أظهرت الانتخابات التي شهدتها الولاية الأكثر اكتظاظاً بالسكان في ألمانيا مزيداً من التراجع في دعم الأحزاب الشعبوية في اليمين واليسار المتطرفين، وأثارت تساؤلات حول شعبية المستشار أولاف شولتز، ورسخت سلطة حزب الخضر المتنامية، وفق ما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانية، الإثنين 16 مايو/أيار 2022.
إذ أصبح الاتحاد الديمقراطي المسيحي من يمين الوسط برئاسة حاكم الولاية الحالي، هندريك فوست، أقوى حزب في ولاية شمال الراين وستفاليا، بعد فوزه بنسبة 35.7% من الأصوات، فيما جاء الحزب الديمقراطي الاشتراكي في المرتبة الثانية بـ26.7% من الأصوات، وهي أسوأ نتيجة له في حقبة ما بعد الحرب.
تراجع اليمين المتطرف في ألمانيا
جاءت النتائج الانتخابية في ولاية شمال الراين وستفاليا مشابهة لنتائج ولاية شليسفيغ هولشتاين الواقعة في أقصى شمال ألمانيا؛ حيث تمكن حزبا الاتحاد الديمقراطي المسيحي والخضر أيضاً من تحقيق مكاسب كبيرة، ومن المتوقع أن يستمرا في الحكم في تحالف ثلاثي مع الحزب الديمقراطي الحر.
فيما حقق الحزب الديمقراطي الاشتراكي أسوأ نتيجة له في حقبة ما بعد الحرب؛ حيث حصل على 16% فقط من الأصوات.
الصحيفة البريطانية قالت إنه في تناقض ملحوظ مع الانتخابات الفرنسية الأخيرة التي أظهرت زيادة قوة اليمين المتطرف واليسار المتطرف، أظهرت انتخابات الولايتين تراجع دعم حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف (AfD) وحزب اليسار Die Linke.
بينما شهد حزب البديل من أجل ألمانيا خسائر بنقطتين مئويتين في شمال الراين وستفاليا وتراجع إلى ما دون عتبة 5% الانتخابية في ولاية شليسفيغ هولشتاين، في حين لن يحظى حزب اليسار بتمثيل في البرلمان بالولايتين.
الحرب في أوكرانيا كان لها دور
لعل الاتهامات باسترضاء بوتين كانت أحد العوامل التي ساهمت في هذه الخسارة؛ إذ كانت مجموعتا حزب البديل من أجل ألمانيا وحزب اليسار الوحيدتين اللتين صوَّتتا ضد إرسال أسلحة ثقيلة إلى أوكرانيا في البوندستاغ (البرلمان الاتحادي) في نهاية أبريل/نيسان.
على أن تراجع شعبية الحزبين اللذين تتعارض مواقفهما في معظم القضايا بخلاف روسيا، تسبق الحرب في أوكرانيا.
فحزب البديل من أجل ألمانيا، الذي صعد إلى المشهد السياسي في ألمانيا بعد تعهده برد شعبوي قوي بعد أزمة منطقة اليورو وتدفق اللاجئين السوريين عام 2015، عانى من خسائر في آخر ثمانية انتخابات ولايات متتالية، تشمل الأجزاء الشرقية من ألمانيا مثل برلين، ومكلنبورغ فوربومرن وساكسونيا أنهالت.
من جهة أخرى، بدا حزب اليسار تائهاً بعد نجاحه بصعوبة في دخول البرلمان الاتحادي في سبتمبر/أيلول الماضي بفضل بند خاص للأحزاب التي لديها ثلاثة تفويضات مباشرة على الأقل. وخسر الحزب، المنقسم داخلياً بين الرسائل الشعبوية الصاخبة من عضوته البارزة ساهرا واجنكنخت وفصيل أكثر براغماتية، في سبعة انتخابات متتالية.
تأتي الضربة المزدوجة للحزب الديمقراطي الاشتراكي بعد ستة أشهر بقليل من فوز شولتز وحزبه في الانتخابات الوطنية، بعد أن نجح الرجل الهادئ في تقديم نفسه كقائد يسير على خُطى المستشارة المنتهية ولايتها أنجيلا ميركل.
غير أن حرب روسيا على أوكرانيا حوَّلت بعض مواطن الجذب لشولتز إلى سلبيات؛ إذ يتهمه معلقون بالفشل في اتخاذ موقف واضح من صادرات الأسلحة أو حظر الطاقة.