البيت الأبيض، فيما تواصل محمد بن سلمان مع بوتين هاتفياً لبحث سبل وقف الحرب.
وبالنظر إلى هذه المواقف الجديدة للمملكة، فيبدو أنها باتت أقرب بكثير إلى الخيارات الاستراتيجية الجزائرية، وهو ما يعزز العلاقات الثنائية بين البلدين، خاصة في حال تأكد زيارة محمد بن سلمان للقاء تبون، حسب ما أشار محللون جزائريون.
اجتماع الجامعة العربية
من جهتها، تسعى الجزائر لضمان مشاركة سعودية على أعلى مستوى في القمة العربية التي ستعقد بالجزائر في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، بالنظر إلى ثقل المملكة وتأثيرها على بعض الدول في منطقة الخليج والشرق الأوسط على غرار مصر.
وتريد الجزائر أن تكون القمة العربية التي ستعقد على أرضها أنجح القمم خلال العقدين الماضيين، لترسم بذلك عودة قوية لدبلوماسيتها وتأثيرها الإقليمي والدولي، الذي تراجع لسنوات طويلة بسبب مرض الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
ورغم أن العلاقات الثنائية بين الرياض والجزائر تعيش مرحلة زاهية، إلا أن البلدين لا يتفقان في الملف السوري؛ إذ ترفض المملكة عودتها إلى الحضن العربي، فيما تضع الجزائر ملف عودة دمشق إلى الجامعة العربية على رأس أولوياتها.
بن سلمان يزور الجزائر.. وملف الوساطة مع المغرب
كانت وسائل إعلام فرنسية ومغربية تحدثت عن سعي المملكة العربية السعودية لإطلاق وساطة لتطبيع العلاقات بين الجزائر والمغرب، وربطت زيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى الجزائر بذلك المسعى.
يذكر أن الملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز هو من وضع أولى لبنات المصالحة التاريخية بين المغرب والجزائر، خلال تنظيم مؤتمر القمة الإسلامية الثالث الذي عقد سنة 1987 بمكة المكرمة، حيث شهد مصافحة زعيمي البلدين أمام باب الكعبة.
وأظهر الطرفان آنذاك تجاوباً كبيراً تقديراً لدور الملك السعودي التاريخي، كما استكمل الملك فهد تلك المصالحة عبر عقد لقاء مشترك بين الحسن الثاني والشاذلي بن جديد في خيمة نصبت على الحدود بين البلدين عام 1989.
لكن وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة نفى تلك المزاعم، قائلاً: إن السعودية لم تعرض أي وساطة بشأن تطبيع العلاقات مع المغرب، مؤكداً في السياق ذاته أن بلاده لن تقبل بأي وساطة إلى حين زوال أسباب الخلاف مع الرباط.
تقارب بين الجزائر والسعودية
لم تعرف العلاقات السعودية الجزائرية من قبل توتراً أو حتى فتوراً؛ إذ تنظر الجزائر للرياض على أنها القاطرة الأمامية بمنطقة الخليج، وترى المملكة في الجزائر أهم دولة في منطقة المغرب العربي.
ورغم التقارب الجزائري الإيراني، ظلت الجزائر دائماً ترفض المساس بأمن المملكة العربية السعودية؛ إذ أدانت عدة مرات الهجمات الحوثية على المنشآت النفطية السعودية.
وقال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، خلال زيارته إلى قطر قبل أسابيع، إن أي مساس بأمن دول الخليج، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، سيكون مساساً بأمن الجزائر، في إشارة قوية لمدى وطادة العلاقات بين البلدين.
وكان الرئيس الجزائري اختار السعودية أول وجهة بعد توليه الحكم، والتقى خلال الزيارة بالملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده محمد بن سلمان.
دين يجب أن يوفى
لا يمكن لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي يتهيأ لاستلام السلطة من والده وفق ما أوردته وكالة رويترز قبل أيام، أن ينسى وقوف الجزائر معه في حادثة قتل الصحفي جمال خاشقجي، التي كادت أن تعصف بمستقبله السياسي.
وكان محمد بن سلمان يسعى لتبييض صورته بعد أن أصبح مادة دسمة لوسائل الإعلام العالمية، بعد اعتراف بلاده بمسؤوليتها عن قتل جمال خاشقجي.
وكانت الجزائر من بين الدول القليلة التي وافقت على استقباله في عز تلك الأزمة، حيث زارها بن سلمان رغم مرض الرئيس الجزائري وقتها عبد العزيز بوتفليقة.
والتقى ولي العهد السعودي بكبار المسؤولين في الدولة، وحظي باستقبال كبير خلال اليومين اللذين قضاهما في الجزائر.