على وقع فشل الجيش الإسرائيلي في كسر موجة العمليات الأخيرة التي تضرب الداخل الإسرائيلي؛ تدرس القيادة العسكرية في جيش الاحتلال خيار اللجوء لسلاح الطيران، لتنفيذ مهمات خاصة لمساندة قوات الجيش أثناء اقتحامها مدن ومخيمات الضفة الغربية.
فيما أفادت صحيفة هاآرتس العبرية، أن مقتل الضابط نعوم راز من وحدة "اليمام"، التي تعتبر من أبرز وحدات القوات الخاصة في الجيش الإسرائيلي، أثناء اقتحامها الأخير لمخيم جنين، في 13 مايو/أيار 2022، دفع بمسؤولي الجيش إلى طرح فكرة الاستعانة بسلاح الطيران، كالطائرات العمودية والطائرات المسيرة، لمساندة القوات الخاصة أثناء تنفيذ مهامها القتالية في مدينة جنين.
العودة لسياسات الاغتيال
ويتعلق الأمر وفقاً للصحيفة بالاستعانة بالطائرات العمودية ذات المهام الهجومية من نوع أباتشي، هليكوبتر، بالإضافة للطائرات المسيرة من نوع "كواد كابتر"؛ لتأمين الجنود أثناء عمليات تبادل إطلاق النار، وتغطية الانسحاب فور انتهاء العمليات، بهدف تقليل الخسائر في صفوف القوات، وعدم تكرار حادثة مقتل الضابط نعوم راز مرة أخرى.
وأفادت القناة 12 العبرية أن استخدام المروحيات في ساحة الضفة الغربية حدث في الماضي لعمليات الاغتيال ضد نشطاء المقاومة الفلسطينية، وتحديداً في عملية السور الواقي في عام 2002، ومنذ ذلك الحين تلجأ قوات الأمن، وتحديداً قوات حرس الحدود، لسلاح الطيران في ملاحقة مهربي السلاح والمتسللين على الحدود الأردنية واللبنانية وفي الجنوب مع مصر.
فيما قدم الجيش توصياته للمؤسسة السياسية بأنه يمتلك القدرة على استخدام سلاح الطيران في حال استدعى الأمر ذلك، عبر أساليب خاصة كالطائرات الانتحارية، والطائرات التي تحمل القنابل المتفجرة، التي تمتلك القدرة على ضرب الأهداف بدقة.
جاء طرح هذه الفكرة، التي لا تزال قيد الدراسة، أثناء اجتماع المجلس الوزاري الأمني المصغر "الكابينيت"، الذي ناقش إمكانية تغيير قواعد إطلاق النار خلال العمليات التي يقوم بها الجيش في مناطق الضفة الغربية، بالإضافة لقرارات أخرى جرى التصديق عليها كإبعاد أهالي منفذي العمليات إلى قطاع غزة، وحظر دخولهم إلى أراضي الداخل.
اللجوء لسلاح الطيران في جنين
ويفيد مسؤولو الجيش أن قتل الضابط "راز" يمثل حدثاً يستدعي بالضرورة خيارات أكثر أماناً لتأمين حياة الجنود والقوات الخاصة، التي باتت هدفاً سهلاً للمقاومة الفلسطينية، ونظراً لعدم قدرة الجيش على الدخول في أزقة المخيمات بسبب المخاطر الكبيرة.
فيما أفاد موقع "واللا" العبري، نقلاً عن ضابط كبير في الجيش، قوله إن الاقتحامات الأخيرة لمخيم جنين تعرضت قوات الجيش خلالها لإطلاق نار كثيف بآلاف الرصاصات من الذخيرة الحية، وظهر إطلاق النار بأنه غير خاضع للسيطرة وغير منضبط، وعلى مسافات قريبة جداً؛ ما يستدعي إعادة النظر في طريقة تنفيذ الجيش لاقتحام المخيم؛ لأن كلفة الخسائر من الآن فصاعداً ستكون أكبر بكثير مما واجهناه. وفق قوله.
وأطلق رئيس الوزراء نفتالي بينيت، الثلاثاء 17 مايو/ أيار 2022، أثناء زيارته لقاعدة فرايم العسكرية في مدينة قلقيلية شمال الضفة الغربية، دعوة صريحة ومباشرة لقوات الجيش بقتل كل من يشتبه به بمحاولة تنفيذ عملية تؤدي إلى إلحاق الضرر بالمواطنين الإسرائيليين، بكل أنواع الأسلحة، وهو ما يعتبر تفويضاً مباشراً من أعلى هرم المؤسسة السياسية في إسرائيل لممارسة الإعدامات الميدانية حتى بدعوى الاشتباه.
الرغبة في حسم سريع للمعركة
عصمت منصور، الخبير المختص في الشؤون الإسرائيلية، قال لـ"عربي بوست": إن "منظومة الأمن في إسرائيل لم تعد تحتمل استمرار الوضع الراهن بهذا الشكل؛ لذلك تطرح فكرة توسيع رقعة الاشتباكات مع الفلسطينيين عبر اللجوء لأساليب الاغتيال من الجو عبر سلاح الطيران، وهذا أمر يعني الرغبة لدى الجيش في حسم سريع لهذه المواجهة في مدينة جنين بشكل خاص، خشية أن تتحول جنين إلى ظاهرة تعمم في كافة مناطق الضفة الغربية، وبالتالي رفع كلفة التحديات أمام الجيش الذي قد يضطر إلى شن عملية موسعة كالسور الواقي2؛ ما يعني خسائر أكبر في قوات الجيش؛ لأنها ستضطر إلى الدخول في أزقة المخيمات لتفكيك الخلايا العسكرية".
القلق الإسرائيلي يتمثل في عدم نجاعة الخطط العسكرية التي أقرت مؤخراً، لاحتواء الوضع المتوتر في جنين، التي باتت تمثل ساحة استنزاف للجيش، ففي بداية الأمر فرضت إسرائيل حصاراً اقتصادياً على المدينة، ولكنه لم ينجح في وقف موجة العمليات التي كان آخرها عملية "إلعاد" التي أوقعت 3 قتلى من الإسرائيليين في 5 مايو/ أيار 2022.
تباعاً قررت إسرائيل الدخول للمدينة عبر قوات خاصة لاعتقال المطلوبين، أو لتنفيذ عمليات هدم منازل منفذي العمليات، ولكنها في كل مرة تواجه تصدياً من المقاومين الفلسطينيين لهذه القوات، دون أن تحقق إسرائيل أهدافها من هذه العمليات الخاصة.
بموازاة ذلك، تواجه إسرائيل حالة استنزاف بسبب استدعاء آلاف الجنود لتأمين نقاط العبور والثغرات على الجدار الفاصل، وهو ما يبقي الجيش في حالة استنفار على مدار الساعة؛ ما يؤثر بصورة سلبية على أداء الجيش القتالي بسبب الإرهاق المستمر لقواته التي تؤمّن مئات الكيلومترات من الحدود مع الضفة الغربية.