فرضت الهند قانوناً جديداً على المسلمين في كشمير، من شأنه أن يجعل كل حياتهم مراقبة، وذلك من خلال إجبار أصحاب المحال على تجهيز متاجرهم بكاميرات متطورة، وعلى تكلفتهم الخاصة، في خطوة قال نشطاء إنها ترمي إلى وضعهم تحت المراقبة بتمويل خارجي.
وتواجه الحكومة الهندوسية القومية برئاسة ناريندرا مودي صعوبات في إحكام قبضتها على المنطقة ذات الغالبية المسلمة، حيث يرفض قسم كبير من السكان أن تكون منطقتهم جزءاً من الهند.
وينتشر نصف مليون جندي في الشطر الخاضع للسيادة الهندية من المنطقة المتنازع عليها مع باكستان والتي شهدت في العام 2019 حملة أمنية قمعية تخلّلها فرض قيود غير مسبوقة على التحركات الاحتجاجية والحريات الإعلامية.
الكاميرات في كل شوارع كشمير
وبالفعل أصبحت كاميرات المراقبة منتشرة تقريباً في كل شوارع سريناغار، أكبر مدينة في كشمير، وفي غيرها من المدن.
والشهر الماضي أمرت السلطات المحلية أصحاب المحال بتزويد متاجرهم بكاميرات مراقبة (سي.سي.تي.في) على نفقتهم الخاصة لمؤازرة الشرطة في مراقبة تحركات السكان.
وجاء في نص القرار أن الخطة ترمي على حد زعمهم، إلى "ردع المجرمين (و) العناصر المناهضة للمجتمع وللقومية"، محدداً الحد الأدنى للمعايير في ما يتعلق بنوعية الكاميرات وقدراتها لا سيما على صعيد المدى والأشعة تحت الحمراء.
يفترض أن تبقى الكاميرات في وضعية تشغيل طوال الوقت بما يمكّن "الشرطة وأي وكالة أخرى تعنى بإنفاذ القانون" من طلب ما سجّلته على مدى 30 يوماً من دون أمر قضائي.
أما من يرفض هذه الأوامر فستفرض عليه غرامة، أو سيودعون الحبس لمدة شهر، حيث دخلت هذه الأوامر حيز التنفيذ في نيسان/أبريل.
تكلفة الكاميرات ترهق السكان
وقال وكلاء أنظمة مراقبة ينشطون في سريناغار لوكالة الأنباء الفرنسية، إن معايير أنظمة "سي.سي.تي.في" للمراقبة ستكلّف كلاً من متاجر كشمير- وهي بالآلاف- ما يصل إلى 40 ألف روبية (524 دولاراً).
وبسبب الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي في المنطقة، سيتعين على أصحاب المحال أن يغطوا أيضاً نفقات تأمين بطارية بما يضمن عدم انقطاع التسجيلات.
وقال بلال أحمد، الذي يدير محلاً لبيع المثلجات في السوق الرئيسية في سريناغار إنه "غير قادر على تحمل نفقات المواصفات الواردة في القرار وسط تراجع حركة البيع".
أحمد أضاف أنه ينتظر ليرى ما إذا كان سيتقيّد آخرون بالأوامر ليحسم قراره، علماً بأن الكثيرين باشروا تجهيز محالهم بالكاميرات تجنّباً للغرامة والعقوبة.
وخلال تجهيز متجره بكاميرا للمراقبة قال صاحب أحد المحال في سريناغار طالباً عدم كشف هويته خوفاً من التعرّض لرد فعل انتقامي من جانب السلطات: "إنه قرار خاطئ. لكن إن كان هذا هو ما يريدون يتعين على الحكومة أن تغطي كلفته".
تقنيات مراقبة
يخوض المسلمون في كشمير منذ أكثر من ثلاثة عقود معارك في مواجهة القوات الهندية سعياً للاستقلال أو إلحاق المنطقة بباكستان التي خاضت حربين مع الهند للسيطرة على الإقليم.
بعد عام 1947 حينما كانت كشمير مقسّمة بين الهند وباكستان اللتين كانتا قد نالتا للتو استقلالهما، شنّت الشرطة حملة لمصادرة أجهزة الراديو في منازل يستمع قاطنوها لمحطات إذاعية باكستانية.
أما في العام 2019 ألغت حكومة مودي الحكم شبه الذاتي للمنطقة، وأوقفت السلطات آلاف الأشخاص وقطعت الإنترنت عن المنطقة لفترة هي الأطول في العالم لمنع أي انتفاضة محلية.
كما فرضت أيضاً إطاراً أمنياً صارماً جعل قيام احتجاجات شعبية أمراً شبه مستحيل.
في هذا السياق قال آكار باتيل، المدير السابق لمنظمة العفو الدولية في الهند، إن قرار فرض كاميرات المراقبة يعد "تطوراً مثيراً للقلق".
باتيل قال إن القرار سيشرّع "المراقبة الكاملة لحياة المدنيين بما يهدد حقّهم الإنساني بالخصوصية وحرية التجمّع والاستقلالية والكرامة".